الأربعاء، 3 أبريل 2019

مبحث الميتافيزيقا عند هايدغر - محمد المزوغي

 يَكِنّون عداء مَرَضيّا للفكر الغربي أو يرغبون في إقصائه على أساس أنه فكر دخيل لا يتماشى مع ثقافتنا العربية الإسلامية. العالم الإسلامي يَتميّز عن الغرب المسيحي بروحانياته وتديّنه وأخلاقه الإنسانية العالية، في حين يَلهث الغرب نحو المادّة ويتشبّث بالأشياء الزائلة، ناسيا الأهمّ، أي الروح وغير مُعتنٍ بمقوّمات الدين الحقّ والأخلاق السّليمة. هذه التخمينات الرائجة في كثير من أوساط شبه المثقفين الأصوليين،
أصبحوا من دعاة صراع الحضارات 
إنهم يرون أن الفكر الغربي الديمقراطي بعيد كلّ البعد عن الفكر المتأتي من الشعوب الأخرى وغريب عن تقاليد الشرق، وبالأخصّ الشرق الإسلامي الذي بَقي على علاّته وبطبيعته سجين اللاعقل والدكتاتورية وعبادة الأشخاص.
عالمنا العربي الإسلامي الذي كثيرا ما كُبتت فيه الروح النقدية
 يستغلّ الظلاميّون مكاسب الحداثة لتوجيهها ضدّ الحداثة ذاتها، أو أن يستثمروا النقد الموجّه لأعلام الفلسفة الغربية لصالح تمرير خطابهم الرّجعي.
 عملية تحطّ من الفكر العربي وتُجهض صيرورته التقدّميّة من الأساس. فعلا، أن يستحوذ أحدهم على مكاسب النقد ويستغلّها لصالح تمرير خطابه اللاعقلاني،

إذا قصدنا بالميتافيزيقا كل تصور للعالم  يفترض وجود كائنات روحانية متعالية خارج هذا الكون تتدخل في شأنه، وتسيّره وترعى مصيره بما فيه الإنسانية، الكل أو جزء منها، فإن الميتافيزيقا قد وُجِدت في كلّ العصور وعند كل الشعوب حتى تلك التي يدعوها علماء الإناسة المحدثين، بالبدائية. ويمكن الافتراض بأنه، حسب ما جاء في تواريخ الحضارات القديمة وما أكدت علية البحوث الأنثربولوجية الحديثة، لا وجود لمجموعة بشرية تخلو ثقافتها من تخمينات وتصورات حول كائنات مُفارقة، خارج العالم، لها قوى خارقة للعادة وبقدرتها التدخل في الظواهر الطبيعية والإنسانية وتسييرها بحسب إرادتها وبمقتضى مشيئتها.

وقد تكون تلك التخمينات هي القاعدة الأولى لبروز الفكر اللاهوتي في مختلف الأديان، من تلك المتعدّدة الآلهة إلى التوحيدية، وتكوين الأنساق الميتافيزيقية المتأخرة.

إلاّ أنّ الإشكالية التي نريد الخوض فيها لا تتعلّق جوهريّا بالأساطير ولا بالأديان ولا تمس مباشرة لاهوتها وإنما بالفلسفة، وبتاريخها وتصوّراتها وبالتحديد بمفهوم الميتافيزيقا الذي تعددت معانيه وكثر فيه الأخذ والردّ.

 القلق ليس بالشيء السلبي والمكروه، كما هو الأمر عند الإنسان السويّ، بل إنه، حسب هايدغر: « يكشف عن الوجود في جملته»، ولا ينبغي أن يُنظرَ إليه من جهة أنه أمر عرضيّ وعابر، بل هو على العكس من ذلك « الواقع الأساسي لوجودنا

فقط عن طريق هذا العدم يمكن للإنسان أن يتوجّه نحو الموجود وأن يَنشغل به. ولكن بما أن الإنسان بماهيته يتعلّق بالموجود، أي الموجود الذي هو ليس هو، والموجود الذي هو هو، فإنه، بما هو كائن هناك « يأتي دائما من العدم» والكينونة هناك تعني أساسا « أن يبقى [الإنسان] مُنغمسا في العدم (Dasein heiكt: Hineingehaltenheit in das Nichts)»، يعني أن الإنسان (الكائن هناك) هو دائما خارج الوجود في جملته، وهذا ما يسميه هايدغر بـالتعالي: دون الولوج المسبّق في العدم، فإن الدازاين لا يَستطيع أن يُحقّق التعالي.
******************************
تفكيك الميتافيزيقا

إذا كان مارتن هيدغر قد حقق في سياقات الفلسفة المعاصرة نقلة نوعية في سبيل تجاوز الميتافيزيقا
 أوجز المسألة بالقول إنه هو من قرع نواقيس نهاية الميتافيزيقا وعلمنا أن نسلك معها سلوكا استراتيجيا يقوم على التموقع داخل الظاهرة وتوجيه ضربات متوالية لها من الخارج. أي أن نقطع شوطا مع الميتافيزيقا وأن نطرح عليها أسئلة تظهر أمامها من تلقاء نفسها عجزها عن الإجابة وتفصح عن تناقضها الجواني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق