يعد كتاب الموتى أقدم وثيقة دينية، قام بتأليفها مجموعة كبيرة من الكهنة بالحضارة الفرعونية القديمة، يصورون بها ما ستلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من الثواب أو العقاب.. وفي كتاب الموتى أو بترجمة أخرى " كتاب الخروج إلى النهار أو النور" ، يأتي الإله حورس بالميت لابسا ثوبا جميلا ليمثل أمام أوزيريس إله الآخرة وهو جالس على العرش.
ويشهد الميت أمام أوزيريس إله الآخرة بأنه لم يقتل ولم يحرض على قتل أحد، ولم يغدر بأحد ولم تمتد عينه لزوجة أحد، ولم يزني ولم يسرق، ولم يكسب مالا حراما، ولم يظلم أحدا، ولم يكن سببا في بكاء أحد، وبأنه لم يكن كاذبا ولم يكن متعاليا على أحد، وبأنه لم يدنس شيئا مقدسا، وبأنه يحترم عقائد الآخرين، ولم يقف يوما مع المعتدين، وبأنه لم ينتهك حرمة الأموات، وبأنه لم يبع قمحا بثمن فاحش، ولم يغش الكيل، وبأنه كان يساعد الفقراء، وبأنه لم يحرم الماشية من عشبها، ويشهد بأنه طاهر ثلاث مرات، وبريئ من الآثام، وفي النهاية يدعو إله الآخرة ليجعله من الفائزين بالخلود في الجنة، وهناك سبعة أبواب للوصول إلى بيت أوزيريس من حقل الأشجار.
وما يشهد به الميت أمام إله العالم الآخر يؤكد أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون بالعدالة الإلهية وبالحساب على الآثام من قتل وسرقة وغش وكذب وزنا وظلم وإيذاء للآخرين، سواء بالقول أو الفعل لإنسان أو لحيوان، وكانوا يعتقدون كذلك في أهمية القيام بالأعمال الصالحة ومساعدة الفقراء؛ مما يدل على أن مكارم الأخلاق تنبع من الفطرة السليمة للإنسان، التي فطرنا الله عليها؛ حيث حبب الخالق إلينا الخير والطهارة والعدل والتسامح وكره إلينا الشر والدناسة والظلم والعدوان.
ويوضح كتاب الموتى كذلك أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون في ضرورة سلامة قلب الميت من الآثام في الآخرة ، حيث يقوم إله الموتى أنوبيس بإجراء عملية وزن قلب الميت ومقارنته بريشة الحق، ويقوم تحوت إله الكتابة بتسجيل نتيجة الميزان بالقلم في سجله، بينما يقف الوحش عمعموت منتظرا التهام القلب إذا كان الميت ظالما ولم يسلك في حياته طريق الخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق