الخميس، 7 فبراير 2019

لا ثروة مع عقلية الثور مهم

سألوا ملكة جمال تزوجت رجلا قصيرا قبيحا.. فقالت مستنكرة: هل لأنه قصير، ولكن عندما تقف على 
فلوسه.. كم يبدو عملاقا! أرأيتم.. قيمة ومعنى العملقة.. فالمصالح تتصالح!
دول كثيرة كالسعودية ومصر وكيانات شتى لا تزال في طور البدائية لم تتسلسل بعد في طريق التحول الحضاري من القبيلة إلى العشيرة إلى الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة، يقال إنها ثرية في ثرواتها الأرضية المادية التي ليس لها من جهد بشري، لكنها فقيرة وجوديا، ومعدمة تاريخيا، وتائهة حضاريا، تحاول أن تلوي أعناق الحقائق الكونية والسببية تخليطا.. وتطيح بالشواهد التاريخية تزييفا.. وتسعى لانتزاع الشواهد الجغرافية تجهيلا.. فتتعامل مع الآخرين فقط بيعا وشراء بطريقة هي للمقامرة أقرب، 

في عام 2010 عرض الملياردير السعودي الأمير (الوليد بن طلال) على صاحب موقع فيسبوك (مارك زوكربيرج) شراء الموقع منه، بعرض خيالي، بلغت قيمته 14 مليار دولار.. رفض مارك عرض الأمير السعودي، إذ رد عليه بمنشور على صفحته الشخصية: (الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار يا سعادة الأمير) (!!) كان هذا قبل 8 سنوات تقريبا.. واليوم تبلغ القيمة السوقية لموقع فيسبوك 250 مليار دولار. 
نعم.. (الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار). 

أعظم استثمار هو استثمار العقول.. فالإنسان هو الوسيلة وهو الغاية من الحياة التي لا بد أن نعيشها بكل ما أوتينا من قوة، ولا ينبغي أن نحياها لمجرد أن نبقى أحياء.. كيانات حديثة بدأت من تحت الصفر فقفزت إلى صدارة الإنسانية.. إنما بالخطط والتخطيط. والإرادة إنسانية والإدارة سياسية، فلا شيء اسمه النيات الطيبة، فكم من الجرائم التي نعاني من معظمها ترتكب باسم النية.

 أستاذنا الفيلسوف زكي نجيب محمود- هم يبدؤون بالمشكلة يبحثون لها عن فكرة، نحن نبدأ بالفكرة ثم نبحث لها عن مشكلة.. الحرب تشتعل والعلماء يخترعون القنابل، والعربى مشغول بسؤاله الأهم «هل الأصح فى اللغة أن نقول قنبلة أم قنبرة؟

سأل أحد الصحفيين إمبراطور اليابان (أوكيهيتوا يوهارا) عن سبب تقدم اليابان في هذا الوقت القصير فأجاب: اتخذنا الكتاب صديقا بدلا من السلاح.. وجعلنا العلم والأخلاق قوتنا.. وأعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي، وجلالة إمبراطور.
لنتقاسم ثقافة الأسئلة -مجددا- مع الدكتور فاروق القاسم صرخة في رسالته المشحونة بالغضب الحضاري الموضوعي.. هل فكرت وأنت تشتري تليفونا كم يحتاج هذا التليفون الذي في يدك من الثروات الطبيعية؟ ستجده لا يكلف دولارا واحدا من الثروات الطبيعية، جرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليلا من البلاستيك، ولكنك تشتريه بمئات الدولارات تتجاوز قيمته عشرات براميل النفط والغاز، والسبب أنه يحتوي على ثروة فكرية تقنية من إنتاج عقول بشرية!

هل تعلم أن إنسانا واحدا مثل «بل جيتس» مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحدة 226 دولارا؟ يعني ما نملكه نفطيا من احتياطي للثروات لن يستطيع مجاراة شركة واحدة لتقنية حاسوب! 
هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على جوالك؟
هل تعلم أن أرباح شركة مثل سامسونج في عام واحد 327 مليار دولار؟ نحتاج لمئة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي!
أخي في الشمال أو الجنوب، في الشرق أو الغرب من الوطن العربي، أيها الواهم بأن لديك ثروة ستجعلك في غنى دون الحاجة إلى عقلك، دع عنك أوهامك، فلا ثروة مع عقلية الثور.. هُزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وفي أقل من خمسين عاما انتقمت من العالم بالعلم والتقنية، وبقي الأغبياء يسألونك عن مذهبك أو من أي قبيلة أنت. 

****************************

هؤلاء هم حكَّام العالم الجدد!

«غافام» (GAFAM) هو اختصار أسماء شركات الويب الأمريكية العالمية الخمس، وهي جوجل.. وآبل.. وفيسبوك.. وأمازون.. ومايكروسوفت.. وكلها تأسَّست في الربع الأخير من القرن العشرين، وتطورت وازدهرت في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، ويُطلق عليها تسمية «الخمسة الكبار» (The Big Five). ومن المفيد أن نعلم أن "جوجل" تمتلك شركة يوتيوب، وأن فيسبوك تمتلك شركتي واتس آب وإنستجرام، وأن مايكروسوفت تمتلك شركة سكايب.


ناهيك بالتهرب الضريبي الذي تستفيد منه هذه الشركات الضخمة في كل أصقاع الأرض، لا سيما بعدما باتت تشكل كتلة مالية ضخمة جدا تقدر بنحو أربعة آلاف مليار دولار أمريكي كقيمة سهمية في البورصة.



سؤال لم يخطر يومًا على بال 365 مليون إنسان عربي، هذا العالم العربي الذي يملك ثروات طبيعية ومالية خيالية، ولا على بال السياسات الجامعية العربية التي تخرج أعدادا متزايدة من أصحاب الشهادات العالية الذين لا قيمة علمية وازنة لهم في سوق إنتاج المعرفة.
نعم.. منتجو المعرفة ومالكوها سيصبحون قريبا حكام العالم الجدد، أما مستهلكو المعرفة فلن يكون لهم إلا دور العبيد الجدد.

مجدي العفيفي
لكن للأسف كثير منا لم يزل غير قادر على استيعاب هذه الوسيلة المتحضرة، سواء من أصحاب المواقع، أو من المستخدمين. 
من السهل جدا أن تدخل (الإنترنت)، وتفتح أي موقع فيه ساحة حوار، وتكتب ما تشاء وتسب من تشاء وتقول كل ما تريد، لا أحد يمنعك، لا أحد يعاتبك، لا أحد يراقبك، لا ممنوع، لا محظور، لا حدود، ولا قيود، إنها شبكة عالمية دنيا مفتوحة، عالم من المفارقات. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق