الأربعاء، 6 فبراير 2019

الحكومة وصناعة «الفهلوة»

إما أن تنمو أو تموت وهذا تلخيص وجيز للمُعضلة الأساسية التي تواجه دول العالم الثالث وبالأخص مصر وهي فكرة النمو والتطور والتعامل مع العالم الحديث والتواصل معه بنفس أدواته. وقد قال عالم التاريخ الطبيعي والجيولوجيا البريطاني تشارلز دارون ( 1892-1882) «ليس الأقوي أو الأكثر ذكاء في الأنواع هو القادر على البقاء ولكنه الأكثر قدرة على التكيف» والقدرة على التكيف هي ما تُميز المجتمعات عن الأخرى. ويحتاج التكيُف مع الواقع لعملية تطوير وتحديث مستمر في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة.
الفهلوة واللف والدوران تحدث حين تغيب القواعد المنظمة لأي نشاط بشري، لقد أصبح كثير من المصريين يمتهنوا الفهلوة وذلك لغياب المُنظم والمشرف وفي هذه الحالة نفترض أن هذا دور الحكومة ولكنها لا تفعل ونُصاب بحيرة من هو الفهلوي هل هي الحكومة أم الناس!؟ وقد يفسر هذا إلى حد ما نجاح الكثير من المصريين خارج الحدود، حيث تكون الأمور أكثر وضوحاً ويقل اللف والدوران وتُصبح القواعد هي ما تُسير الحياة وليس «معلش» «وعشان خطري» «طول عمرنا بنعملها كده» وغيرها من التعبيرات والجُمل التي تُجافي العقل والمنطق وتحتضن الجهل والخُرافة.
لم يولد المصري بجينات «الفهلوي» بل أصبح هكذا، فنحن مجتمع أبوي ذكوري هرمي نحترم السلطة ولا نُقدر الأفكار. ولكن الأفكار أقوي من الأشخاص مهما بدا أن هؤلاء يمتلكون السلطة المطلقة، لكن الحقيقة أن الأفكار لا تموت بل يموت الأشخاص عديمي الأفكار، الديمقراطية وحرية التعبير أفكاراً خالدة تحيا ما حيينا ونموت نحن وتبقي هي.
بقصور النظام التعليمي والتأمين الصحي والحالة البيئية وتلوث مياه نهر النيل وغياب الحدائق العامة والمكتبات العامة وضعف المحليات وارتفاع نسبة حوادث المرور وسوء إدارة القطارات وخسائر الجرائد القومية والتليفزيون والشركات الحكومية وغياب القانون في كثير من الأحوال وبعض المحاضر في الأقسام لا تتحرك إلا إذا كان لك «واسطة» ولكنهم متفائلون بالمستقبل ويعتقدوا أنهم يقدموا للشعب شيئاً، وحقيقة الأمر أن الحكومة لا تدري شيئاً، ولا تضع أولويات، ولا تتمتع بروح الحكومة تعكس لنا ما يدور في الشارع المصري «فهلوة»و «لف دوران» و«أنا وأخويا على ابن عمي» و«لازم أساعد أهل منطقتي» «كله هيبقي كويس» «احنا أحسن من غيرنا» ولكنها لا تخاطب لُب القضية، ما لم تسير الحكومة والرئيس بطريقة «علمية» أو حتي يحاولوا تعديل المسار سوف تتدهور أمور المواطن العادي، وتدهور وضع المواطن العادي هو تدهور للجميع.
مصرنا المحروسة فالخرافة تتحكم في الحياة اليومية، فلا نحاول حل مشاكلنا عن طريق العلم، بل نقوم بالتلفيق واللغو دون منطق يحدد بوصلة للوصول لطريق ما.
+++++++++++++++
 أصحاب العقول المعتمة فى أيامنا هذه، يروجون بالباطل: أن «الليبرالية» تدعو للشذوذ الجنسي! و«العلمانية كفر وإلحاد.. والعياذ بالله! و«الاشتراكية».. هى تحويل المجتمع كله إلى شعب من الفقراء المعدمين!
إن من يروج لهذه المفاهيم المغلوطة، هم الصنّاع الحقيقيون للجهل والتضليل، والأخطر أنهم فى الأغلب الأعم يتخفون وراء الدين، والدين منهم براء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق