تيارات تدّعي أنها حارسة الأخلاق الجديدة، سواء تحت راية الإسلام، أو الديمقراطية، أو "قيم الثورة". وهنا الخطر الأكبر: هذه القوى تتورط في المأزق نفسه الذي حذّر منه ساندل، وسقط فيه الغرب، أي أن تتحوّل السياسة إلى محكمة تفتيش.
تجنّب الشر (الظلم، التهميش، القمع) هدفاً أهم من فرض الخير أو صناعة الإنسان الكامل. كانت تدرك أن أي مشروع يطمح إلى بناء مواطن "فاضل" بالقوة، سينتهي إلى استبداد جديد.
ليست مهمة الدولة أن تخلق "إنساناً مثالياً"، بل أن تمنع الظلم وتضمن العدالة والعيش الكريم.
ليست تطهيراً أخلاقياً، بل فن العيش المشترك. هي القدرة على إدارة التعدّد والاختلاف، لا محو الفروق وتوحيد القيم. وإن كان من درسٍ يجب أن نستخلصه من تجربة الغرب، فهو أن الدولة التي تفرض تصوّراً واحداً للفضيلة، تنتهي إلى قمع كلّ من لا يتطابق مع هذا التصور.
قواعد اللعبة الديمقراطية. والوقوع في فخ الأخلاقوية السياسية، سواء باسم الدين أو الثورة أو الوطنية، لن ينتج إلا استبداداً جديداً بأدوات جديدة. لن تُبنى سورية الجديدة (أو أي دولة عربية أخرى) على يد "الأنقياء" وحدهم، بل على أساس عقد سياسي يعترف بجرح الماضي، من دون أن يحوّله إلى أداة لابتزاز المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق