عبدالمجيد الشرفي: لا مستقبل للإسلام السياسي تونسيا وعربيا
2020/09/03
مستقبل للإسلام السياسي في بلاده ولا خارجها ما لم يقم هذا التيار الإسلامي بمراجعات ونقد ذاتي ويطور من نفسه، مشيرا إلى أن النصوص الدينية التي تمثل الموروث الديني تُسقط على الواقع لتبريره وشرعنته. كما أوضح الشرفي أن العالم يتطلع إلى بناء نظم اجتماعية قائمة على الحرية والمسؤولية.
عضوية في لجنة المساواة والحريات الفردية التي بعثها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. وشغل الشرفي كذلك منصب عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس في وقت سابق،
أهم مؤلفات الشرفي “الإسلام والحداثة”، “مرجعيات الإسلام السياسي”، “الفكر الإسلامي في الرد على النصارى” وغيرها من الأعمال التي تشكل مرجعيات هامة.
الرئيس التونسي قيس سعيد، جدلا كبيرا حيث اعتبر من جهة أن “الدولة لا دين لها” ومن جهة أخرى أن “قضية الميراث محسومة في القرآن الكريم”.
يقول الشرفي “رأيت خطاب الرئيس.. خطاب مؤسف ومتناقض.. إذا كانت الدولة ليس لها دين فلماذا نستند للقرآن، هذا بالإضافة إلى أن رئيس الدولة ليس مختصا في هذا الميدان وحين ننظر في آثار الذين اهتموا بالنصوص الخاصة بالإرث في النص القرآني، فإننا نلحظ أن ما استنتجه الرئيس بعيد كل البعد عما استنتجه المختصون”.
يضيف عضو لجنة الحريات الفردية والمساواة “هو قال إن النص القرآني صريح.. هذا النص ليس صريحا البتّة.. ناهيك عن أن النص القرآني دائما يوظف لأنه يحتمل معانيَ عديدة وهذه الظاهرة كانت موجودة منذ تدوين الوحي.. عندما يكون لديك نص نهائي مكتوب فأنت تستطيع تأويله كما شئت.. وإذا كانت الدولة لا دين لها فإن قوانينها تكون وضعية ونحرص على ما يوفر العدل والمساواة لا أن نكون أوفياء للنص القرآني أو الحديث النبوي أو أي دين آخر”.
ويشدد الشرفي على أن “العالم يسعى لإرساء نظم اجتماعية قائمة على الحرية والمسؤولية لا على تعاليم جاءت من السماء أو تنتمي إلى أي مجال آخر غير المجال البشري.. كل المجتمعات تتجه للعلمنة لأنها تنص على أن الإنسان هو المتحكم في أنظمته الاجتماعية وفي مصيره”.
الحداثة والتنوير في بلاده، أن حاملي هذا الفكر التنويري لم ينجحوا بعد في معركتهم ضد “الظلاميين”، مشددا على أن “النجاح لن يكون على المدى القريب لأن المد النكوصي له إمكانيات مادية ضخمة ليست متوفرة للمد التنويري.. والمرور لمرحلة الخضوع إلى المسؤولية يتطلب أجيالا.. لا يمكن أن نمر من مجتمعات تعودت على الخضوع إلى المستبد إلى مجتمعات تتحمل مصيرها ومسؤوليتها بين عشية وضحاها”.
بالتلازم بين الحداثة المادية والحداثة الفكرية والقيمية، لكن هناك فئات غير واعية بهذه الضرورة بل تقاومها لأن من مصلحتها الإبقاء على الوضع الحالي لذلك فإن مسألة التوجه العام لدى الشعوب الإسلامية لتبني الحداثة لا يتعلق بشروط فكرية فقط بل بشروط مادية وموضوعية وسياسية واقتصادية”.
“في القديم التمييز بين النساء والرجال كان طبيعيا.. التراتبية الاجتماعية كانت مقبولة العبودية كانت مقبولة.. اليوم تغير كل شيء لذلك لا يمكن أن نحاسب الماضي بقيمنا نحن اليوم”.
كل البنى التقليدية الدينية يمكن أن تكون عائقا دون تحديث لكن يمكن أن تكون مساعدة على التحديث كذلك.. عندما ننظر إلى النصوص الدينية التأسيسية فإنها تحتمل توظيفات متناقضة ولذلك لا نحملها المسؤولية لا على التقدم ولا التخلف”.
“أنا عارضت المرحوم ناصر حامد أبوزيد عندما قال إن الحضارة الإسلامية حضارة نص.. قلت له لا النصوص يؤتى بها دائما لتبرير واقع وشرعنة واقعة.. ليست هي الأساس في ذلك الواقع”.
تداعيات الجائحة الصحية العالمية يرى الشرفي أنه لن يكون لها أي تأثير حاسم على المستوى الديني لكنها ستدفع نحو إعادة النظر في الرأسمالية وغيرها.
“تداعيات الوباء ستكون حاسمة على الخيارات الاقتصادية والسياسية وحتى القيمية..
روّجها بعض المسلمين على غرار أن كورونا عقاب من الله للصينيين بعد اضطهادهم الأويغور قد فقدت مصداقيتها بعد وصول الوباء للعالم العربي والإسلامي”، ويضيف بنبرة مازحة “اكتشف المسلمون أن الوباء لا يميز بين مسلم ومسيحي ويهودي وغيره، لذلك فقدت أطروحاتهم مصداقيتها”.
الوباء أتاح فرصة لكل البشر للتفكير قائلا “لقد منحنا الوباء فسحة للتفكير.. وأهم ما يمكن أن نخرج به من مرحلة الوباء أن الأمور المادية ليست كل شيء في الحياة”.
ويؤكد أن التغيير في العالم لن يكون فقط بسبب الوباء بل سيكون بسبب الأزمة التي عاشها النظام الرأسمالي، مشيرا إلى أن “الثروة المادية لوحدها لا تكفي كي تعطي معنى للحياة.. وهذا التراجع في وحدة القيم وحصرها في المال فقط ستكون له تبعات أكثر من الخطابات والوعظ ومواقف رجال الدين بصفة عامة”.
نراجع خياراتنا خصوصا الاقتصادية وبالتحديد الرأسمالية.. وهذا لا يعني أنها ستموت لكنها مُرغمة على التأقلم مع الوضع الجديد مثلما تأقلمت في القرن التاسع عشر والعشرين مع ظهور النقابات التي استهدفت تقليص نفوذ رأس المال وضمان حقوق العمال”.
16/8/2020
قيس سعيد من قضية المساواة في الإرث حفيظة جمعيات حقوقية نسوية، بعد تأكيده على أن المسألة محسومة بنص قرآني واضح لا يقبل التأويل، وبأن منظومة الإرث في الإسلام تقوم على العدل والإنصاف.
الصراع حول الإرث والميراث هو صراع خاطئ، وأن الأجدر هو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل الحديث عن فقه المواريث".
"المساواة كما تمت بلورتها في الفكر الليبرالي مساواة شكلية لا تقوم على العدل بقدر ما تقوم على الإيهام به".
السبسي.
أقر الرئيس الراحل مبادرة تشريعية في 13 أغسطس/آب 2017 تتعلق بالمساواة التامة في الميراث بين الجنسين، كمشروع قانون تمت إحالته على البرلمان، وأوكلت مهمة إعداده إلى "لجنة الحريات الفردية والمساواة"، لكنه اصطدم برفض غالبية الكتل ليتم قبر المشروع برمته.
"الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" -والتي تعد من أهم المنظمات النسوية الناشطة في مجال حقوق المرأة- بموقف الرئيس من قضية المساواة في الميراث، في بيان شديد اللهجة.
واتهمت الجمعية قيس سعيد بالانقلاب على مسار صياغة الدستور، والتملص من دوره في ضمان الحقوق والحريات، ومحاولة شيطنة الحركات النسوية خدمة لأغراض سياسية ضيقة.
ما لم يميز المسلمون بين الله والقرآن... ما داموا يختزلون الكل في جزء... فلن يتغير شيء...
القرآن يشير... والأحمق يقف عند الإصبع الذي يشير...وينسى الجوهر الذي لا ينقال...
فصول الدستور جاءت صريحة حين أكدت أن الإسلام هو دين الدولة ولا يتعارض مع مدنيتها، فضلا عن إلزام الدولة ومن ورائها الرئيس بالسهر على حماية مقدسات الشعب التونسي المسلم وعدم النيل منها.
لجنة الحريات الفردية والمساواة صلاح الدين الجورشي -في حديث للجزيرة نت- إن موقف الرئيس قيس سعيد من المساواة في الميراث لم يتغير، وسبق أن أعلنه إبان حملته الانتخابية، معربا في المقابل عن أسفه لتعامل الرئيس مع القضية من منظور ديني بحت.
ولفت إلى أن الرئيس يفتقر لرؤية واضحة في هذه القضية وفي قضية النهوض بحقوق النساء بشكل عام، مشيرا إلى أن خطابه قطع الطريق -من دون مبرر- على الحركات النسوية الحداثية لإحياء مشروع المساواة في الميراث.
مفهوم المساواة و الحقوق الفردية هو جزء لا يتجزأ من مفهوم العدالة الذي يتطور و يرتبط دائما بنتيجة الصراعات بين الطبقات و الفئات الاجتماعية عبر التاريخ و هذا لا علاقة له لا بالغرب و لا بالشرق بل هو معادلة كونية تمر بها كل المجتمعات ، لذلك فان فكرة الخصوصية لمجتمعنا و التفرد بالحلول الربانية تفقد انسجامها نتيجة الصراعات الاجتماعية و التوق للحرية و المساواة و تضعنا في حالة سكيزوفرينيا و انفصام دائم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق