الأحد، 13 مايو 2018

الصومال

 أيام قليلة تفصل المسلمين عن
شهر رمضان، إلا أن الآلاف من المشردين ّ جراء
الفيضانات في مدينة بلدوين، وسط الصومال،
يواجهـــون أوضاعا إنســـانية صعبـــة في ظل
اســـتمرار هطـــول الســـيول، ّ وتفشـــي الجوع
والعطـــش، مـــع ضعـــف إمكانيـــات الحكومة
المحلية، وندرة المساعدات.
في ّ مخيمات بلدوين، تنعدم أبسط ّ مقومات
الحياة، حيث لا طعام ولا مياه صالحة للشرب.
مشـــهد إنســـاني يعكس مدى إخفاق الهيئات
الإنســـانية في تقديم مساعدات عاجلة قد ّ تسد
رمق هؤلاء النازحين، الذين يزيدون عن 50ألف
أسرة.
أفـــواج لا تنقطـــع مـــن الأســـر النازحـــة
تســـتقبلها ّ المخيمات المنتشـــرة في ضواحي
المدينة الغارقة، لتنتهي رحلة البحث عن ملجأ
يقيهم موجة الســـيول، بـــأرض لا ماء فيها ولا
طعام.
ً جاهـــدة في بناء منزلهـــا المتواضع، تقول
فاطمة عبـــدي،
هربنا من موجـــة الفيضانات
بعـــد أن ّ كنا عالقين وســـط الميـــاه، لجأنا إلى
ّ مخيم عيل جالي أكبر ّ مخيمات النازحين حيث
يتواجد فيـــه البعض مـــن أقربائي
. وتضيفشـــهر رمضان قادم، وحالتنا المعيشية تزداد
ســـوءا يومـــا بعد يـــوم، تردنا معلومـــات بأن
هيئـــات خيرية تـــوزع المعونات على ســـكان
ّ المخيمـــات، لكننا لم نســـتلم حتى شـــق تمرة
حتـــى الآن، لا يقدر أطفالي على تحمل مشـــقة
الجوع، وينتظرون لقمة واحدة في اليوم
. أكثر
مـــا يقلق هؤلاء النازحين فـــي ضواحي مدينة
بلدوين هو غياب الاســـتعدادات والمستلزمات
الضرورية لرمضان المبارك، حيث يســـتقبلون
شهر الصوم ببطون خاوية.
بشـــير أحمـــد، أب لســـبعة أطفـــال، كان
محظوظـــا مقارنة بفاطمة، وهو ّ يتســـلم حصة
مـــن المعونات الغذائيـــة، بعد طـــول انتظار،
قائلا،
اســـتلمت هذه الوجبـــة الحمد لله إنها
ستســـاهم فـــي ّ ســـد الاحتياجات الأساســـية
لأسرتي رغم أنها لا تكفيني سوى 12يوما
.
بشـــير كان يعيل أسرته من خلال استئجار
عربتـــه، إلا أن الفيضانـــات أجبرتـــه كغيـــره،
علـــى الفـــرار إلـــى ّ المخيمـــات والبقـــاء إلى
جانـــب أطفاله، في انتظـــار العون من الهيئات
الإنســـانية. الأســـر الفقيـــرة هي التـــي تدفع
ثمنا باهظا ّ جـــراء الفيضانـــات، كانت تعتمد
في كســـب قوت يومها علـــى الحمالة والأعمال
الشاقة في الأسواق التي ّ تحولت إلى بحيرات
ومســـتنقعات، فانضم أفرادها رغما عنهم إلى
قائمـــة العاطلين عن العمل وســـط هذه الأزمة
الإنســـانية التي تواجه مدينة بلدوين حاضرة
إقليم هيران وسط الصومال.
وتوقفـــت الآبـــار المائية التـــي كانت توفر
الميـــاه إلـــى أحيـــاء المدينة بعـــد أن تعطلت
الأنابيب بســـبب الفيضانات التـــي جرفت 90
بالمئة منها ما دفع الكثير من الأسر لاستخدام
مياه الفيضانات لسد احتياجاتها اليومية من
مياه الشرب.
ّ وتحذر الهيئات الإنســـانية من اســـتخدام
ـــي
ميـــاه غير صالحـــة للشـــرب، ّ تجنبا ّ لتفش
الأمـــراض ُ المعديـــة والأوبئـــة فـــي صفـــوف
النازحيـــن نتيجـــة عـــدم توفر ميـــاه صالحة
للشـــرب في ّ مخيمات النـــزوح، وهو ما بدأ في
الحدوث فعليا.
يقول عثمان أحمد عمدة بلدوين، إن
انعدام
مياه صالحة للشراب داخل ّ مخيمات النازحين
دفعت البعض من الأســـر إلى استخدام المياه
الراكـــدة في ّ المخيمات وهو ما أدى إلى اندلاع
حالات من الإســـهال في صفـــوف الأطفال دون
سن الخامسة
.
ُ وتســـابق منظمـــة
أنقـــذوا الأطفـــال)بريطانيـــة غيـــر حكوميـــة( الزمـــن لإيصـــال
مياه صالحة للشـــرب إلـــى ّ مخيمات النازحين
عبـــر صهاريـــج المياه للحيلولة دون انتشـــار
الأمراض ُ المعدية التي غالبا ما تنتقل عدواها
عبر المياه الملوثة. كما أطلقت منظمات أخرى
حملة توفير مياه صالحة للشرب في ّ مخيمات
النازحيـــن إلى جانب بنـــاء المئات من دورات
الميـــاه ّ تجنبـــا لانتشـــار الأوبئة فـــي صفوف
الأطفال والعجائز.
النـــداء الإغاثـــي الـــذي أطلقتـــه الحكومة
الصوماليـــة والإدارة المحليـــة لـــم يحظ بعد
بتجاوب دولي وعربي كبير، حســـب مسؤولي
الهيئات الإنسانية المحلية، إذ لا يتجاوز عدد
المســـتفيدين حاليا من المعونات الغذائية 20
بالمئة من نازحي بلدوين.
ويقول عبدالله أحمـــد رئيس إقليم هيران،
إن المســـاعدات الإنســـانية التي وصلت حتى
الآن لا تكفي لسد احتياجات النازحين من أزمة
الفيضانات حيث تم إيصال المعونات إلى نحو
10آلاف أســـرة، من أصل 50ألف أسرة نازحة.
ويضيـــف عبداللـــه أن الإدارة المحليـــة تعمل
وبكل طاقاتها لإيصال المســـاعدات الإنسانية
لمســـتحقيها حيث ُ ش ّ كلت لجان للإشراف على
عمليـــة توزيع المســـاعدات الإنســـانية داخل
ّ مخيمات النازحين في المدينة.
ّ وســـلمت لجنة الإغاثـــة الحكومية مؤخرا
الإدارة المحليـــة، مبلغـــا ماليـــا قـــدره مليون
دولار مـــن أجل تخفيـــف معانـــاة ّ المتضررين
ّ جراء الفيضانـــات التي ضربت بلدوين، إلا أن
كل المســـاعدات ّ المقدمة حتـــى اللحظة تبقى
شحيحة وغير كافية ّ لســـد احتياجات نازحي
المدينة الغارقة، مع اقتراب شهر رمضان.
{
القاهرة - لطالما كان معروفا أن استهلاك
المصرييـــن من الســـلع الغذائيـــة يرتفع في
شـــهر رمضان بنســـبة تتراوح بين 50بالمئة
و 80بالمئـــة، إلا أن العيـــن لا يمكن أن تخطئ
أن عادات المصريين الاستهلاكية الغذائية لم
ُ تعد كما كانت عليه قبل تعويم الجنيه.
فمنذ أعلـــن البنك المركـــزي المصري في
الثالث مـــن نوفمبر من عـــام 2016عن تحرير
سعر صرف الجنيه، ّ تغيرت عادات
المصريين وأصبحـــوا أقدر على
ترشـــيد عاداتهم الشرائية. وإذا
كان هـــذا واضحا في الأشـــهر
العاديـــة، فإنه بلا شـــك يكون
أكثـــر وضوحـــا فـــي شـــهر
رمضـــان، حيـــث عـــادة ما
يزداد الطلب على منتجات
الألبان والدقيق والســـكر
والزيوت والسمن، فضلا
عـــن تبـــادل العائـــلات
للدعوات إلى المآدب وما يشـــكله
هـــذا مـــن عـــبء مالـــي إضافـــي على
العائلة.
وكشـــفت شـــعبة العطاريـــن فـــي الغرفة
التجاريـــة المصريـــة مؤخـــرا أن اســـتيراد
الياميش هذا العام تراجع بنســـبة 40بالمئة،
مرجعـــة ذلك إلى تخوف التجـــار من التراجع
الكبير بمعدلات الاستهلاك.
ورغـــم أن الزيادة فـــي أســـعار الياميش
)المكســـرات والفواكـــه المجففـــة التـــي يتم
اســـتخدامها على موائـــد الإفطار في رمضان
وتستورد مصر معظمه من الخارج( لم ترتفع
مقارنة بالعام الماضي إلا بنسبة تتراوح بين
10و 15بالمئة، فإنه يبدو أن معدلات الشـــراء
تراجعت بصورة أكبر بكثير.
وقال تجار إنهـــم لجأوا إلى تقليل أحجام
بعض العبوات لعدة منتجات للبيع بسعر ّ أقل
من أجـــل تحريك الســـوق، خاصة وأن بعض
الأســـر أصبحت تكتفي بأقـــل القليل حتى لا
تقطع عاداتها الاستهلاكية بصورة كاملة.
تقول إيمان ) 28عاما(، إن
التعويم
لـــم ُ ي ّ علم المصرييـــن فقط ثقافة
الترشـــيد، وإنمـــا أيضا
ثقافة الاستغناء. أنا أقف
أمـــام ســـلعة فـــي المتجر
وأقول لهـــا
كم كنت أحبك
ولكن سعرك ارتفع بصورة
كبيـــرة
، ثـــم أمضـــي فـــي
طريقي
.
وأخذت ّ ربـــات البيوت على
ّ عاتقهـــن مهمـــة توفيـــر بدائـــل
لبعـــض الســـلع الغذائيـــة التـــي
ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة.
تقول هناء ) 35عاما(،
لقد ُ أصبحت ماهرة
في صنـــع الزبادي والكيك والفـــول واللحوم
ّ المصنعة كاللانشون والشـــيكولاتة السائلة.
وبعدما كان أطفالي يعشقون منتجات بعينها،
أصبحوا يعشقون منتجاتي أنا
.
وتضيـــف،
عندما كنـــت ُ أذهـــب للمتجر
الكبيـــر، كنت أتوجـــه إلى منتجات شـــركات
بعينهـــا، ولكن بعد التعويـــم أصبحت أتوجه
إلـــى المنتجـــات الأفضل ســـعرا حتـــى وإن
ّ تخليت في ســـبيل ذلك عن مســـتوى الجودة
الذي كنت أرى أنه الأفضل
.
وتقول أميـــرة ) 45عامـــا(،
إذا ما جربت
طبخة جديدة أو سلعة لم أكن قد استخدمتها
مـــن قبـــل وأعجبتنـــي، أو إذا كان هناك ّ محل
ّ يقدم خصومـــات، أخبر أقاربـــي وأصدقائي.
وكذلـــك يفعلـــون هم. إننـــا نتبـــادل الخبرات
وأخبار الأسعار. أحيانا عندما أجد خصومات
كبيرة في المتاجر على ســـلع بعينها أشتري
لأخواتـــي وصديقاتـــي. هـــذه أمـــور فرضها
الوضع الجديد
.
أمـــا دعاء ) 31عامـــا(، التي تعيش بإحدى
قـــرى محافظـــة القليوبيـــة، فتـــرى أن عـــادة
تخزيـــن المنتجات الغذائية لم تعد كما كانت،
وتوضـــح،
كنـــا نشـــتري الأرز والمعكرونة
والســـكر بالأجولة. وكنا لا ننتبه كثيرا لكمية
الطعـــام التي نعدهـــا لأنه كانت هنـــاك دائما
طيور على ســـطح المنزل تـــأكل ما ّ يتبقى من
طعام. ولكن الوضع الآن ّ تغير كثيرا. أصبحنا
نشتري الاحتياجات بكميات أصغر، ّ ونعد من
الطعام ما يكفي
.
وتـــروي أن مـــن العـــادات التـــي رصدت
ّ تغيرهـــا بعد تعويم الجنيه هو عدم إســـراف
أبناء القرية في الحصول على الخبز المدعوم
ّ حكوميـــا، وتوضـــح،
كان النـــاس يحصلون
على كامل حصتهم من الخبز المدعم )خمسة
قروش للرغيف الواحد( رغم أنهم يعرفون أنه
قد يكون أكثر من اســـتهلاكهم. كانوا يأكلون
ما يأكلون ويلقون بالباقي إلى الطيور، ولكن
بعد برنامج
فارق نقاط الخبزأصبح الناس
يحصلون على ما يحتاجونـــه فقط ويوفرون
الباقي للحصـــول على ســـلع مدعومة أخرى
كالأرز والسكر
.
أمـــا تغريد ) 35عامـــا(، فرصدت ّ تغيرا في
نمط الكثير من برامـــج الطهي، وتقول،
كنت
أرى أن معظم برامج الطهي تركز على عنصر
الإبهـــار، حيـــث يقـــوم الطاهي باســـتخدام
ّ مكونات ربما لم يســـمع عنهـــا أكثرنا وعادة
ما لا تكـــون متوفرة في الكثيـــر من المتاجر.
أما حاليـــا فتركز معظم البرامـــج على كيفية
إمكانية إعداد أصناف بأقل التكاليف وأبسط
ّ المكونات
.
وتضيـــف،
لـــم ُ أعـــد أشـــتري أي حلوى
لرمضـــان مـــن ّ المحـــال الشـــهيرة، فأســـعار
منتجاتهـــا أصبحت خياليـــة. عندما أريد أن
أصنـــع شـــيئا أفتـــح اليوتيـــوب ُ وأبحث عن
الصنـــف الذي أريده وأنفـــذه خطوة بخطوة.
كما ُ أصبحت أستخدم الخضر والجبن وليس
اللحـــم المفروم مثلا كحشـــو لمعظم الأطباق
التي ّ أعدها. ُ وأصبحت أعتمد على الزيوت أو
الســـمن الأقل ســـعرا نظرا إلى ارتفاع الكبير
في أســـعار الســـمن البلدي. التعويم تهذيب
وإصلاح
.
وفـــي ظـــل ارتفـــاع أســـعار الفوانيـــس
المســـتوردة، بصورة أساســـية مـــن الصين،
والتـــي عادة مـــا تكـــون على شـــكل عرائس
لشـــخصيات حقيقيـــة وكرتونيـــة ّ ومـــزودة
بإحدى أغاني شـــهر رمضان، ظهرت أشـــكال
ّ مبســـطة تقليديـــة مصنوعـــة ّ محليا وتحظى
بإقبـــال كبيـــر نظرا إلى ســـعرها المنخفض.
فبينما ُ يصل سعر الفانوس الصغير الصيني
إلى 100جنيه، لا يتجاوز ســـعر المحلي الـ20
جنيها. وقد ّ تصدرت الفوانيس التي تحمل
صورة النجم الرياضـــي المصري محمد
صلاح المبيعات هذا العام.
ويرى عبدالرحمن، وهـــو أب لطالب
في الثانوية العامة، ّ أن تزامن رمضان مع
امتحانات الثانوية العامة، التي تبدأ في
الثالث من يونيو القـــادم ويخوضها نحو
580ألف طالب هذا العام، ســـيؤثر أيضا على
الاستهلاك في رمضان هذا العام.
يقـــول،
رغم أن الأســـعار لـــم ترتفع قبل
رمضان هذا العام بنفس نســـبة الزيادة العام
الماضي، فإنني ّ أتوقع ّ ألا ّ يتحسن الإقبال على
شـــراء مســـتلزمات رمضان؛ حيـــث أن جميع
الأســـر التـــي يوجد لهـــا أبناء فـــي الثانوية
العامة
ّ توجـــه تقريبـــا جـــزءا كبيرا مـــن دخلها
في الشـــهر الســـابق للامتحانـــات وللدروس
الخصوصية.
وفضلا عن ذلك، فإننا ســـنعتذر عن تلبية
أي دعوة إلى الإفطار من أي قريب أو صديق،
كما أننا لـــن ندعو أحدا إلـــى الإفطار
هذا العام
. إلا أنه استطرد قائلا،هـــذا لا يعني أننا لن نســـتعد
لرمضان أو أننا لن نشـــتري
الياميش. ســـنقوم بكل ذلك
لكـــن بالحد الأدنـــى، فأنا لا
ُ أريد أن يشـــعر أبنائي ّ بأي
تغييـــر أو أن أقطع عادة
وجدنـــا عليهـــا آباءنا
وأجدادنا
.يرتفع معدل الاســـــتهلاك عند العائلات العربية التي تصوم شهر رمضان، وتصبح مائدة
الإفطار أكثر تنوعا وبذخا، ويســـــتوي في ذلك الغني بمتوســـــط الحال، لكن غلاء المعيشة
فـــــي مصر وتعويم الجنيه، من الأمور التي جعلت ربات البيوت في مصر يحاولن التوفيق
بين ميزانية البيت والاستهلاك في شهر الصيام فتنازلن عن الكثير من العادات الشرائية
وعوضنها بمهاراتهن في الطبخ وصناعة الحلويات.
نازحو الصومال يستقبلون شهر الصيام الثاني عشر بالسنةحتى الماء لا يغلي في القدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق