لماذا يهتم أصحاب العاطفة الدينية الجياشة بزى المرأة أكثر مما يهتمون بوصايا قرآنية أخرى؟ معلوم أن الذنوب كبائر وصغائر «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً» فهل صرّح القرآن بأن النظر للنساء وتبرجِهن من الكبائر؟ بحيث يبدو منطقيا وواضحا أن المرء حين يتدين فإن أول ما يهتم به هو هذه الأمور؟ وإذا كانوا يعتقدون ذلك، فهل هذا الفهم نابع من القرآن؟!
القرآن يبلغ عدد آياته ٦٢٣٦ آية، فماذا كان اهتمام القرآن الأكبر؟ أليس منطقيًا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال؟!
إنه التوحيد فى المقام الأول. أكثر من ٩٠٪ من آيات القرآن يؤكد على وحدانية الخالق، وعدم جواز عبادة غيره. وتعريف المخلوق بخالقه المجيد حتى يصبح الله دائما حاضرا فى قلبه. والتذكير بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، عظمته وجبروته ورحمته وقدرته. ثم أحوال الأنبياء السابقين وكيف هلك قومهم عندما كذبوا رسولهم. هذا هو اهتمام القرآن الأكبر، لأنه فى الأصل كتاب هداية وتوحيد.
أما 10%، فتتنوع الاهتمامات القرآنية ما بين الوصايا الأخلاقية والتشريع، ومن بينها- بلا شك- الأمر بغض البصر والحشمة واجتناب كل مقدمات الزنى.
أوافق القارئ تماما أن التحديق فى أجساد الممثلات العاريات «حرام»، ولكن..
لماذا لا نجد نفس الهمة فى قضايا الأمة؟
ماذا عن الأموال العامة؟
ماذا عن استبداد الحكام واستئثارهم بالسلطة؟
ماذا عن القذارة المتفشية فى الشوارع؟
ماذا عن سوء المعاملة وأكل أموال الناس بالباطل وحقيقة أننا لا نرحم بعضنا؟
وحتى أصحاب العاطفة الدينية الجياشة، المُذكرون دائما بوجوب غض البصر، فإنك لا تجد منهم الاهتمام نفسه بالوصايا القرآنية فى بر الوالدين والرفق بهم، أو العمل التطوعى فى خدمة الأيتام والمرضى وكبار السن.
وكثيرا ما تبدو الفظاظة فى تصرفات بعضهم، وكأن لسان حالهم يقول إنهم ما داموا يلزمون نساءهم بالنقاب، ولا يشاهدون الأفلام، فإنهم ينفذون تعاليم القرآن.
الحشمة واجبة، وغض البصر واجب. لكنى أتمنى ألّا تنحصر اهتمامات المتدينين فيما يتعلق بزى المرأة فقط، ونرى الهمة نفسها فى باقى الوصايا القرآنية التى تنفع المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق