الخميس، 8 مايو 2025

لو كانوا بشرا، لفعلوا أي شيء لوقف هذه المذبحة بحق الأطفال

 لو أن المقاومين من البشر لاستسلموا بأي شرط يضعه الاحتلال، بدلا من أن يرَوا كل هذه الأعداد من القتلى المدنيين.. «المقاتلون «المخربون» هم همج قساة، لأنهم يعيشون في الأنفاق أشهر وسنوات، ويسرقون الأغذية ولا ذنب للاحتلال بهذا».

قتل الاحتلال منذ بداية الحرب على قطاع غزة أكثر من 16300 طفل، بمعدل طفل واحد كل أربعين دقيقة! إلا أن هذه الأرقام المخيفة لا تعني بالضرورة همجية الاحتلال 

السيسي بصفته زعيم أكبر دولة عربية لا يرى في الحصار الغذائي والمائي والدوائي جريمة حرب، ولو أنه يراها كما هي في حقيقتها لتجنب القول إن السلام بينه وبين من يرتكب هذه الجرائم نموذج يحتذى

ذكرى تحرير سيناء، إن السلام بين مصر وإسرائيل نموذج يحتذى.

أسوأ سلام هو أفضل من الحرب، وهذا صحيح، أما أن تقول إنه نموذج يحتذى، وفي هذا التوقيت بالذات! فهل حقا هذا نموذج يحتذى من السلام!

تصريحٌ صريح بأن العلاقة بين مصر وإسرائيل لن تتأثر، مهما ارتكب الاحتلال من جرائم حرب، فإذا قتلتم ثلاثة وخمسين ألفا حتى الآن، ولم تتأثر العلاقات، فبإمكانكم أن تضاعفوها، فهذا لن يؤثر على السلام الذي يحتذى، فمصر تحترم الاتفاقات، ولا علاقة لإبادةٍ، أو لأعدادِ الذين تجري إبادتهم من الفلسطينيين بالموضوع. 

هذه إشارات لدول استدعت سفراء من إسرائيل احتجاجاً على جرائم الحرب، ودول قطعت علاقاتها التجارية معها، ودول ذهبت إلى محكمة العدل الدولية لمحاكمتها. هذا يقول إن أكثرية العرب وتمثلهم مصر يستطيعون التعايش مع حرب إبادة من هذا النوع، فما بالكم أنتم أيها الأجانب غاضبون وتقدمون شكاوى ضد النموذج الذي يحتذى في السلام! «نموذج يحتذى» يعني أن مصر تدعو الدول المترددة في التطبيع مع إسرائيل بالذات، بسبب جرائم الحرب، بأنْ لا تلتفت إلى هذه الأمور الثانوية، وأن تركز على الجوهر، وأن تطبع علاقاتها لأن النموذج يُحتذى.

هذا توجه إلى الشعب المصري والشعوب العربية، يقول إن ما جرى حتى الآن هو أمرٌ عادي وممكن أن يحدث في الحروب، وأن مصر أكبرُ من أن تغير سياستها بسبب حرب إبادة. هذا التوجه يحمّل الطرفين مسؤولية ما يجري، لأنهما لم يتوصلا إلى سلام مثل السلام الذي يحتذى، كما فعلت مصر وإسرائيل.

مصر تبذل جهوداً لإقناع نتنياهو عن طريق الأمريكيين والفرنسيين، بأن وجهة نظره خاطئة ولا تخدم مصلحة إسرائيل، فهنالك دولٌ تريدُ أن تطبع، ولكنها تشعر بالحرج أمام ما يفعله النموذج الذي يحتذى. عندما يؤكد السيسي أن النموذج يحتذى في أوج جرائم الإبادة بالحرق والتجويع، فهو يوجه رسالة إلى العالم بأن ما تقوم به إسرائيل ضد المدنيين هو أمرٌ غير مقصود، بل هو نتيجة طبيعية للحرب، وليس استهدافا مع سبق إصرار للمدنيين، والمزعج في الأمر هو أن الأعداد كبيرة جدا وغير مقبولة من ناحية لياقة فقط.. وينبغي أن لا يكون، ولكن السلام بين مصر وإسرائيل نموذج يُحتذى.

المصالح المشتركة مفهومة، والطمع في رضا الأمريكيين والأوروبيين مفهوم، والفلسفة الإنسانية من الترويج للسلام مفهومة، فالحروب لا تُخلِف سوى الدمار والويلات لكل من يتورطون فيها، وحاجة مصر إلى المساعدات الأجنبية والقروض الدولية مفهومة، وظهور السيسي بمظهر الصوفي البريء الذي يؤمن بالحب الإلهي، ولا يؤذي نملة مفهوم، ولكن أن يعتبر هذا السلام نموذجاً يحتذى في أوج مذبحة الطفولة في هذا العصر، فهذه مذبحة للقِيم والأخلاق والمبادئ ولحقوق الإنسان وللذوق العام ولمعنى السلام وأهدافه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق