بحثت عن خبر وفاة محمد مرسى فى صحف الدولة، فلم أجده حيث كان يجب أن يكون، وعندما وجدته كان محشورًا فى صفحة داخلية لا تراه العين المجردة، مع أنه خبر مهم، بل هو خبر درجة أولى، بصرف النظر تمامًا عن رأيك فى «مرسى» وعن تقييمك له ولجماعته!.
وقد كان البيان العاجل، الذى صدر عن مكتب النائب العام بعد وقوع الوفاة بساعتين، دليلًا على نوعية الخبر، وعلى تصنيفه، وعلى أهميته.. بصرف النظر مرةً أخرى عن رأيك فى الإخوان، وفى «مرسى» نفسه.. فهو كان رئيسًا لعام كامل، وهو قد مات فجأة، وهو قد مات فى أثناء محاكمته، ثم إن القضية التى كان يقف فيها متهمًا هى قضية تخابر.. وكلها كما ترى عناصر أربعة تمنح الخبر أهميته، وتضفى عليه أفضليته، وتضعه فى مرتبة متقدمة على الكثير من الأخبار!.
إننى أتحدث عن حق القارئ فى الحصول على خدمة صحفية، يدفع فى مقابلها جنيهين من جيبه ومن حُر ماله، وأتحدث عن حقه فى المعرفة، وأتحدث عن حقه فى الحصول على هذه المعرفة من داخل بلده، وعلى أرض وطنه، ومن صحافته، بدلًا من البحث عنها خارج الحدود!.
أتحدث عن الصحافة فى الموضوع، لا عن السياسة، أتحدث عن المهنة فى القضية، وعن أن صدور أى صحيفة يكون من أجل قارئ ينتظرها، وينتظر أن يجد فيها ما يتوقعه، وما يهمه، وما يتصل بشؤون حياته كلها.. ولا أتحدث عن شىء آخر!.
وعندما صدرت صحيفة الشرق الأوسط فى لندن، صباح أمس، كان الخبر «مانشيتًا» فى صدر صفحتها الأولى، وكانت تفاصيل الوفاة حاضرة بين يدى قارئها فى كل عاصمة حول العالم، ليس بالطبع لأنها جريدة إخوانية، ولا لأنها متعاطفة مع الإخوان، ولا لأن هواها إخوانى، ولا لأن القائمين على شأنها إخوان.. بالعكس.. إنها أبعد الصحف العربية عن ذلك كله، وهى تنشر فى كل صباح ما يكشف فكر الإخوان المتطرف.. غير أن هذا كله شىء، وحق القارئ واحترامه شىء آخر تمامًا!.
أذكر أنى كنت رئيسًا لتحرير جريدة الوفد يوم فوز «مرسى» بمنصب الرئاسة، وأذكر أن الأستاذ عباس الطرابيلى كتب مقالًا عنوانه: لا أعترف بك رئيسًا!.. وأذكر أنى نشرت عنوان المقال مع صورة الكاتب فى صدر الصفحة الأولى.. وكان هذا فى حد ذاته إشارة كافية إلى موقف مبكر من جانبى، ثم كان إشارة كافية أيضًا إلى شكل الأرضية التى كانت الصحيفة كلها تقف عليها وقتها!.
التعامل مع خبر الوفاة بالطريقة التى حدثت ليس عقابًا لـ«مرسى»، ولكنه عقاب للقارئ الذى سمع بالخبر فى كل مكان، فلما تناول صحف الدولة لم يقع له فيها على أثر!.
وفاة مرسى كاشفة أن الانقسام المجتمعى وخطاب الكراهية والتحريض والشماتة فى الموت والمصائب أصبحت مستخدمة لدى الجميع، حتى لو وضع بذرته الأولى الإخوان المسلمون، فهم من ابتدعوا لفظ الهالك، وشمتوا فى موت شعراء وفنانين وسياسيين لمجرد أنهم خالفوهم الرأى.. وللأسف، تكرر نفس المشهد من مؤيدى كل العصور، وكرروا نفس الخطاب المتدنى للجماعة.
رحيل مرسى كشف أن المجتمع المصرى لم يتعاف من خطاب التحريض وحالة الاحتقان والانقسام الداخلى.. ويبقى السؤال الذى يتناساه الإخوان حين يحمّلون التيارات المدنية مسؤولية تدخل الجيش فى 3 يوليو: هل الطريقة التى ظهروا بها عقب وفاة مرسى تدفع مخالفيهم فى الرأى (وهم غالبية الناس منهم المؤيد والمعارض) إلى قبول وجودهم فى الساحة السياسية أم أنها تدفعهم إلى قبول أى نظام مهما كان سيئًا إلا الإخوان؟!.
*********************************

ولكن البعض استغلوا وفاة مرسي لشن هجوم على جماعة الإخوان، كالإعلامي أحمد موسى الذي وصف مرسي بالجاسوس.
صحيفة »المصري اليوم«، فكانت
استثناء مصريا يؤكد قاعدة ّ تقدم الرغبة
في الانتقام المعنوي على أي اعتبار آخر،
بما في ذلك حق القارئ في المعرفة. وقد
أتاحت وفاة مرسي للصحافة المصرية
مناسبة ذهبية لاستعادة القارئ، ّ بمد
جسور الثقة المهنية مرة أخرى وأخيرة،
ولكن هناك إصرارا على الفشل، وارتكاب
خطأ مهني فادح وفاضح، يؤكد تبعية
إدارة تحرير الصحف لجهات أمنية،
أو فوق أمنية أمرت بإخفاء ”الحدث“،
لدرجة أن صحيفة يومية شعبية مثل”الأخبار“ نشرت، أسفل صفحتها الثالثة
في اليوم التالي، قصة الوفاة في 42
كلمة على عمود واحد يشمل صورة
لمرسي أصغر من طابع بريد. واتفقت
الصحف في نشر أخبار الوفاة في
صفحة ”الجريمة“ المسماة ”حوادث
وقضايا“، وتخصص لأخبار القضايا
الجنائية لا السياسية
الكاتب الأميركي جون برادلي في كتابه”ما بعد الربيع العربي“ الذي ترجمه
الدكتور رفعت السيد علي، وفيه يفكك
وهم الأغلبية، بقراءة النسب الحسابية
للتصويت الفعلي في الانتخابات، وهي”مفزعة ومخيفة وتثير القلق“؛ فلا
يذهب إلى صناديق الاقتراع في الدول
العربية إلا ما يتراوح بين 20و 40بالمئة
ممن لهم حق الاقتراع
لا يحتاجون لتأييد أغلبية
الشعب لكي يفوزوا في أي انتخابات.
فهم لا يحتاجون إلا لأصوات أغلبية
الأقلية التي تذهب لصناديق الاقتراع.
وقد تيسر لهم حشد أغلبية الأقلية
بالترهيب والترغيب، واعتبار الاستفتاء
جهادا انتخابيا في سبيل الله، ُ وجندت
له الفضائيات الدينية والمساجد،
واستغل تنظيم الإخوان آيات القرآن
في الحشد ”ولا تكتموا الشهادة،
ومن يكتمها فإنه آثم قلبه“، واعتبار”التصويت على التعديلات الدستورية
والموافقة عليها واجب شرعي“. ومن
بين أقلية شاركت ) 41بالمئة( ضمنوا
تحقيق أغلبي
ولكن البعض استغلوا وفاة مرسي لشن هجوم على جماعة الإخوان، كالإعلامي أحمد موسى الذي وصف مرسي بالجاسوس.
صحيفة »المصري اليوم«، فكانت
استثناء مصريا يؤكد قاعدة ّ تقدم الرغبة
في الانتقام المعنوي على أي اعتبار آخر،
بما في ذلك حق القارئ في المعرفة. وقد
أتاحت وفاة مرسي للصحافة المصرية
مناسبة ذهبية لاستعادة القارئ، ّ بمد
جسور الثقة المهنية مرة أخرى وأخيرة،
ولكن هناك إصرارا على الفشل، وارتكاب
خطأ مهني فادح وفاضح، يؤكد تبعية
إدارة تحرير الصحف لجهات أمنية،
أو فوق أمنية أمرت بإخفاء ”الحدث“،
لدرجة أن صحيفة يومية شعبية مثل”الأخبار“ نشرت، أسفل صفحتها الثالثة
في اليوم التالي، قصة الوفاة في 42
كلمة على عمود واحد يشمل صورة
لمرسي أصغر من طابع بريد. واتفقت
الصحف في نشر أخبار الوفاة في
صفحة ”الجريمة“ المسماة ”حوادث
وقضايا“، وتخصص لأخبار القضايا
الجنائية لا السياسية
الكاتب الأميركي جون برادلي في كتابه”ما بعد الربيع العربي“ الذي ترجمه
الدكتور رفعت السيد علي، وفيه يفكك
وهم الأغلبية، بقراءة النسب الحسابية
للتصويت الفعلي في الانتخابات، وهي”مفزعة ومخيفة وتثير القلق“؛ فلا
يذهب إلى صناديق الاقتراع في الدول
العربية إلا ما يتراوح بين 20و 40بالمئة
ممن لهم حق الاقتراع
لا يحتاجون لتأييد أغلبية
الشعب لكي يفوزوا في أي انتخابات.
فهم لا يحتاجون إلا لأصوات أغلبية
الأقلية التي تذهب لصناديق الاقتراع.
وقد تيسر لهم حشد أغلبية الأقلية
بالترهيب والترغيب، واعتبار الاستفتاء
جهادا انتخابيا في سبيل الله، ُ وجندت
له الفضائيات الدينية والمساجد،
واستغل تنظيم الإخوان آيات القرآن
في الحشد ”ولا تكتموا الشهادة،
ومن يكتمها فإنه آثم قلبه“، واعتبار”التصويت على التعديلات الدستورية
والموافقة عليها واجب شرعي“. ومن
بين أقلية شاركت ) 41بالمئة( ضمنوا
تحقيق أغلبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق