السبت، 8 يونيو 2019

الضرب بين المنطق والفقه

وعليه دعا الإمام الأكبر، فى نهاية الحلقة الأخيرة من برنامج «حديث شيخ الأزهر»، المجامع العلمية والبرلمانات ومجالس الشيوخ إلى التفكير فى منع ضرب الأزواج والأطفال، ومنع الضرب عمومًا، لأن الضرب بالرغم من أنه مباح بشروطه، «التى تحصره فى الضرب الرمزى»، لكن لولى الأمر أن يقيد هذا المباح إذا رأى ضررًا يتحقق من تطبيقه، ولا مانع فى الأزهر من فتح النقاش فى هذا الأمر بين العلماء.
أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا، 

بين المنطق والفقه

فى طرح لشيخ الأزهر فى برنامجه الرمضانى اليومى، صرح بـ«أن ضرب الزوج زوجته له نظام وحدود، فمن شروطه ألا يكسر لها عظمًا، وألا يؤذى لها عضوًا، فإذا ضرب وتجاوز مسألة الأذى فهذا حرام، ويعاقب عليه، كما لايجوز له أن يضرب باليد، ولا يضرب على الوجه ولا يخدش شيئًا ولا يترك أثرا نفسيا على الزوجة، ومن هنا نرى أن المراد بالضرب هو الضرب الرمزى بالمسواك مثلاً أو فرشاة الأسنان فى هذا الزمن»، كما أضاف فضيلته معقبا بعد الهجوم على تصريحاته أن «الضرب يكون على سبيل التهذيب وليس على سبيل الاعتداء»..
 الإحصاءات تدل على أن معدل ضرب الزوجات لأزواجهن فى مصر من المعدلات العالية دوليا،
 فإذا كان مازال لرجال الفقه بقايا رغبة فى الحفاظ على الدين فى عصر الذكاء الاصطناعى وقواعد البيانات الضخمة، ليخرج شيخ الأزهر معلنا أن ضرب الزوجة جريمة دون المماحكة فى المسواك وفرشاة الأسنان، وليخرج المفتى معترفا أنه يجب الأخذ بالعلوم الفلكية دون غيرها فى تحديد الشهور القمرية، وأن مسألة الرؤية ما هى إلا فقرة فولكلورية للإعلان الشعبى وإسعاد الأطفال مثل ضرب المدفع وأكل الكعك، وليدرك كل رجل دين أن أحكام أجداد أجداد البدو قد ولى زمانها، وانقضت الحاجة إليها، ولا ينقلبون على النقاش عندما يجدون أنفسهم مواجهين بإعمال العقل بأن هذه أحكام الدين وقواعده، بينما الحقيقة غير ذلك، لأن القاعدة المنطقية العقلانية تنص على «أنه ليس كل ما لا يتطابق مع النص الدينى مخالف له أو ضد الدين» فقواعد المرور لا تتطابق مع النص الدينى، ولوائح الموارد البشرية لا تتطابق مع النص الدينى، ونظريات الهندسة وتخطيط المدن لا تتطابق مع النص الدينى.. إلخ، وكلها قطعا لا تتناقض مع الدين فى الوقت الذى لا تتقاطع معه أيضا.
إن المسألة ليست زوجة تتعرض للضرب شرعا، أو يوم يزيد أو ينقص من الشهر فقها، ولكنه صراع يجب أن نغلب فيه العلم والمنطق والقانون على التوهيم والدروشة، لحياة قائمة ومن أجل أجيال قادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق