ولفهم تركيبة التفكير السياسي عند أفلاطون؛ علينا أن نفهم أيضا بنية تفكيره الأخلاقي، لأنها متضمنة ومتداخلة فيها، فالسياسة ليست أكثر من امتداد طبيعي للأخلاق، وهذا النهج اتبعه أفلاطون ثم أرسطو وبقية فلاسفة اليونان قاطبة، ومن هنا كان أفلاطون يدحض مزاعم السفسطائيين القائلين بإنكار قوانين الأخلاق وقوانين الدولة بدعوى أنها من اختراع الضعفاء من أجل حماية أنفسهم من جبروت الأقوياء، فالسلطة حسب رأيهم إن هي إلا حق شرعي للأقوى دائماً، بينما ينص أفلاطون بأن إحراز السلطة إنما يكون بقوة العقل لا بقوة الغاب الوحشية.
أما أبو نصر محمد الفارابي (257-339هـ/ 870-950م) الذي يعد المعلم الثاني للفكر الفلسفي بعد أرسطو؛ فإنه أول فيلسوف في الإسلام اتبع هذا النهج الأفلاطوني في آراء أهل المدينة الفاضلة، وكذلك في السياسة المدنية، إلاّ أن تأثره هذا لا يعني بأنه وضع فكره السياسي على نحو انقيادي تقليدي،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق