يرسم كتاب "رافعات السلطة" صورة فسيفسائية لتداخل المال بالسلطة، الاقتصاد بالسياسة. فإن كان الاقتصاديون الرأسماليون سعداء، عاشت البلاد بهناء، وهي البلاد نفسها التي يكسب اثرياؤها فيما يدفع فقراؤها الثمن.
السياسة الأميركية واقعة في قبضة الكيانات الاقتصادية العملاقة التي تفرض سياسات تعزز مصالحها على حساب المصالح العامة. من هذا المنطلق، ألّف كيفن يونغ وتارون بانيرجي ومايكل شوارتز كتابهم "رافعات السلطة" the Levers of Power (224 صفحة، دار فيرسو للنشر)، ليناقشوا سبل صنع القرار السياسي بتأثير القوة المفصلية الاقتصادية في المجتمع الأميركي، وعمل السياسيين القادمين لتحقيق التغيير على إحداث توازن بين مصالح الشعب وغايات أصحاب الأعمال.
يقول يونغ وبانيرجي وشوارتز: "يجب أن يسعى المسؤولون الحكوميون إلى إسعاد الرأسماليين تجنبًا لإضراب رأس المال، أي لرفض الاستثمار في صناعات معينة، أو نقل أصولهم إلى بلدان أخرى، وتاليًا فرض مشقة مادية على مجموعات معينة، أو على الاقتصاد كله.
ليست الانتقادات الموجهة إلى الأثرياء وإلى حكم الأغنياء بجديدة. فالماركسيون والفوضويون هاجموا مرارًا تأثير الرأسماليين في الحكومة. وقدم بعض الليبراليين انتقادات مماثلة تعود إلى شكوى قديمة في عام 1776 تتهم التجار والمصنعين في إنكلترا بأنهم مهندسو السياسة الاقتصادية التي يتّبعها السياسيون.
الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تسببوا أيضًا بغضب قطاع الأعمال، رغم بذلهم جهودًا هائلة لاستيعاب مصالح الشركات.
قوة الشركات.. أين؟
أين تكمن قوة الأعمال؟ أفي التبرعات الانتخابية؟ يقول يونغ وبانيرجي وشوارتز: "أقوى سلاح للبنوك وأرباب العمل هو الإضراب الرأسمالي: سحب رأس المال الاستثماري من قطاع أو أكثر من قطاعات الاقتصاد، أو سحب الاستثمار في شكل تسريح العمال، أو نقل الأموال إلى الخارج، أو تحويل رأس المال المالي إلى الخارج، وتشديد الائتمان وغيرها من التدابير التخريبية. ويمكن تنفيذ هذه الإجراءات من قبل الشركات الفردية أو الصناعات بأكملها، أو عندما يتخذ كبار المستثمرين قرارًا جماعيًا بعدم الاستثمار".
بحسبهم، حجب رأس المال لا يمثل إضرابًا رأسماليًا متعمدًا لأغراض سياسية، "فقد يسحب الرأسماليون الاستثمار لمجرد ظروف السوق، مثل انخفاض الطلب على منتوجاتهم"، والحكومات الأكثر جرأة وحدها هي المستعدة لإكراه الرأسماليين على الاستثمار، "فالقيام بذلك يستدعي إضرابات رأسمالية أعمق، ويؤدي إلى عرض يجب على الدولة فيه إما مصادرة المشاريع الخاصة، وإما الاستسلام للحكومات، وبالتالي تستثمر طاقة كبيرة وموارد عامة لدرء السخط من قبل المديرين التنفيذيين والمستثمرين الغاضبين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق