هم لا يثقون لا بأشقائهم ولا بشعوبهم ولا حتى بأجهزتهم. هؤلاء كلهم الآن حراسهم وجواسيسهم ورقباؤهم على الساحة الوطنية والدولية هي المخابرات الإسرائيلية والأميركية.
اختاروا هذه الطريقة الدنيئة لحماية أنفسهم، وكان بإمكانهم ما لا يعد ولا يحصى من الطرق والأساليب ليكونوا أقوياء ومطمئنين وراسخين في أماكنهم. وقديما قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه "عدلت فأمنت فنمت". الحاكم يحصن نفسه بالعدل وبالمواقف القوية المنحازة لشعبه وأمته، ويحصن نفسه بشعبيته.
هؤلاء الحكام ومن يناصرونهم يرون أن هذه القضية تحكمها موازين القوى وقوانين العلاقات الدولية وحسابات المصالح والمكاسب السياسية، ويقولون إنه لا فرق بين إقامة علاقات مع أميركا أو فرنسا أو بريطانيا، وهي نفسها دول قتلت كثيرا من المسلمين، وبين إقامتها مع إسرائيل وهي دولة عضو بالأمم المتحدة. فكيف تحاكمونهم بميزان الشريعة الإسلامية وهم يقدرون هذا بميزان السياسة؟
نعم هي تهدد الفلسطينيين واللبنانيين ومن قبل الأردنيين والمصريين
قضية موازين القوى هنا غير واردة وهي مجرد ادعاء، أما القول إن العلاقة مع إسرائيل مثل العلاقة مع أميركا وبريطانيا فغير سليم، فليست هذه الدول هي التي تحتل وطنا عربيا إسلاميا، وليست هي التي تحتل المسجد الأقصى ثالث المساجد الثلاثة قداسة ومكانة وحرمة عند المسلمين. وهذه الدول ليست هي التي تقتل الفلسطينيين يوميا وتصادر مزارعهم وتهدم بيوتهم، هناك فوارق.
يرون أنها تدْخل في إطار السياسة الشرعية المتروكة لاجتهاد الحاكم وتقديره، فيستشهدون مثلا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رهن درعه ليهودي، وأكل طعام اليهود وباع لهم واشترى منهم، وكان له معهم حلف سياسي.
العرب واليهود المتحدث عنهم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكونوا محتلين لأرض ولا لدولة، وإنما كانت هناك علاقات تتراوح بين أن يلتزموا بمبادئها وأعرافها أو ينقضوها ويخالفوها. بنو قريظة لا أحد يقول إنهم احتلوا الأرض التي كانوا فيها، ولا خيبر.
(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)
وكذا بعض الآيات التي تدعو للصلح، لكن الإمارات والبحرين ليس لهما حرب مع إسرائيل أصلا.
هم في الحقيقة يدعمون إسرائيل في حربها على الفلسطينيين، فهي الآن ستزداد شراسة بأموالهم ودعمهم السياسي والمعنوي،
الفلسطينيون مضطرين للتعامل مع إسرائيل لأنهم يوجدون فيها وتوجد هي فيهم، فما بال قوم يأتون من أطراف الجزيرة العربية ومن أطراف العالم العربي ليبحثوا عن التفاوض؟ عن أي تفاوض يبحثون؟ ومن ألزمهم به أو أرغمهم عليه؟ ومن طلبه منهم؟
الفلسطينيون لهم ظروفهم القاهرة التي تفرض عليهم التعامل مع المحتل، فبعضهم يحملون الجوازات والوثائق الإسرائيلية، والباقون لا يمكنهم التحرك إلا بإذن وموافقة السلطات الإسرائيلية، حتى أكلهم وشرابهم يدخل بإذن إسرائيل، والمساعدات والتمويلات التي تأتيهم تمر عبر البنوك الإسرائيلية.
هذا واقع اضطراري، هل نريد للفلسطينيين أن يموتوا بكل أشكال الموت؟ هذا تداخل مفروض وقائم بين إسرائيل والفلسطينيين، أما أن يأتي أحد لا علاقة له بإسرائيل ولا شيء يلزمه للتفاوض معها، ويريد أن يقيس نفسه بالفلسطينيين، فهذا لا يستقيم.
إذا تحدث الفلسطينيون عن الاضطرار فهم مضطرون، وإذا تحدثوا عن الأمر الواقع فهم يعيشون مراراته كل يوم، لكن البحرين والإمارات -أو غيرهما- لا علاقة لهما بالاضطرار ولا بالأمر الواقع، ليس لهما لا علاقة جغرافية بإسرائيل ولا حدود ولا مصالح اضطرارية تفرض عليهما علاقة معها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق