هل الجسد سلعة
فالمرأة صارت بالحجاب والتعري مجرد جسد قابل للتعرية حينا وللتغطية حينا
يصور المراة عوره واداه اغراء واغواء ينبغي تحجيبها والغاؤها ومحوها والتعري يظهرها سلعة للاستثنار والتجاره
لا شكّ في أنّ للجسد أهميته الكبيرة في حياة الإنسان، فهو يشارك النفس البشريّة مصيرها، كما أنَّه وسيلة التعبير وأداة العمل، والصورة الخارجيّة الزاهية التي تعبّر عن جمال النفس وأصالتها وقيمتها.
قيمة الجسد وعظمته تظهران بأبهى صورة في تجسّد ابن الله يسوع المسيح
إنَّ لجسد الإنسان حرمة لا يجوز انتهاكها، وتعرية الإنسان انتهاك لكرامته البشريّة، مهما كانت المسوّغات الزائفة التي تُساق لتبرير ذلك
لقد انتشرت حُمى “العُري” بين الناس بطريقة لم يسبق لها مثيل؛ ففي وقت مضى كان فقط بالشواطئ والبحر والنوادي الليلية؛ أما الآن فتراه في كل مكان.
بل الأغرب حينما ترى العُري والملابس الخليعة في الجامعات والشارع، بل وفي كل المناسبات، حتى داخل الكنائس! لكنها تُسمَّى بـ“موضة العصر”
اكتشف الإنسان عريه حين سقط في الخطيئة
++++++++++
الإنسان سلعة
تسليع الإنسان، وقد يتبادر إلى ذهنك مصطلحات عديدة مرتبطة بهذا التعبير مثل الاتجار بالبشر، وتجارة الأعضاء، وغيرها، لكن بمجرد امتلاكك لهاتف ذكى عليه بعض تطبيقات السوشيال ميديا، قد تحولت إلى سلعة! فهذه التطبيقات لا تمتلك منتجات تبيعها، لتحقق ما نسمعه من أرقام فلكية عن ثروة أصحابها، ومنتجها الوحيد هو أنت.. أنت سلعتها، ومصدر ربحها، لذلك ابتكرت تكنولوجيا خاصة للتلاعب فى عقلك لتصبح أسيرا لهاتفك المحمول.
فيلم The social dilemma أو المعضلة الاجتماعية، الذى بثته شبكة نتفليكس يوم ٩ سبتمبر الجارى، ناقوس الخطر من خلال تصريحات مجموعة من المديرين السابقين لمواقع التواصل الاجتماعى، وخبراء التسويق وعلم النفس، ويكشف الجانب المظلم من هذه التطبيقات التى أصبحت جزءا رئيسيا من حياتنا اليومية، وصل إلى حد الإدمان لدى البعض. ربما لم يعد الحديث عن مخاطر السوشيال ميديا فى نشر الأخبار الكاذبة، وتحولها إلى نوع من الإدمان أمرًا جديدا، لكن ما يحاول الفيلم التأكيد عليه أن هذا ليس نتيجة سوء الاستخدام، بل إن هذه المواقع صممت بالأساس لتعامل الإنسان كفأر تجارب! وطورت تكنولوجيا للتلاعب فى عقول البشر، ليستمروا فى تصفحها، تاركة المستخدمين فريسة للمعلنين.
وأهم ما يطرحه الفيلم هو تعزيز هذه التطبيقات لفكر التطرف والاستقطاب فى المجتمع، حيث تسهّل جمع البشر تحت راية معينة بغض النظر عن أخلاقية أو صدق هذه الراية، ووفقا لضيوف الفيلم فإن الأخبار الزائفة تنتشر بسرعة أكبر ست مرات عن الأخبار الحقيقية، لأن الحقيقة مملة!
تطبيقات التواصل الاجتماعى ليست سيئة كتكنولوجيا تربط بين البشر وتلغى الحدود الجغرافية، لكن المشكلة فى لعبها على الغرائز، فالطبيعة البشرية مؤهلة للتعامل مع حيز محدود من العلاقات للحفاظ على صحتها العقلية، لكن عندما يكون لديك آلاف أو ملايين المتابعين يؤيدون أفكارك ويشيدون بأدائك، يصبح من المستحيل أن تقبل أى أفكار أخرى، والعكس عندما ينتقد هؤلاء شكلك أو أداءك ربما تصاب بالاكتئاب، وهو ما عرضه الفيلم فى الجزء التمثيلى، مؤكدا زيادة نسبة الاكتئاب عند المراهقين.
لا يضع الفيلم حلا للمشكلة فهو فى جانب ربما يدعو أصحاب هذه التطبيقات لتغيير نهجها فى التلاعب بعقول البشر، لكنه فى نفس الوقت يشير إلى أن الآلة هى التى تدير الدفة الآن، عبر تكنولوجيا ما يسمى بالذكاء الاصطناعى!
نحن مقبلون على صراع مع الآلة سبق أن جسدته السينما العالمية، فمن سينتصر فى الصراع؟، وهل نستطيع إيقافه ونحن على علم بمخاطره؟، أم أننا سنسير إلى قدرنا الذى نصنعه بأيدينا، ونستكمل أحلامنا بإنسان خارق أشبه بالروبوت، وهو ما ظهرت بوادره فى شريحة ذكية تزرع فى مخ الإنسان أعلن عنها مؤخرا المخترع ورجل الأعمال الأمريكى إيلون ماسك.
أنت السلعة الأساسية
إحدى النقاط التي طرحها العمل أن الشركات لا تحصل على أرباحها لقاء بيع المنتجات والإعلانات مباشرة فقط، بل عبر بيع المستخدمين أنفسهم، أو بمعنى أدق بياناتهم والمعلومات التي يجمعونها عنهم، وهو ما لا يحدث بصورة صريحة.
بيتكلم عن ال social media وكل اضرارها وازاى
احنا "المنتج"
خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يستطيع التقنيون والأنظمة المستخدمة استغلال المعلومات وليست تلك التي يسجلها الشخص عن نفسه فقط، بل المستنتجة من النمط الذي يتبعه لتصرفاته واختيارات ما يعجبه أيضا، وذلك لجذب انتباهه وإجباره على المتابعة إلى حد إدمان التواجد واستخدام الخدمات، وهو ما وُصِف داخل الفيلم بسياسة التحفيز عن طريق المكافأة.
التربح عن طريق الإشاعات
كارثة أخرى كشفها الفيلم، وهي تعمد الشركات السماح بترويج الإشاعات والمعلومات المغلوطة، بعد أن وجدوا ذلك جالبا للربح ربما أكثر من الإعلانات نفسها، فالأخبار الكاذبة تنتشر أسرع، وهو ما يمكن استغلاله سواء للاستفادة منه اقتصاديا أو سياسيا.
الطريقة المثالية لصنع المتطرفين
من الطرق الملتوية التي تتبعها تلك الشركات أيضا للتأثير على المستخدمين، تعمد تعريضهم لأشخاص وأخبار يشاركونهم الاهتمامات والآراء نفسها، من دون عرض الرأي الآخر، مما يجعلهم مع الوقت متعصبين أكثر إلى آرائهم، معتقدين أنها الأصح والأكثر اتباعا، وأن الآخرين محض سذج وأغبياء أو ربما كانوا إرهابيين، مما يزيد انتشار جرائم الكراهية بالتبعية.
وهو ما يعني أن مستخدمي تلك الخدمات معزولون بشكل أو بآخر عن العالم، وموضوعون داخل فقاعة ليست دوما من اختيارهم، مما يجعلهم لا يشاهدون سوى وجه واحد للعملة يختلف تماما عن الوجه الذي يراه الآخر حتى لو كان ذلك الآخر شريكهم في الحياة.
وفقا لآراء العاملين في مجال التكنولوجيا، فإن الشركات ليس لديها ما يجعلها تستغني عن الأرباح الطائلة التي تجنيها، فالإنسان وصحته النفسية والعقلية هو آخر همها، مما دعا بعض المتخصصين للاعتقاد -وفقا لتصريحاتهم في العمل- أن استمرار هذه الحال من شأنها التسبب في حرب أهلية مستقبلا.
الحل الوحيد الذي قد يمنع ذلك هو أن تحدث ثورة احتجاجية من المستخدمين أنفسهم بعد الاطلاع على تلك المعلومات، مطالبين بتشريع قوانين للحد من استخدام البيانات الشخصية، وأن تخضع تلك المنصات لرقابة صارمة، وبالتالي يتضاءل الضرر المترتب عليها.
الأولى أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي ومحتواها على المراهقين، يتسبب في زيادة معدل الاكتئاب ومن ثم الانتحار في هذا العمر، أو حتى معدل الراغبين في إجراء عمليات تجميل. أما الثانية فتتمثل في الحالة الإدمانية التي وصل إليها كثيرون، وكيف جعلتهم الهواتف منفصلين تماما عن عائلاتهم عاطفيا واجتماعيا.
"المعضلة الاجتماعية" فيلم درامي-وثائقي أميركي إنتاج 2020، من إخراج جيف أورلوفسكي، لكن بنظرة متأنية يمكن تصنيفه فيلم رعب نفسيا، أبطاله هم أنا وأنت والعائلة والأصدقاء المقربون.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق