السبت، 2 مارس 2019

البروتستانتية الإسلامية علي سيريني

"المسلمون المتنورون" الذين قدموا أنفسهم كمصلحين دينيين، و دعاة التجديد ونبذ الخرافة و الأساطير، و مقدمين لتفسير الإسلام تفسيرا عقلانيا ينسجم مع التطورات العلمية و الثقافية الغربية. كان جمال الدين الأفغاني و تلميذه محمد عبده من أهم رواد هذه الحركة. من هنا نلاحظ بوضوح، تأثر كلا الرجلين بمارتن لوثر و رواد الإصلاح الديني البروتستانتي، و ليس من شك أنهما يتقمصان دور رواد الإصلاح البروتستانتي، و يقدمان طروحات ماهي إلا محاكاة لأعمالهم و أفكارهم في القرن السادس عشر.

التغير تجذر في المجتمعات الأوروبية بالتدريج، تحت هيمنة التيارات الفكرية و الفلسفية التي افترقت مع الدين بالكليّة، و لم تعد تهتم للدين بل و تعتبره جزءا من الخرافات و الأساطير البشرية. إذن دخلت أووربا القرن التاسع عشر في ظل تتويج الحداثة و الليبرالية و اللادينية. حدث هذا برفقة التفوق التكنلوجي و العسكري لدول أوروبا، و تزامنا مع رواج كبير لسلعتها و بضائعها و منتوجاتها المختلفة المادية و المعنوية لدى شعوب العالم. هذا التتويج أعطى إنطباعا عاما للناس في الغرب و الشرق، و لأوساط مختلفة، أن هذا التطور الغربي الهائل، و تفوقه العلمي و الثقافي الصاعد، و هيمنته التكنلوجية و العسكرية الجبارة، ليست سوى نتيجة منطقية للإصلاحات البروتستانتية في المسيحية، و من ثم الإنقلاب على الدين في عصري التنوير و الثورة الفرنسية، و من ثم موت الدين في عصر الحداثة، كما عبّر بذلك الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه في مقولته الشهيرة أن "الإله مات".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق