الأربعاء، 10 أغسطس 2022

بناء ديمقراطية دائمة يقتضي التضحية

  نخب الأحزاب والجمعيات المتخفية وراء حجاب مدني غالبا كشفت تكالبها على السلطة بفرط الترشح دون هدف جماعي (على غرار الترشح للرئاسيات  في 2014 و2019). الرواتب البرلمانية ورواتب الهيئات الدستورية وكثير من المناصب التي استحدثت بعد الثورة خلقت تنافسا محموما على نيل المواقع والرواتب، وغالبا دون كفاءة وقدرة على الإقناع.. كانت مغرية، وقد رأينا نوابا برلمانيين تحولوا بسرعة غير متوقعة إلى تجار نفوذ وظهرت عليهم ثروات مريبة.

من يسعون إلى السلطة/ المغنم لا يمكنهم السعي إلى الديمقراطية/ الوسيلة بصفتها عملا مؤسسا في واقع غير ديمقراطي يرام منه بناء ديمقراطية من عدم، وهو الأمر الذي كشف ضعف النخب المعارضة السابقة ونفر الجمهور العريض من أتباعهم فانحازوا إلى خطاب الشعوبية الجذري فكانت هذه النخب سببا رئيسيا لردة كبيرة عن مطالب الربيع في التحرر والتنمية.

لماذا تصرفت النخبة بهذه الطريقة وخلا سلوكها من أية رغبة في التضحية من أجل بناء ديمقراطية دائمة؟ هل هي المدرسة ونظام التعليم الفرداني والتنشئة الاجتماعية الفردانية؟ 

هل نحتاج أن نتخلى عن التصورات المثالية التي حكمت تقييمنا وانتظاراتنا لنقبل أن بناء الديمقراطية سيتم رغم الفشل الآني بمثل هذه النخب؟ كل المعطيات المقارنة التي نصل إليها بقراءات متنوعة تثبت أنه ما من ديمقراطية إلا وقد بذل فيها الجيل المؤسس ثمنا عظيما من التضحية والإيثار، وهو ما لم يحدث في تونس ومصر، خاصة ونحن واقفون على باب ردة عظيمة سيكون ثمنها أثقل من ثمن الصبر على الديمقراطية. نعاين الآن فشلا كبيرا ونراه يمتد غدا، بما يعني أن وضعا آخر يتهيأ دون هذه النخب بل ضدها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق