الاثنين، 8 أغسطس 2022

التلاعب بالمواطنين أفضل من قمعهم.

 الرجال الأقوياء لأنفسهم فيجمعون حولهم المواطنين المغيّبين ومشتتي الانتباه، ليضفوا شرعية واهية على ممارساتهم الدكتاتورية وطبائعهم الاستبدادية.

دكتاتوريات الخوف

لحكام يركزون سلطتهم بلا رحمة، لكنهم لا يلغون المؤسسات مثل البرلمانات رسميا. كما أنهم في الواقع لا يتنصّلون من الديمقراطية

“دكتاتوريات الخوف”، وهي نموذج أكثر تقليدية يعتمد على الإرهاب لفرض التوافق الأيديولوجي، و”دكتاتوريات التدوير”، وهي نوع جديد يمتنع عن القمع على نطاق واسع، ولكنه يضمن أن يبقى تغيير السلطة شبه مستحيل.

المستبدون اليوم يرغبون في خلق الموافقة على بناء الأوهام

 الأوتوقراطية التقليدية لم تختف وأنّ الصين، أهم مثال لها، قد “رقمنت النموذج القديم القائم على الخوف”. ولكن ظهر اتجاه آخر، حيث وجد المؤلفان أن دكتاتوريات الخوف انخفضت من 60 في المئة من إجمالي مجموعة القادة الاستبداديين في السبعينات إلى أقل من 10 في المئة منذ 2000. لكن نسبة الدكتاتوريات ارتفعت من 13 في المئة إلى 53 في المئة.

ويركز الدكتاتوريون الجدد على إبقاء الشعب مطيعا أو مشتت الانتباه، من خلال علاقات عامة متطورة غالبا، لكنهم لا يطالبون بالولاء المستمر. وتثير الانتصارات في الانتخابات بنسبة 99 في المئة من الأصوات الغضب. لذلك، يضمن الدكتاتوريون أن يكون الانتصار ساحقا ولكن دون دليل واضح على الاحتيال، بينما يثبطون معنويات المعارضة.

 المستبدين التقليديين إذا اعتمدوا على وهم الموافقة، فإن المستبدين اليوم يرغبون في خلق الموافقة على بناء الأوهام، سواء حول استمرار الديمقراطية الحقيقية، أو الكفاءة اللانهائية للزعيم، أو جعل البلاد عظيمة مرة أخرى.

أغلق الزعيم الروسي آخر المنافذ الإخبارية المستقلة المتبقية في روسيا على الرغم من تهميشها بالفعل، وهو يعمل على جعل المجتمع يتوافق مع نظرته الأيديولوجية. واتبع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهجا مماثلا من محاكاة الديمقراطية نحو القمع الصريح في تركيا بعد محاولة الانقلاب في 2016 ضد حكومته. ويبدو أن الحكام المستبدين اليوم مستعدون لاستعمال الخوف عندما تتغير الظروف وعندما يسمح السياق الدولي.

وأصبحت نظرية الاستبدال العظيم، وهي اختصار لنظرية المؤامرة التي تستحضر أعداء الأمة الذين يسعون إلى استبدال “الشعب الحقيقي” بـ”الآخرين”، مركزية في خطاب اليمين المتطرف في العديد من البلدان. وهذا ما يجعل صياغة أي مناقشة للتركيبة السكانية بعناية أكثر أهمية.

فليست لديهم فكرة سياسية جديدة على الإطلاق، وغالبا ما يدعون إلى الديمقراطية لتبرير أنفسهم. لكن الجديد هو قدرتهم على صقل تقنياتهم الحاكمة واستغلال ميل الغرب لوضع الربح فوق المبادئ السياسية. واعتمد نظام بوتين بشكل أساسي على الثغرات القانونية وتعاون المصرفيين الغربيين والمحامين ووكلاء العقارات مع الأوليغارشية الروسية. واستفادت الدكتاتوريات الجديدة أيضا من استعداد القادة الغربيين السابقين لتصديقهم على أنهم ديمقراطيات حقيقية.

مطيعا أو مشتت الانتباه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق