الاثنين، 3 فبراير 2020

يحذرنا الجاحظ من عدوى الحمقى

«إبعد عن الغبي وغنيله»؛ لأن الغبي الشر بعينيه، فكم من فريق كرة قدم لحقت به الهزيمة، بسبب غباء أحد لاعبيه،

ويكشف التاريخ لنا أن أعتى الأسلحة التي أدت إلى الهزائم؛ سواء عسكرية أو سياسية أو ثقافية، كانت أسلحة تنحصر في الغباء والجهل والتعنت على التمسك بالآراء غير العلمية أو المنطقية، ويفسر لنا الواقع علة بقاء تقدم الصهاينة وتفوقهم على العرب في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بفضل امتلاكهم أدوات التكنولوجيا والتخطيط القائم على البحث العلمي، ويرجع أيضًا إلى رصد حكومات الصهاينة أعلى ميزانية للبحث العلمي، وفي المقابل تصل نسبتها لدى العرب أقل من 1%، غير أن الصهاينة قفزوا كذلك على العرب في الخارج بسيطرتهم على ناصية القرار الأمريكي والأوروبي، وقد يكون القرار الصيني والروسي، بسبب التزامهم بالتخطيط العلمي والإستراتيجي، وقراءتهم للتاريخ بدقة والاستفادة من أخطائهم.

ويعترف علماء النفس أن لداء الغباء والجهل دواء، ولكن شرطهم لتفعيل تأثير الدواء، هو إقرار الغبي أولًا بإصابته بمرض الحمق، ويكون ذلك أول خطوة في طريق العلاج، وحذرنا الجاحظ من مجالسة الحمقى، لأن معاشرتهم يومًا واحدًا تصيبنا بنسبة كبيرة من الفساد، تساوي قدر استفادتنا من صلاح العقلاء دهرًا كاملًا، ويقول الجاحظ: فساد الجهلاء يشمل عناصر كثيرة، أهمها سوء الذمم والأخلاق، التي تنتقل بسرعة كالعدوى.

وقلنا إن أشد أنواع المخاطر هي أفعال الشخص الغبي أو الجاهل، ونشاهدها في كارثة اجتماعية تتكرر بصفة دورية وسط عائلات ينطبق عليها الجهل، وتتجسد ملامحها في الجريمة التي اهتزت لها القلوب؛ حيث استيقظ أهالي قرية عراقية على صراخ والدة الضحية بعد أن قتلها شقيقها، لأن زوجها أعادها إلى بيت الزوجية في «الصباحية» لعدم نزول دماء غشاء البكارة، وبعد مطالبة الأم بفحصها، أثبت الطب الشرعي أن الفتاة ما زالت بكرًا؛ لأن غشاءها من النوع المطاطي، فرحمة الله على ضحية الغباء.

ولأهمية دور الغباء في إفساد الحياة: كتب «أريك دورتشيمد» كتابًا ضخمًا عن الغباء بعنوان «دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ»، والمؤلف عمل مخرجًا سينمائيًا ومراسلًا عسكريًا لقناتي الـ «بي بي سي» و«سي بي أس»، وأكد فيه أن الغباء بمثابة العامل الرئيسي في تغيير مجرى أحداث التاريخ.
ومن الجانب الآخر نشاهد أن الغباء الذي دمر العرب على يد المغول، كان ذكاء قطز سببًا في النصر عليهم، الذي منع أيضًا تقدمهم إلى أوروبا، واشتملت عناصر ذكائه لتحقيق النصر على عدة عوامل؛ منها تحييد الصليبيين عن دعم المغول، وثانيًا تهديد بعض قادة العرب في ممالك الشام بالتخلي عن تأييد المغول، بخلاف تفوق جهازه الاستخباراتي، وحسن اختياره للكفاءات مثل القائد بيبرس.
ولابد من التأكيد على حقيقة أن الجاهل بالعلم ومفرداته يعد واحدًا من أنواع الغباء، وقد طرح عدد من المفكرين أنواعًا عديدة للغباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق