السبت، 13 فبراير 2021

هل تنافس الحكومة المصرية القطاع الخاص أم تقود التنمية


القطاع الخاص ذو دور ريادي في خلق الثروة

مدى مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي،

 تعكف الحكومة المصرية منذ ست سنوات على تنفيذ حزمة من المشروعات، تتجاوز 31 ألف مشروع في مختلف القطاعات الاقتصادية، بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 370 مليار دولار.

خططها الانتهاء من جميع المشروعات خلال الثلاث سنوات المقبلة، فيما قامت بضخ نحو 190 مليار دولار في شرايين تلك المشروعات خلال السنوات الماضية.

تشعبت المشروعات في مجالات تستهدف معظمها مشروعات البنية الأساسية، والتي أصبحت مصر في حاجة ماسة للتوسع فيها من أجل تهيئة مناخ الاستثمار، وتعزيز قدرتها على استقبال الاستثمارات المحلية أو الأجنبية.

لا يستطيع أحد أن ينكر اليد الطولى لمشروعات الحكومة في مختلف القطاعات، لكنها قبل أن تنافس القطاع الخاص حلت مشكلات ما كان يقوى عليها، منها الكهرباء التي أنهت معاناة المستثمرين والأفراد من انقطاع التيار الكهربائي.

رغم أن الحكومة فتحت المجال أمام القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، إلا أن الاتهامات لا تزال تطاردها وتصفها بأنها تمتلك قدرات تنافسية من شأنها غلّ يد القطاع الخاص في توسيع نطاق أعماله.

تنفذ الحكومة مشروعات إسكان تستهدف عبرها سد فجوة الطلب على الوحدات السكنية ومواجهة العشوائيات، وتسند تنفيذها للقطاع الخاص، والذي يقوم بعمليات البناء والتشييد، ما يعزز نمو حجم أعمال هذه الشركات ويدعم مراكزها المالية.

 تساؤلات من نوعية: هل يمتلك القطاع الخاص زمام المبادرة للدخول في هذه المشروعات، وهل يمتلك الملاءمة المالية التي تعزز قدرته على بناء مدن كاملة بمرافقها، أم أنه يفضل العمل تحت وصاية الحكومة؟

تفضيل القطاع الخاص للمشروعات سريعة نمو العائد التي يمتد أجلها على المدى المتوسط، ومن شأن ذلك اتجاه شركات التطوير العقاري للعمل داخل الحيز الضيق في المدن الجديدة دون توسيع نطاق أعمالها.

يستثني من ذلك تجارب قليلة، منها تجربة مجموعة طلعت مصطفى القابضة والتي دشنت مدنا مليونية في شرق القاهرة بمشروعيها “الرحاب” و”مدينتي”، وفي غرب القاهرة مشروعات شركة “سوديك”.

ربما المبرر الوحيد أمام القطاع الخاص، عدم جدية الحكومة خلال العقود الماضية في مد مرافق التنمية لمساحات تمكنه من تعميرها، وتعزز قدراته على ضخ استثمارات جديدة.

الدكتورة أمنية حلمي الخبيرة الاقتصادية، والأكاديمية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هناك عددا من المحددات يمكن رصدها لتحقيق المساواة بين قطاع الاستثمارات الخاصة والحكومية، منها حجم التمويل المصرفي الممنوح للقطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

القطاع الخاص دائم الشكوى من المزاحمة الحكومية، وهذه طبيعته لأنه يسعى لتعظيم العوائد على رؤوس أمواله، لكن لا يمكن إغفال الدور الذي قامت به الحكومة لمساندة الاستثمارات الخاصة مع تداعيات جائحة كورونا على النشاط الاقتصادي.

رصد البنك المركزي حزمة إنقاذ بنحو 6.4 مليار دولار لمساندة مشروعات القطاع الخاص بفائدة 8 في المئة، بالإضافة إلى 3.2 مليار دولار لمساندة المشروعات السياحية، فضلا عن تأجيل أقساط القروض لمدة ستة أشهر.

مؤشر البنك الدولي لمنح الائتمان، أن القطاع الخاص المصري حصل على تمويل بنسبة 24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019، وتقل هذه النسبة كثيرا، مقارنة بأعلى مستوى في عام 2001 حيث وصلت إلى نحو 54.93 في المئة.

قدر البنك الدولي حجم الائتمان الذي منحه الجهاز المصرفي المصري لمشروعات القطاع الخاص خلال 2019 بنحو مليار دولار.

تصدرت هونغ كونغ المركز الأول عالميا في قائمة منح الائتمان للقطاع الخاص بنحو 235 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تلتها الولايات المتحدة في المركز الثاني بنحو 191.8 في المئة، وثالثا حلت اليابان بنحو 174.7 في المئة، ورابعا سويسرا بنحو 174.6 في المئة، وخامسا جاءت الصين بنحو 164.7 في المئة.

المشروعات القومية الكبرى يتم إسناد تنفيذها للشركات الخاصة، ما يعزز من عمليات تشغيل الاقتصاد، فضلا عن أن هذه المشروعات جذبت استثمارات أجنبية مباشرة خلال السنوات الماضية.

 من الطبيعي أن تنسحب الحكومة من الساحة الاقتصادية بعد وصول الاقتصاد إلى معدلات التشغيل الكامل، وتفسح المجال لانطلاق القطاع الخاص، لكن خلال الفترة الماضية كان الاقتصاد في حاجة إلى مبادرات تعزز نموه عبر تدشين مشروعات، في وقت كان القطاع الخاص في حالة ترقب بسبب تداعيات التباطؤ العالمية، ثم الدخول في دائرة تداعيات وباء كورونا.

فتحت هذه المشروعات، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة، آفاقا لفوائض الأموال الأجنبية في مجال التشييد والبناء، وبناء ناطحات السحاب.

يسهم تدشين خطوط السكك الحديدية الجديدة والقطار السريع، الذي يدخل الخدمة لأول مرة بمصر، في سهولة التنقل بين الموانئ المصرية من مدينة العين السخنة على البحر الأحمر إلى مدينة برج العرب الصناعية على ساحل البحر المتوسط.

حزم المشروعات التي قادت الحكومة زمامها مصر منطقة عمليات كبرى في الشرق الأوسط، وساعدت على تصنيف الاقتصاد المصري بأنه الأسرع نموا في المنطقة، رغم دعوات المزاحمة التي يطلقها القطاع الخاص.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق