الأربعاء، 17 فبراير 2021

جيل المستقبل **************

 انكسار ثورات الربيع العربي وفشلها في تحقيق طموحها بالتخلص من الاستبداد والفساد، والوصول إلى الحرية والعدالة الاجتماعية، أن المستقبل الذي وصل إليه جيل منتصف العمر العربي اليوم هو غابة يأكل قويها ضعيفها.

تطبيع مع المحتل، وارتهان سياسي واقتصادي للإمبريالي. أما الاستبداد السياسي فقد تعمّق، وصار اسمه "الدولة العميقة". ولا يتحدثن أحد عن عدالة اجتماعيةٍ وتكافؤ فرص، سوى ما يرطن به الإعلام الحكومي الموجّه في بلادٍ لا تشارك في الحضارة الإنسانية المعاصرة بشيء؛ فلا ابتكار للتكنولوجيا، ولا تطوير للصناعة.

هل يدفع هذا الحال إلى الاكتئاب والإحباط والأسى؟ نعم طبعاً، وهل يمكن أن يدفع إلى غير هذا؟! على الرغم من ذلك، علينا أن نستبصر زاوية مضيئة في كل ما يحدث: فـ"المستقبل الذي بات حاضراً"، وقوامه غابة يأكل قويها ضعيفها، إنما نتج في بلاد مغلقة على نفسها أزيد من خمسة عقود، أقفلت أبوابها في وجه رياح التغيير. أما اليوم، فإن رياح التغيير لم تعد تحفل بالأبواب، وهي قادرة على الدخول مع الإنترنت، وتغيير القيم والممارسات، وتغيير الممكنات، ولم تكن ثورات الربيع العربي سوى أول بوادرها، ولن تكون آخرها بكل تأكيد

لقد تغيّرت قواعد اللعبة. لم تعد "الدولة العميقة" صاحبة القرار الأوحد في صناعة شروط الحياة، ويمكن للأجيال الجديدة التي تنتمي اليوم إلى عبارة "نحن جيل المستقبل" أن تأمل بمستقبل أفضل حقاً تسوده العدالة، ولا يأكل فيه القوي الضعيف.

"الثقافة الأبوية" التي تحكم مجتمعاتنا على أساس العادات والتقاليد، وإكراه الفرد على الانتظام في مجاميع تستند إلى صلات القربى أو الشعور الطائفي، وهي الثقافة التي وظفتها السلطات السياسية دائماً في صالحها، وطابقتها مع الشكل الذي تدير به شؤون البلاد والعباد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق