تختلف جماعة الإخوان المسلمين مع السلفيين من حيث الشكل، بينما يتفقان جذريا من حيث الأهداف والتوجهات، وبينما يصران على إبداء الاختلاف، يبدع الاثنان في تبادل الأدوار وتوزيع المهام،
وبينما ناضل التيار السلفى كثيرا وقت كتابة دستور 2014 لعدم إلغاء المادة 219، التي تنص على مرجعية أهل السنة والجماعة، والتى ألغيت لصالح المادة السابعة الخاصة بوضع مؤسسة الأزهر وأبدية سلطة شيخه، فقد نجح السلفيون والأزهريون ساعتها في الضغط بعدم إدراج عبارة «مدنية الدولة» في ذلك الدستور، بينما سمحوا بعد الضغوط من القوى الأخرى بعبارة «حكومتها مدنية» في الديباجة.
إن علمانية الدولة ليست ضد الدين أبدا، ولكنها تنأى بسمو الدين عن الدخول في مجالات الصراع الإنسانى الذي يحتمل الصواب والخطأ، أو النجاح والفشل، ولكن سيتبقى دائما سؤال معلق سواء جاءت العبارة مدنية الدولة أو علمانية الدولة، أي مادة ستكون الحاكمة على المواد الأخرى؟، المادة الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع؟ أم المادة السابعة التي تقر بأن الأزهر المرجع الأساسى للشئون الإسلامية؟، أم المادة 101 التي تنص على أن يتولى مجلس النواب سلطة التشريع؟، أم المادة 200 المعدلة التي تنص على أن تحافظ القوات المسلحة على مدنية الدولة؟
ينص تعديل المادة 200 المقترحة صراحة أن «تحافظ القوات المسلحة على علمانية الدولة»، وهى عبارة واضحة سياسيا وفلسفيا، وتعطى المشرع الفرصة للتحرك بحرية بعيدا عن سلطة من يدعون امتلاك الحقيقة والوكالة عن السماء.
أنها الدولة التي ليست دينية ولا عسكرية، وهو خلاف حول عبارة وهمية، لأن كل الدول مدنية بحكم التعريف، سواء كوريا الشمالية أو إيران أو الدنمارك أو الجزائر أو فنزويلا، حيث لا يوجد توصيف بهذا المعنى في مراجع الفلسفة أو العلوم السياسية، لأن أنواع الحكم تقسم إلى حكم ملكى أو رئاسى أو برلمانى أو عسكرى أو ثيوقراطى (دينى)، ثم تتفرع هذه الأنواع إلى ديمقراطى أو ديكتاتورى، أو ديمقراطية صورية،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق