الاثنين، 23 سبتمبر 2019

عقد اجتماعى جديد.. وإعلام مهنى فريد

الوطن فى تعريف الجرجانى هو المكان الذى يجب أن يشعر فيه المرء أن له حصة من خيره، ولا يشعر فيه بالتهميش أو الظلم، ومن ثم يتولد داخله ذلك الانتماء الذى يمكّنه من الدفاع عنه وبقناعة كاملة.. ومن ثم فالوطن ليس شعارات ولا هتافات.. ولا هو تاريخ أو جغرافيا فقط، ويقول محمود درويش إن الوطن ليس أرضاً فقط ولكنه الأرض والحق معاً.. لقد اختلفت الشرعيات التى تحكم الأوطان.. وكان آخرها الشرعية الدينية التى حكمت أوروبا طويلا ثم عندما سقطت بحث الجميع عن شرعية بديلة يقوم عليها الحكم السياسى وتتحدد على أساسها مسؤوليات الحاكم والمحكوم من الواجبات والحقوق.. وقد تمت صياغة هذا فى ميثاق طرحه المفكر والفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو تحت مسمى «العقد الاجتماعى».. العقد الاجتماعى فى مفهوم بسيط هو مصداقية الحكم وحقوق المواطنة.. معادلة صعبة وأزعم أنها لا تتحقق بالكامل فى أعرق الديمقراطيات مثل إنجلترا وفرنسا..

قواعد العقد الاجتماعى الذى تحتاجه مصر أولوياته هى الوطن ثم المواطن ثم النظام

فإننى أزعم أن كل فيديوهات التحريض والسباب وتناغم نشطاء بأجندات فى توقيت واحد لن يحرك المصريين ضد النظام.. لكن فى المقابل لا بد من صيغة جديدة للحكم تعتمد المصداقية والشفافية.. بمعنى أن الدولة عليها تغيير أولوياتها فى الفترة القادمة.. وقف الاقتراض والانحياز للفقراء.. رعاية طبقة متوسطة أضرها التعويم وانهيار البورصة ورفع الدعم وتوقف المصانع وانهيار الإنتاج وتراجع التعليم والصحة.. نطالب بعقد اجتماعى جديد.. وندعو لتشكيل مجلس خبراء على مستوى عالٍ يدير اقتصاد الدولة باحتراف؛ بحيث يدر عوائد حقيقية ترفع قيمة الجنيه الذى انهار تماماً.. لا بد من مستشار سياسى أو أكثر لأن أولى الأمر يعتقدون أن السياسة مفسدة مع أنها المفروض أهم أدوات الحكم.. المصريون لا يهمهم من يحكم ولا كم عاما سيظل فلا أحد طبقاً للعرف يمكنه منافسة الحاكم.

أسلوب التعتيم فى إدارة الصحافة والإعلام خطر حقيقى.. لا بد من فتح نوافذ لأصوات معارضة وطنية وهى كفيلة بطرد الهواء الفاسد الذى دخل الغرفة.. أخطر شىء يفعله الإعلام الآن هو تصنيف المصريين إلى شرفاء وعملاء.. هذا يزيد الاحتقان.. واجب الإعلام أن يشرح للناس العائد من إنفاق التريليونات على المشروعات، لأنها فلوس الشعب.. الإعلام عليه مناقشة سبل تسديد ديون مصر.. نفذوا إعلام المواطن.. رجل يشكو من اضطهاد البلدية له وآخر يشيد بمعاملة آدمية فى قسم الشرطة.. مواطن رفض المستشفى دخوله إلا بعد دفع ١٠ آلاف جنيه، وآخر يؤكد أنه أجرى قلب مفتوح فى معهد إمبابة دون مقابل.. والله سهلة وإحنا بنحب بلدنا وليس لنا مكان آخر غيره ولا نصدق المغرضين.. لكن الإعلامى الذى يحتقر عقولنا وآدميتنا ويعايرنا بأن حمايتنا عبء على الدولة عليه الرحيل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق