الأحد، 8 سبتمبر 2019

ذاكرتنا المبتورة وتاريخ الأفكار الحداثية.. تشريح حالة مستمرة

نبيل عبد الفتاح

تاريخ تطور الأفكار فى المجتمعات العربية ومصر تركز منذ بدايات صدمة الحداثة، مع الحملة الفرنسية، ثم بناء دولة محمد على وإسماعيل باشا، على بعض الأفكار العامة والكبرى حول كيفية الخروج من براثن التخلف فى عهد الاستعمار البريطانى، والبحث عن مسارات تحاول استكناه سر تقدم الغرب فى مقابل أسباب تخلف مجتمعاتنا. من ناحية أخرى كيفية إصلاح العقل الدينى الإسلامى، وتحريره من بعض القيود الماضوية التاريخية، ذات الطابع النقلى، والسعى إلى تقديم اجتهادات عصرية، لمواجهة أسئلة جديدة لم تكن مطروحة على العقل الفقهى، أو الكلامى القديم، ومن ثم تشكل تحديا أمام العقل الإسلامى النقلى التقليدى.

تركزت الإجابات الجديدة آنذاك على عديد الاتجاهات، دار أولها على أيدى المشايخ حسن العطار (1766- 1835)، ورفاعة رافع الطهطاوى (1801- 1873) وجمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده، ورشيد رضا، وأحمد أمين، والإمام الأكبر مصطفى المراغى، وعبدالمتعال الصعيدى، والإمام الأكبر محمود شلتوت ومحمد عبدالله دراز، وخالد محمد خالد، ومحمود بخيت، من ناحية ثانية: التيار الذى راده الأساتذة قاسم أمين، ولطفى السيد، وعبدالعزيز فهمى، وطه حسين، وعلى عبدالرازق، ومحمد حسين هيكل، وسلامة موسى، وأحمد فتحى زغلول، وشبلى الشميل، وفرح أنطون، وإسماعيل أدهم وسلامة موسى، وآخرون أسماء إعلام على التمايز والتباين فى الإنتاج الفكرى لهؤلاء وغيرهم.

بعض الكتابات حول الاتجاهين السابقين اتسمت بالمنهجية والعرض التاريخى لمجمل الأفكار التى قدموها فى محاولة لإصلاح الفكر الدينى، أو للسعى نحو الحداثة والتحديث، وذلك من حيث المشتركات فيما بين بعضهم بعضا، أو التمايزات بين هذا المفكر أو ذاك، ثمة بعض الأطروحات الجامعية حول هذين الاتجاهين، أو بعض المفكرين، أو دراسات تاريخية أخرى، وذلك على نحو جعل هؤلاء هم مركز إنتاج الأفكار الكبرى الإصلاحية أو التجديدية أو الحداثية، وذلك مع إغفال بعض الكتاب، الذين ظهروا فى السياقات التاريخية ذاتها، وقدموا بعض الأفكار سواء فى متن كلا الاتجاهين البارزين، أو على هوامشهما.

ثمة غياب لمدرسة الشريعة فى كلية الحقوق فى جامعة القاهرة، على الرغم من أن مشايخ هذه المادة التى تدرس فى كلية الحقوق –مقدمة حول أصول الشريعة، والمواريث، والأحوال الشخصية، وأصول الفقه- قد ساهموا فى تقديم شروح نقلية فى شكل تأليفى حديث، وبعضهم قام بعقد مقارنات بين بعض الأفكار الأساسية فى الموروث الشريعى النقلى، وبين بعض النظريات الحديثة فى القانون المدنى الحديث، وبعض فروع القانون الخاص أو العام، وقام بعضهم بدور مهم فى وضع بعض القوانين الحديثة التى صدرت، وتمس الأحوال الشخصية للمسلمين المصريين.

الاتجاهات التحديثية والحداثية أغفلت بعض الأفكار التى قدمها كتاب لم يذع صيتهم مثل محمد عمر صاحب كتاب حاضر المصريين أو سر تأخرهم، وآخرين، صدر لهم كتاب وحيد أو أكثر، أو كتبوا بعض المقالات فى المجلات الفكرية أو الصحف السيارة فى هذه المراحل التاريخية، ولم يتم التركيز عليهم فى الكتابات التاريخية للفكر المصرى الحديث والمعاصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق