الجمعة، 5 فبراير 2021

الديمقراطية لم تجلب لشعوبنا سوى الفقر والمرض والجوع والمديونية والقلق على المستقبل.

 الواقع أن حالنا حيص بيص، وخاصة في ظل الديمقراطيات العربية التي تنعت بالناشئة، فقد جاءنا هواة السياسة والساعون إلى الحكم بلا كفاءة، ومن كانوا يجلسون على أرصفة الشوارع في الدول الغربية، ومن كانوا يعيشون على الصدقات والمساعدات والتبرعات، ليحكموا دولا ويتحكموا في مصائر شعوب، وحولهم الفوضويون والمشعوذون واللاعبون بالبيضة والحجر، والآكلون من كل الموائد، لينظموا أكبر مهرجان للنهب الديمقراطي الليبرالي التقدمي الإسلامي، باستعراض مذهل للمواهب والطاقات بين هتافات التكبير الرائجة كخلفية للمشهد المنقول عبر شاشات تلفزيون الواقع.

ربما ما نراه في ديمقراطية العراق ولبنان وليبيا وتونس، كاف ليضعنا أمام الحقيقة، فالجامع بين الديمقراطيات الأربع هو النهب والسلب وإهدار المال العام وتبديد الثروات، مع رفع شعارات الحرية والسيادة الوطنية والتعددية الحزبية والإعلامية والاستحقاقات الانتخابية وفق الآلية الدستورية والمواقف القوية ضد التدخلات الأجنبية، بينما في الواقع لا شيء سوى تجميد النصوص وتسمين اللصوص والدفع بالشعوب المسكينة إلى حالة الحيص بيص.

وما يزيد من حدة الألم وشدة البؤس، أن الديمقراطية لم تجلب لشعوبنا سوى الفقر والمرض والجوع والمديونية والقلق على المستقبل، بعد أن ذهبت أموال خزائنها إلى جيوب النهّابين المرموقين وأحزاب المتدينين الزائفين وشبكات المقامرين والمغامرين وضاعت ثرواتها تحت أقدام المراهقين السياسيين والديمقراطيين المزيفين، حتى أصبح المواطن، يردد مع أمية بن أبي عائذ الهذلي “قد كنت خرّاجا ولوجا صيرفا.. لم تلتحصني حيص بيص لحاصِ”.

*

عالميا… هجر الطلب على الديمقراطية

May 26, 2020

 لم تختلف الطبقات الوسطى العربية عن الطبقات الوسطى في العديد من مجتمعات أمريكا اللاتينية في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين حيث كان انتقالها من المطالبة بالديمقراطية والانتخابات الحرة إلى دعم الانقلابات العسكرية وإلغاء السياسة وقمع المجتمع المدني وسطوة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية سببا رئيسيا في تأخر التحول الديمقراطي في بلدان مثل البرازيل والأرجنتين وشيلي وغيرها.

 السؤال الجوهري هو لماذا تمعن الطبقات الوسطى في تأييد السلطوية والبحث عن الحاكم الفرد المنقذ والتعاطف مع إلغاء الإجراءات الديمقراطية وتتبرع بإسقاط الأمل في صون الحقوق والحريات واحترام سيادة القانون من حساباتها وتتورط في الصمت على انتهاكات حقوق الإنسان؟

 تأتي الطبقات الوسطى إلى المطالبة بالديمقراطية مدفوعة بالرغبة في المشاركة في الشأن العام، وفي ممارسة الاختيار المباشر للحكام ووضعهم تحت مجهر الرقابة والمساءلة والمحاسبة. تأتي إلى المطالبة بالديمقراطية محملة بالرغبة في محاربة الفساد الذي دوما ما ترعاه السلطوية، وفي إقرار مبادئ الكرامة الإنسانية والمبادرة الفردية وتكافؤ الفرص والمساواة التي تفتح الآفاق أمام المزيد من الحيوية والمزيد من الحراك الاجتماعي المستمر للمواطنين صعودا وهبوطا. تأتي الطبقات الوسطى إلى المطالبة بالديمقراطية باحثة عن الحياة في مجتمعات ودول طبيعية.

غير أن الطبقات الوسطى لا تأتي إلى المطالبة بالديمقراطية، وهي عازمة على تحمل الكلفة المرتفعة للتخلص من السلطوية ونخبها التي أبدا لا تخلي أماكنها في الحكم أو تتخلى عن امتيازات الثروة والنفوذ بسهولة. كذلك تغيب عن الطبقات الوسطى طاقات التحمل الجماعي للتداعيات السلبية لمراحل التغيير وللحظات الحراك الشعبي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعلى قضايا الاستقرار علما بأن مراحل التغيير ولحظات الحراك هذه هي التي عادة ما تمهد للتحول الديمقراطي أو سرعان ما تتبعه. وقد كان هذا تحديدا هو ما حدث في مصر ورتب التأييد الواسع للطبقة الوسطى المصرية للارتداد إلى حكم الفرد، بل أن تأييد حكم الفرد تواصل خلال السنوات الماضية مع عودة الاستقرار إلى البلاد.

*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق