الجمعة، 5 فبراير 2021

التونسيين , إدارة المال العام *******

 مصير أموال دافعي الضرائب لغطا كبيرا في تونس، وتتساءل الأوساط الشعبية باستمرار عن مآل تلك الأموال التي تتحصل عليها الدولة، فضلا عن مجالات استخدامها لأنهم لا يرون آثارها على حياتهم اليومية.

 البيانات الحكومية الرسمية إلى أن الضرائب تساهم بأكثر من نحو 60 في المئة في تمويل الميزانية السنوية،

 تواجه الحكومات منذ العام 2011 انتقادات بسبب اللامساواة والإجحاف في فرض الضرائب على الناس، إذ تظهر التقديرات أن 75 في المئة من الضرائب يدفعها الموظفون بينما تدفع البنوك وشركات التأمين وغيرها 20 في المئة، فيما يساهم القطاع الخاص فقط بنحو 5 في المئة منها.

ولا يستفيد المواطنون من الضرائب بالشكل المطلوب، إذ يوجد أمران مهمّان قد يكونان عاملين رئيسيين في مدى سخطهم، أولهما يتعلق باستمرار البيروقراطية والفساد في دواليب الدولة، والثاني يتعلق بسوء إدارة تلك الأموال.

 ثقة المواطنين قد تراجعت في مؤسسات الدولة، ولم يعودوا يصدّقون ما يقوله لهم المسؤولون السياسيون، ولا يرى دافعو الضرائب أموالهم تعود عليهم بالنفع أو توظف لفائدة الصالح العام.

 الخبير الاقتصادي المنصف شيخ روحو أنه من المفترض أن تنعكس أموال الضرائب على حياة التونسيين في شكل خدمات بمختلف أنواعها، فضلا عن تطوير البنية التحتية والنقل وغيرهما، لكن الأمور لا تسير على ما يرام للعديد من الأسباب.

حتى الآن لم نلحظ أي حرص على القيام بمساءلة الحكومات المتعاقبة حول مصير أموال الضرائب وأين تذهب وما الجدوى من ذلك قبل تحديد مصادرها وقيمتها”، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تحسين وضع المواطنين بالاستفادة من هذه الأموال.

يشكو النظام الضريبي نقائص كثيرة بما في ذلك التشعب الإداري وتعدد القوانين، ذلك أنه تم اتخاذ العشرات من الإجراءات خلال العشرية الماضية، زادت من معاناة الناس وكبّلت مناخ الأعمال وجعلته طاردا للمستثمرين، كما ركزت السلطات على عدة محددات ترى أنها الأهم لتمويلها من أموال دافعي الضرائب.

حاجة الدولة لتعزيز إيراداتها لمواجهة الاختلالات المالية المتفاقمة من خلال وضع حدّ للتهرب الضريبي الذي كبّد خزينة الدولة خسائر كبيرة منذ عام 2011، وفي ظل ضغوط داخلية وخارجية لاعتماد إصلاحات عاجلة.

الأموال المتأتية من الضرائب توظّف أساسا في خمسة أبواب، الأول وهو السائد يتمثل في الأجور، أي ما يقارب 40 في المئة من حجم النفقات، يليه الدعم المتفرع إلى ثلاثة أوجه وهي المحروقات والمواد الغذائية والنقل”.

كما يوظف جزء من هذه الأموال أيضا لتسديد الديون السابقة الداخلية والخارجية، علاوة عن التحويلات المختلفة والمتنوعة اجتماعيا واقتصاديا مثل المنح الجامعية للطلبة وتحويل أموال المؤسسات الحكومية التي تشهد عجزا ماليا، على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز.

 الباب الخامس فيتمثل في “ميزانية التنمية وهو خيار تم اتخاذه منذ العام 2011، وهناك نسبة ضعيفة توجه للصالح العام حيث لم تعد الدولة قادرة على القيام حتى بأبسط الأمور ألا وهي الصيانة”.

المشكلة الأساسية في تونس أن هناك الكثير من الفئات الاجتماعية ليست لها القدرة على المساهمة بالقدر المطلوب في الجباية.

توجد أطراف أخرى لا تساهم في تعبئة الضرائب منها الأطباء والمهندسون المعماريون والمحامون، والذين يفوق عددهم 400 ألف شخص، لأنهم يملكون نظاما جبائيا جزافيا، أي أن لديهم نسبة معينة يدفعونها لمصالح الضرائب بقطع النظر عن العوائد المالية الحقيقية التي يجنونها.

كثرة الضرائب التي توظفها تجعل من تونس دولة إتاوات بامتياز، حيث أوضحت الأرقام الصادرة عن مؤشر التنافسية للمنتدى الاقتصادي العالمي أن تونس تعد من ضمن الدول الأكثر إثقالا لكاهل مواطنيها بالضرائب.

 صندوق النقد العربي قد أشار في تقرير العام الماضي إلى أن تونس تأتي في صدارة دول شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط في الأعباء الضريبية، إلى جانب كلّ من الجزائر وموريتانيا وجيبوتي، الأمر الذي يثير التساؤلات حول مآل تلك الأموال.

احتلت تونس المرتبة الـ17 عالميا في ترتيب الدول الأعلى توظيفا للضرائب، ومن أكثر الدول التي يوجد بها ضغط جبائي بعد أن بلغت نسبته 22 في المئة في 2016، وهي نسبة من أعلى النسب العالمية جراء إرهاق المواطن بكثرة الضرائب.

هناك مشكلة التهرب الضريبي التي لا تزال تسبب صداعا للدولة، حيث تظهر الأرقام الرسمية وجود 1600 مراقب فقط يتبعون لمصلحة الضرائب، ربعهم لا يقوم بعمليات معاينة ميدانية، مما يعني أن معظم المؤسسات الاقتصادية والشركات لا تخضع للمراقبة كل عام.

 الديماسي إن فئة المهربين على الحدود مع الجزائر غربا وليبيا جنوبا، والتي ظهر نشاطها بشكل ملحوظ قبل عقدين من الزمن، لا تزال بعيدة عن أعين مصلحة الضرائب والجمارك.

حسين الديماسي: 40 في المئة من الضرائب تخصص سنويا للأجور والدعم

فشلت الحكومات المتعاقبة في وضع إطار تشريعي ورقمي ناجع لإيقاف نزيف التهرّب الضريبي والجبائي، الذي يكلف الدولة خسائر ضخمة جراء الفساد والمعاملات المالية والإدارية المترهلة، ما وسع رقعة الفجوة الجبائية، في وقت تتزايد فيه الأرقام قتامة حول الوضع الاقتصادي الذي يعيش أسوأ مراحله.

الأرقام الرسمية التي تنسجم مع تقديرات المختصين إلى أن حجم التهرب الضريبي وصل إلى قرابة 9 مليارات دولار منذ العام 2011، على اعتبار ما تقوله الحكومة بأن تلك الظاهرة تكلف تونس حوالي نصف مليار دولار سنويا، وهو ما يعادل 25 في المئة من الميزانية السنوية المخصصة للتنمية.

تجد السلطات نفسها مجبرة اليوم على الإسراع في اتباع عدة خطوات عملية مهما كانت الظروف من أجل مراقبة دفع الضرائب، على غرار تبسيط الإجراءات المتعلقة بالتصريح على الضريبة عبر رقمنة التعاملات للابتعاد عن التعامل المباشر مع الإدارة لتكريس الشفافية والحدّ من ممارسات الفساد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق