الخميس، 21 نوفمبر 2019

تعليق على آية: ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) البقرة 120

 وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) {البقرة 120}


هذه آية من جملة آيات عديدة تخلق جواً مشحوناً لدى المسلم تجاه الغير من أبناء الديانات الأخرى، الآية تعكس الانطباع العام لدى الرسول ومن يتبعه، بالظن أن اليهود والنصارى، لن ينال المسلم رضاهم ومحبتهم إلا بعد اعتناق ملتهم، هذه الآية اعتبرها من الآيات الذكية التي تبني حاجزاً نفسياً قوياً لدى المسلم برفضه لهؤلاء، ولا تجعله يُفكر إلا بالإسلام فقط، وتصوّر هذه "الآية" معتنقي تلك الديانات بكل سوء، حتى ينشأ المسلم عليها وهو كاره لإتباع هذه الأديان، خصوصاً وأن الإسلام علّمه أنهم لا يرضون عنه، ومسألة الرضا تجر أفكار أخرى سلبيّة لنظرة المسلم لغير المسلمين خصوصا اليهود والمسيحيين، ولكن يبقى السؤال: أليس الكلام ذاتهُ ينطبق على الرسول محمد ودعوته؟ متى يرضى محمد عن غير المسلم كل الرضا؟ ألا يتم هذا عند قيام غير المسلم بالإيمان برسالة الإسلام؟ متى يرضى المسلم عن المسيحي واليهودي والبوذي؟ أليس بعد أن يعتنقوا الإسلام؟ لا بل إن نظرنا لحال المسلمين، نجد أن السنّي لا يرضى عن الشيعي كلّ الرضا إلا حين يتحوّل سنياً مثلهم، ولا الشيعي يرضى عن السُنّي إلا حين يكون شيعياً.

المسلم تلقائياً يتصور أن اليهود والنصارى لا يرضون عنه إلا إذا اعتنق ملتهم، لأن مؤسس الإسلام غرس هذه العقلية لديه في القرآن مذ صغره، "نص إلهي بالقرآن لا يأتيه الباطل!" آية لها انعكاسات سلبية، أولها أن المسلم يفكر في كل شيء من منظور ديني، ويصعب عليه قبول الآخرين كما هم، و بعيداً عن دائرة الدين، يصعب عليه أن يتوقع الآخرين يرضون ويقبلون به كما هو لحسن أخلاقه وطيبته.

نظرة المسلم الصالح الملتزم، تكون أغلب الأحيان مليئة بالريبة والشك وعلامات الاستفهام الكثيرة، وإلا بأي حق يريد هذا المسيحي أو اليهودي مد يده ليتضامن تضامناً صادقاً مع أخيه المسلم في العيش المشترك بالوطن الواحد؟ بأي حق يصلي هذا المسيحي لملكنا وشعبنا؟ لابد وأن المسألة فيها أجندة ومؤامرة تنصيرية وصليبية، بل يذهب بعيداً إلى حد ذكر بعض بنود بروتوكولات حكماء صهيون، وخاصة أن القرآن سبق وأن قام بالواجب وقال له إن اليهود والنصارى هؤلاء لا يرضون عن المسلم حتى يكون في صفهم وهم في صفه! وأنهم لن يرضون عنه بسبب مسعاهم إلى ردة المسلم عن دينه.

هل المسلم مقتنع أن الإسلام كدين يدعم الاختلاف بالمفهوم الليبرالي الحديث المتعارف عليه؟

سأقوم أنا من جانبي بقول الصراحة وأقول، أن الأديان جميعها ما نسميها سماوية وأرضية، لا تدعم هذا الاختلاف بسهولة، والإنسان بطبعه يتمنى لو صار العالم على شاكلته، ويتبعون دينه، خصوصاً الإسلام والمسيحية كأكبر ديانتين لا يكف أتباعها عن التبشير، لكن لماذا نظرة الشك والريبة من الآخر ليست موجودة بكثرة لدى غير المسلمين عندما يتعاونون مع المختلفين لهم دينياً؟

في الدول ذات الهوية المسيحية أخصّ هنا أمريكا وأوروبا، تقدموا خطوات عديدة لتقبل الآخر بمفاهيم ليبرالية، تدعم هذا التوجه من كل الاتجاهات، كالمواطنة والمساواة والحقوق الكاملة، إلا في الإسلام، فهو دين لا يدعوهم إلى هذا التوجه بمفهومه الليبرالي، وهو دين عنيد، لأن نصوصه البالية تتعارض والقيم الليبرالية، ولا تدعمها أصلا ً، ولهذا أقول دائماً وأصر، بأن لا يمكن أن يكون المسلم علمانياً ويؤمن بالإسلام، لأن العلمانية تتطلب منه التخلي عن أشياء كثيرة بالإسلام، لتجعل منه كافراً شرعاً ومنافقا،ً لأنها تتطلب فصل الدين عن الدولة، إذ ارتضى قوانين من صنع الإنسان فضلها على حكم الله ورسوله، وهذا ما يقصد به الردّة عن الإسلام.



قول الله تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ..هل هو للنبي خاصة أو عامة الأمة؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق