الجمعة، 15 نوفمبر 2019

المستقبل الرقمي والبحث العلمي

تقوم شركات التقنية بجمع معلوماتنا عبر الإنترنت، وبيعها لأعلى مزايد، سواء كان حكومياً، أو بائع تجزئة. ولا تعتمد الأرباح الآن فقط التنبؤ بسلوكنا فقط، ولكن تعديله أيضاً. كيف سيكون هذا الانصهار للرأسمالية والشكل الرقمي لقيمنا، وتحديد مستقبلنا؟-


تشكيل السلوك الفردي

في الواقع، أصبح من الصعب الهروب من هذا المشروع الجريء في السوق، والذي تصل مخالبه من حالة الرعاية اللطيفة إلى أسواق المستقبليات السلوكية الخاصة بها، بمصادرة قوية لملفات تعريف فيسبوكية لأغراض تشكيل السلوك الفردي»، وتضيف: «مثلما كانت الرأسمالية الصناعية مدفوعة إلى التكثيف المستمر لوسائل الإنتاج، فإن الرأسماليين المشرفين ولاعبيهم في السوق، محبوسون الآن في التكثيف المستمر لوسائل التعديل السلوكي، وتجميع قوة الآلات».
«أصبح الاتصال الرقمي الآن وسيلة للأغراض التجارية للآخرين. وفي جوهرها، رأسمالية المراقبة طفيلية وذات مرجعية ذاتية. إنها تحيي صورة كارل ماركس القديمة للرأسمالية كمصاصة دماء تتغذى على العمل، ولكن مع منعطف غير متوقع. وبدلاً من العمل، تتغذى رأسمالية المراقبة على كل جانب من جوانب التجربة الإنسانية». بحسب الكاتبة.
وتقول أيضاً: «اخترعت»جوجل«رأسمالية المراقبة وجعلتها مثالية بنفس الطريقة التي ابتكرت فيها جنرال موتورز قبل قرن من الزمان الرأسمالية الإدارية. كانت»جوجل«رائدة في رأسمالية المراقبة في الفكر والممارسة و»الجيب العميق«للبحث والتطوير، والرائدة في التجارب والتنفيذ، لكنها لم تعد الجهة الفاعلة الوحيدة في هذا المسار. وانتشرت رأسمالية المراقبة بسرعة إلى»فيسبوك«، وبعد ذلك إلى مايكروسوفت. وتشير الدلائل إلى أن شركة أمازون انحرفت عن هذا الاتجاه، وهو تحد مستمر لشركة»أبل«، سواء كتهديد خارجي، أو كمصدر للجدل والنزاع الداخلي».
وكرائدة لرأسمالية المراقبة، أطلقت «جوجل» عملية سوقية غير مسبوقة في المساحات غير المعنية للإنترنت، حيث واجهت بعض العوائق من القانون، أو المنافسين، مثل منظر طبيعي خالٍ من الحيوانات المفترسة الطبيعية. وقاد قادتها التماسك المنهجي لأعمالها بوتيرة سريعة لا يمكن للمؤسسات العامة، أو الأفراد اتباعها. واستفادت «جوجل» أيضاً من الأحداث التاريخية عندما كان جهاز الأمن القومي بعد هجمات 11 سبتمبر يميل إلى رعاية وتقليد وإيواء إمكانات رأسمالية المراقبة الناشئة من أجل المعرفة الكاملة.

قوة رأسمالية المراقبة

أدرك الرأسماليون في المراقبة بسرعة، أنهم يستطيعون فعل أي شيء يريدونه، وقد فعلوه. ولم تعد تقتصر رأسمالية المراقبة على الأعمال الدرامية التنافسية لشركات الإنترنت الكبرى، حيث كانت أسواق المستقبل السلوكية تهدف أولاً إلى الإعلان عبر الإنترنت.

++++++++++++++++++

  2020 اخطفوا المستقبل واستثمروا فى العلم

قراءة المستقبل ليست تنجيما. ليست ضرب ودع، أو فتح مندل. قراءة المستقبل سهلة وبسيطة ويمكن إتاحتها من معطيات الحاضر. فإن أردت أن تعرف مَن يقود العالم فى الغد، فانظر ببساطة إلى مَن يستثمر اليوم فى العلم.

ووفقا لمؤسسة العلوم الأمريكية، فإن عام 2018 شهد نشر 2.5 مليون مقالة وبحث علمى جديد حول العالم. وذكرت المؤسسة أن رقم واحد فى قيادة العالم بالعلوم كانت الصين التى كان نصيبها وحدها 528 الفا و200 بحث علمى بنسبة 22 % من إجمالى البحوث. فى المرتبة الثانية جاءت أمريكا بعدد بحوث قارب الـ423 ألفا وبنسبة 17 %، وفى المرتبة الثالثة جاءت الهند بعدد 136 الف بحث وبنسبة تقارب الـ6 %. أما المرتبة الرابعة فكانت من نصيب ألمانيا برصيد 104 الاف بحث وبنسبة 4%، ثم اليابان فى المرتبة الخامسة  بعدد 99 ألف بحث وبنسبة 4%، تليها بريطانيا 97 ألف بحث بنسبة تقارب الـ4 %، وفى المرتبة السابعة تأتى روسيا بعدد أبحاث 81.5 ألف بحث وبنسبة 3.5%، وبعدها إيطاليا بـ71.2 ألف بحث علمي.

لذلك يُخطئ من يتصور أن العالم سيبقى آحادى القيادة، ففى الغد القريب ستكون الصين أقوى اقتصاديا وتقنيا من الولايات المتحدة ومن أوروبا، وستعود القيادة الثنائية لتنحصر فى دولتين هما الصين وأمريكا.
ولاشك أن التقدم التقنى والاقتصادى يستتبعه تقدم سياسى وتأثير قوى فى العالم، وكل دولة تهتم بالعلم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والدراسات المستقبلية هى دولة تمهد الطريق للأجيال الجديدة لتحوز مكانة أعظم وتحيى حياة أفضل.

والعالم العربى بعيد عن عصر العلم، غير ملتفت للتعليم والتعلم، غائب عن الابتكارات، منشغل عن الاختراع والاستكشاف، متقوقع فى موروثاته العرفية والسياسية، مجبول على الانشغال بسفاسف الأمور. ولا شك أن الطريق مازال ممهدا، والفرصة سانحة، والدليل أن الصين، وهى دولة نامية كانت قبل عشرين عاما منشغلة ببحث كيفية تصدير التى شيرت القطنى إلى أمريكا لتحقيق ربح، صارت اليوم تقود التكنولوجيا العالمية وتفوقت على أمريكا بحثا وعلما وابتكارا. وكذلك الحال بالهند التى تفوقت على أوروبا فى البحوث والابتكارات.

ما أريد أن أؤكده  أن العالم يتغير أسرع مما نتصور، وأنه لا مجال لاحتكار وسيطرة أوروبا وأمريكا على العلم. الصغار يكبرون، والدول النامية تتقدم، والفقراء يغيرون أوضاعهم ويبدلون حيواتهم بفتح أبواب الابتكار والاستثمار فى العلم.
التعليم فى مصر، هو ضالتنا، مشروعنا الأكبر، هدفنا الحقيقي. لو كنت فى موقع المسئولية لوجهت كل استثماراتنا إلى التعليم، فهو القطاع الاستثمارى الوحيد الذى لا يخسر أبدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق