في الواقع، إِنّنا نرى في كثير مِن الآيات القرآنيّة مدحاً وتمجيداً للدنيا وبإِمكاناتها الماديّة، ففي بعض الآيات، اعتبر المال خيراً (سورة البقرة آية 180)، وفي آيات كثيرة، وصفت العطايا والمواهب المادية بأنّها فضل الله ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ﴾ [الجمعة: 10]. وفي مكان آخر، نقرأ قوله تعالى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعً﴾ [البقرة: 29]. وفي آيات كثيرة أُخرى، وصفت نعم الدنيا بأنها مسخّرة لنا ﴿سَخَّرَ لَكُمْ﴾ [الحج: 65].
وإِذا أردنا أن نجمع كل الآيات التي تهتمّ بالإِمكانات المادية وتؤكّد عليها، وتجعلها في سياق واحد، فستكون أمامنا مجموعة كبيرة مِنها.
ولكن، وبرغم الأهمية الكبرى التي تختصّ بها النعم المادية،
وإِذا أردنا أن نجمع كل الآيات التي تهتمّ بالإِمكانات المادية وتؤكّد عليها، وتجعلها في سياق واحد، فستكون أمامنا مجموعة كبيرة مِنها.
ولكن، وبرغم الأهمية الكبرى التي تختصّ بها النعم المادية،
فإِنَّ القرآن الكريم استخدم تعابير أُخرى تحقّرها وتحطّ مِنها بقوة، إِذ نقرأ في سورة النساء، آية (94)، قوله تعالى: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ﴾ [النساء: 94] وفي مكان آخر، نقرأ قوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185]. وفي سورة العنكبوت آية (64)، نقرأ ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾. أمّا في الآية (37) مِن سورة النّور، فإِنّنا نلتقي مع قوله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾ [النور: 37].
والسؤال هنا: هل تتعارض هذه المجاميع من الآيات والرّوايات فيما بينها؟
في الواقع، عندما تلام الدنيا، فإِنَّ اللّوم ينصب على أُولئك الناس الذين لا هدف لهم ولا همّ سواها. مِن هنا، نقرأ في الآية (29) مِن سورة النجم قوله تعالى: ﴿ولم يرد إِلاّ الحياةَ الدني﴾. وبعبارة أُخرى، فإِنَّ الذمّ الذي يَرد للدنيا، يقصد به الأشخاص الذين باعوا آخرتهم بدنياهم، ولا يتناهون عن أيّ منكر وجريمة في سبيل الوصول إِلى أهدافهم المادية، وفي هذا السياق، نقرأ في الآية (38) مِن سورة التوبة: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾.
في الواقع، عندما تلام الدنيا، فإِنَّ اللّوم ينصب على أُولئك الناس الذين لا هدف لهم ولا همّ سواها. مِن هنا، نقرأ في الآية (29) مِن سورة النجم قوله تعالى: ﴿ولم يرد إِلاّ الحياةَ الدني﴾. وبعبارة أُخرى، فإِنَّ الذمّ الذي يَرد للدنيا، يقصد به الأشخاص الذين باعوا آخرتهم بدنياهم، ولا يتناهون عن أيّ منكر وجريمة في سبيل الوصول إِلى أهدافهم المادية، وفي هذا السياق، نقرأ في الآية (38) مِن سورة التوبة: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾.
ثمّ إِنَّ الآيات التي نبحثها تشهد على ما نقول، إِذ إنَّ قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ﴾ [الإسراء: 18] هو خطاب لأُولئك الذين يستهدفون هذه الحياة العادية الزائلة، ويقفون عندها. وعادةً، فإِنّ استخدام تعابير «المزرعة» أو «المتجر» وما شاكلهما في تشبيه الحياة الدنيا ووصفها، يعتبر دليلاً حياً على هذا الموضوع.
وخلاصة القول: إِنَّهُ إِذا تمت الاستفادة مِن مواهب الدنيا وعطاياها التي تُعتبر مِن النعم الإِلهيّة، ويعتبر وجودها ضرورياً في نظام الخلق والوجود، وتمت الاستفادة في سعادة الإِنسان الأخروية وتكامله المعنويّ، فإِنَّ ذلك يعتبر أمراً جيداً، وتمتدح معه الدنيا. أمَّا إِذا اعتبرناها هدفاً لا وسيلة، وأبعدناها عن القيم المعنويّة والإِنسانيّة، عندها سَيُصاب الإِنسان بالغرور والغفلة والطغيان والبغي والظلم.
وخلاصة القول: إِنَّهُ إِذا تمت الاستفادة مِن مواهب الدنيا وعطاياها التي تُعتبر مِن النعم الإِلهيّة، ويعتبر وجودها ضرورياً في نظام الخلق والوجود، وتمت الاستفادة في سعادة الإِنسان الأخروية وتكامله المعنويّ، فإِنَّ ذلك يعتبر أمراً جيداً، وتمتدح معه الدنيا. أمَّا إِذا اعتبرناها هدفاً لا وسيلة، وأبعدناها عن القيم المعنويّة والإِنسانيّة، عندها سَيُصاب الإِنسان بالغرور والغفلة والطغيان والبغي والظلم.
++++++++++++++++
تفضيل الدنيا على الآخرة والميتافيزيقا
أليس تفضيل الآخرة يتناقض مع طبيعة البشر؟
وأليس صحابة الرسول والخلفاء تشبثوا بمباهج الدنيا؟
وأليس صحابة الرسول والخلفاء تشبثوا بمباهج الدنيا؟
قرأتُ قوله ((إنّ أقل درجات العالـِـم أنْ يـُـدرك حقارة الدنيا وخستها وانصرافها، وعظم الآخرة ودوامها. ومن لايدرك هذا فهوفاسد العقل، مسلوب الإيمان، لأنّ القرآن من أوله لآخره صرّح بهذا (وبذلك) فإنّ من يجمع بين الدنيا والآخرة جاهل، فكيف يكون من العلماء؟ إنما هوأسيرالشيطان)) (رسائل ابن عربى- هيئة الكتاب المصرية- ج2- عام2016- ص357) ثم استشهد بآية ((والآخرة خيروأبقى)) (الأعلى/17)
وهكذا تأكــّـد لدىّ أنّ الإسلاميين متشابهون حتى الذين حلــّـقوا فى (خيالات الصوفية) بما فيهم ابن عربى الذى انحازللمطلق (الآخرة أفضل) ضد النسبى (حقارة الدنيا) وقد تأكــّـد هذا بانحيازه لآية ((إنما أموالكم وأولادكم فتنة..إلخ)) (التغابن/15) وتجاهله آية ((المال والبنون زينة الحياة الدنيا)) (الكهف/46) رغم أنه قرأ القرآن، بل وله كتاب فى تفسيره.
وأعتقد أنّ ماذهب إليه ابن عربى من تفضيل الآخرة على الدنيا، له علاقة بمجمل (شطحاته) الغارقة فى الميتافيزيقيا مثل ترديده لحديث ((أول ماخلق الله القلم.. فلما أراد الله أنْ يخلق الخلق قسّم النورأربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثانى اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسّم الجزء الرابع أربعة أجزاء..إلخ)) (ص123) وذكرأنّ الله تعالى أوحى لموسى أنْ يأتى الجبل ليسمع كلامه ((فتطاول كل جبل طمعًـا فى أنْ يكون محلا لموسى)) (ص166)
حديث قدسى دون أنْ يذكرذلك- لأنّ نص الحديث ((كنتُ كنزًا مخفيـًـا فاحببتُ أنْ أعرف، فخلقتُ الخلق وتحببتُ إليهم بالنعم فعرفونى))
فهل يـُـعقل أنْ (يـُـجهـّـل الله) نفسه وأنه لم يكن معروفــًـا؟ وهل يـُـعقل أنْ يقول أنه كى يـُـعرف خلق الخلق؟ وهل يـُـعقل أنْ يعترف (الله) بأنه فعل أشياء لايفعلها إلاّ البشر؟ مثل قوله أنه (تحبـّـب) إلى البشر((بالنعم))؟ وكيف يـُـمكن التوفيق بين ذلك الحديث مع ما ورد فى القرآن (عن المشيئة الإلهية) وعن (كـُـن فيكون)؟ وأليس كل ذلك يؤكد أنّ ابن عربى- مثله مثل أى (ناقل للتراث) لم يـُـحاول أنْ يستخدم عقله بطرح البسيط من الأسئلة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق