صحيفة الايام البحرينية 2014
من أسوأ الأمراض التي يمكن أن يعاني منها أي مجتمع هي سياسة الإقصاء، أو نفي الآخر، والتي ليست بالضرورة محصورة في النطاق الداخلي، بل يمكن أن يتسع نطاقها كي تشمل الدائرة الخارجية لذلك المجتمع.
التهميش عادات «المجتمعات البشرية أو ميولها الصريحة في التخلص من غير المرغوب بهم أو الذين تراهم بلا منفعة، أو استثنائهم «تهميشهم» من أنظمة الحماية والتفاعل السائدة في المجتمع، ومن ثم تقليص فرصهم ومواردهم المالية التي تعينهم على البقاء».
نيكولا مالبرانش «أكبر عقاب لي أن أعيش وحيدا في الجنة».
+++++++++++++
إقصاء الآخر قراءة في فكر أهل السنة و الجماعة : أحمد محمد سالم // كتاب الفلسفة في فكر بن تيمية
واجه علماء المسلمين أخطار الفكر البشري وبينوا زيفه وأطلقوا صيحاتهم عالية محذرين من تجرع سمومه أو الاحتواء في مفاهيمه، وقد قاوم أعلام الفكر الإسلامي أمثال أحمد بن حنبل ومحمد بن إدريس الشافعي وأبو حامد الغزالي وأحمد ابن تيمية، رياح السموم التي كانت تهب على بلاد المسلمين حاملة معها فلسفات وثنية وعقائد باطنية.
إبراز مواقف علمائنا من الفكر البشري، فكتاب أخينا الدكتور أحمد سالم الذي حمل عنوان (الفلسفة في فكر ابن تيمية: دراسة في جدل النص والتاريخ) وتفضلت المجلة العربية بإصداره تحت رقم (205) سيثري الفكر الإسلامي بموقف ابن تيمية من منطق اليونان، ولا غرو فهو شيخ الإسلام وعلم الأعلام، ذلك أن ابن تيمية يمثل نموذجاً يحتذى في كشفه عن أن للفكر الإسلامي منطقاً خاصاً يختلف تماماً عن منطق أرسطو في الرق، ومفهوم سقراط الأخلاقي الذي يقوم أساساً على الإباحية، وهنا نلمس جلياً وجه التعارض بين الفلسفة اليونانية والفكر الإسلامي؛
فلله در ابن تيمية الذي يعد أبرز من نقد منطق أرسطو وأدرجه في أكفانه، وإليك ما قاله الدكتور علي سامي النشار: (إن ابن تيمية يستند إلى روح إسلامية خالصة من حيث استطاع أن يلتمس في منطق أرسطو خصائص العقلية اليونانية التي تباين الفكر الإسلامي تماماً). وقد ذهب ابن تيمية إلى أبعد من ذلك لما دحض اتهامات التبعية وكشف عن أن للفكر الإسلامي ذاتيته الخاصة وأنه لم يكن يوماً ما (ولن يكون) تابعاً لأي فكر، بل إن ابن تيمية رفض القول بالكليات والمفاهيم العامة، وجعل من المنطق الحسي التجريبي أساساً مهماً للمعرفة، ذلك أن للتجربة كما يرى –حجة الإسلام أبو حامد الغزالي– شأناً كبيراً، وأن أدلة العقل وحدها لا تكفي..
تجدر الإشارة إلى أن ابن تيمية يعد رائد الاتجاهات الحديثة في نقد منطق أرسطو من أرجانون فرنسيس باكون إلى المنطقة الوضعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق