الثلاثاء، 25 مايو 2021

أطراف الإصلاح الاقتصادى******

 يعتبر الكثيرون أن الإصلاح الاقتصادى عبارة فقط عن مجموعة من القرارات الاقتصادية 
Sep 2, 2019

 إذا نظرنا إلى المنظومة الاقتصادية بشكل شامل سنجد أن ذلك منوط بعدة أطراف شريكة فى العملية الاقتصادية، يكون الطرف الأول فيها المشرع والمنظم ممثلا فى الدولة، ويمثل الطرف الثانى المؤسسات المنفذة مثل الوزارات المعنية، والهيئات الاقتصادية مثل البنوك والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى أصحاب الأعمال وكبار المصنعين والمزارعين والتجار، بينما تكتمل المنظومة بالطرف الثالث، وهم المواطنون.

وكما تحتاج المؤسسات السياسية والاقتصادية التأهيل والإعداد اللازم لعملية الإصلاح الاقتصادى، فمن الأدعى أن يحتاجها المواطن العادى لعدة أسباب، منها أنه العامل والفلاح والموظف والجندى والمهنى الذين سيتولون العمل فى هذه المنظومة، والأهم أن هذه الفئات هى المعنية بالإصلاح الاقتصادى، وهم المتأثرون بنتائجه الإيجابية على المدى البعيد، وهم الذين سيعانون من آثاره المؤلمة على المدى القصير والمتوسط، ولذلك يجب ألا يقتصر الاهتمام بالمواطن بتعريفه فقط بالإصلاح وطرقه مثل المتبع مع المؤسسات الاقتصادية، ولكن بتأهيله وإعداده لتقبل هذه القرارات، ثم الدفع به ليكون من العوامل الإيجابية للعمل بها، والوصول لمرحلة الإثمار والنجاح.

ولا يكون هذا فقط باستخدام وسائل الإعلام التقليدية من الإذاعات والتليفزيون، أو الصحف المطبوعة، ولكن يجب الالتجاء إلى منصات التواصل الاجتماعى، والوصول بشكل مباشر إلى المواطنين المستهدفين، وقد يحتاج هذا النوع من التواصل مجموعات من الكتائب الإلكترونية محملة برسائل معدة سلفا بأكثر من طريق لفئات مختلفة، أولا لشرح الرسالة والهدف، وثانيا للوقوف ضد محاولات مهاجمة الفكرة والنيل من قدرة المواطنين على احتمال قسوة المراحل الأولى من الإصلاح.
وفى الحالة المصرية يجب على الإدارة السياسية أن تكون فى غاية الوضوح فيما يتعلق بهذه المسألة، وأولى مراتب الوضوح هى المسميات، أى يجب أن يواجه المواطن أننا فى تحول اقتصادى من «نظام اشتراكى» إلى «نظام رأسمالى»، دون أى نوع من محاولة تغيير الألفاظ أو التلاعب بها، بتأثير أدبيات نظام ثورة يوليو وخطب جمال عبدالناصر، كما يجب العمل على تخليص النظرة إلى النظام الرأسمالى من السخافات الموروثة التى حولت كل أصحاب الأعمال إلى مستغلين وفاسدين، والتأكيد على تنزيه العقل الجمعى من خيالات الارتباط الشرطى بين الفقر والشرف على جانب، وبين السعة والفساد على الجانب الآخر، وبالتالى يقوم النظام الاقتصادى على أسس سليمة، على المستوى الاقتصادى والقانونى والاجتماعى، مع عدم الانسياق الساذج للتاريخ المبتذل لبعض الأمثلة الانتهازية فى العهود الساداتية واعتبارها مثالا للنظام الرأسمالى المرتجى.
ومن النقاط المهمة التى يؤثر فيها النظام الرأسمالى لدى المواطن أنه يؤسس لفكرة المسؤولية الشخصية والاعتماد على النفس، ففى الوقت الذى تتحمل فيه الدولة مسؤولية إتاحة التعليم الأساسى والرعاية الاجتماعية وسن القوانين وتنفيذها، يتحمل المواطن مسؤولية رعاية أسرته والقيام على مستقبل أبنائه، وفى هذه الحالة سوف نجد بشكل تلقائى أن الدولة ليست فى حاجة إلى أى دعوات أو حملات للحد من الإنجاب أو تنظيمه، والمهم أيضا هو دفع المواطنين للعمل الخاص، خاصة على مستوى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بأن نوصل إلى أذهان المواطنين أن المشاريع الرأسمالية ليست بحجمها ولكن بطريقة تكوينها وأسلوب إدارتها، ليدرك المواطن أن الورشة ومحل البقالة وتربية الدواجن وسيارة الأجرة كلها مشروعات رأسمالية تحمل رسالة للجميع أن فى هذا النظام «لا يأكل إلا من يعمل»، وبذلك تسود العدالة الاجتماعية بتكافؤ الفرص، ويتفرد من يتحلى بالموهبة والدأب والمثابرة على العمل، فى عالم لا مكان فيه للكسالى والمتواكلين، ولا لمحترفى الثرثرة والشكوى، أو التعزى بسوء الحظ والظلم الإلهى.
*
التوازن بين زيادة فرص العمل وتقليل معدلات الفقر وأيضًا التوازن بين تقليل معدل التضخم والارتفاع العالمى فى الأسعار. فوفقا لصندوق النقد الدولى تراجع معدل التضخم 2.8 نقطة عام 2020 حيث وصل المعدل إلى 7.5٪ عام ٢٠٢٠، كذلك السعى لتحقيق التوازن بين معدل البطالة وتداعيات كورونا حتى وصل معدل البطالة إلى 3.7٪. لكن الحقيقة أن إجراء الدولة المصرية لتحقيق معدل نمو اقتصادى عالى وعالمى مبعثه الاهتمام الأكبر بالتنمية والتى هى الأساس الحقيقى التى تسعى إلى تفعيله الدول المتقدمة للوصول للحداثة والتقدم والنهضة العلمية والعملية والمعتمدة على تنوع مصادر الناتج القومى بدلًا من الاعتماد على مصدر أو مصدرين فقط.
انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادى فى نوفمبر 2019 محققًا استقرارًا فى مؤشرات الأداء غير متوقعة على رأسها النمو الاقتصادى وضبط معدلات البطالة والتضخم وعجز الموازنة والدين العام ورفع مستوى الاحتياطى النقدى لأكثر من ٨ شهور مع استقرار سعر الصرف كلها فى الحقيقة مؤشرات أكدت نجاح برنامج الإصلاحات الهيكلية مما مكن الدولة المصرية من التصميم على استمرارية اتباع خطة وبرنامج الإصلاح الاقتصادى لتحقيق الهدف الأسمى للدولة المصرية فى استراتيجية 2030 فكان التصميم على ثلاثية تحديث الصناعات التحويلية الداعمة لتحديث المشروعات الصغيرة والمتوسطة واستغلال الموقع الجغرافى الفريد لمصر خاصة حول محور مشروع تنمية قناة السويس وإقامة ٤٠ صناعة كبيرة على ضفتى القناة الشرقية والغربية وإقامة المناطق الصناعية الداعمة لتوجهات الدول الصناعية العظمى فى القرب من الأسواق الأفريقية واختزال تكلفة النقل التى تزيد على ثلث تكلفة اى منتج لتحقيق شعار المنافسة عن بعد والقرب من أسواق الضعفاء، مع التركيز كل التركيز على توجه الدولة نحو ريادة الأعمال والساعية بقوة نحو استغلال أهم مورد من موارد الدول الحية ألا وهو عنصر الشباب القادر على تحويل الفكرة إلى حقيقة وتفجير طاقات الهمة لتحفيز الأمة عبر قنوات شرعية تسمى التعليم والتدريب والصحة.

أما الضلع الثانى فهو تحديث مسار الزراعة المصرية عبر حزمة من الاستثمارات الخارجية خاصة العربية والتركيز على إحياء مشروع المثلث الذهبى الذى تنبه إليه غيرنا وسبقنا بتخطيط علمى محكم إلى مراكز تفعيل هذا المثلث الذى كان كفيلًا بتحقيق ما عجزنا عنه كعرب فى وحدة عربية مشتركة لتحقيق الأمن القومى العربى.

أما الضلع الثالث فهو توجيه بوصلة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية نحو ضبط إيقاع التعامل مع المستجدات العصرية بطريقة ذكية عنوانها تقنيات الذكاء الاصطناعى لصناعة مستقبل تنموى أفضل. خلاصة القول الطريق الوحيد لتعافى الاقتصاد الوطنى هو الإصرار على استكمال المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى مع اليقين أننا قد نحتاج لمرحلة ثالثة لجنى ثمار ما بدأناه من برامج إصلاحية صعبة للاقتصاد الوطنى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق