أقل حرية، وازدهارا، وعولمة وانفتاحا.
مفهوم "مستقبليات محتملة؛ بمعنى سيناريوهات خيالية،
وسيلة مساعدة للتخطيط، يفترض أن تساعد أصحاب القرار والجمهور للتفكير في المستقبل بهدف الاستعداد له".
أزمة كورونا بدأت في نهاية عقد تميز بمنافسة استراتيجية متعاظمة بين القوى العظمى، وبهزة إقليمية متواصلة في الشرق الأوسط، بعولمة شوشت الحدود المادية وبثورة معلومات غيرت أنظمة العالم
السيناريو الأول: توقف مؤقت وعودة للميول السابقة
مع نهاية 2020، تعود الحياة بالتدريج لمسارها، مع حذر ضروري".
المبنى "الهزيل للنظام العالمي لن يتغير، وستتواصل الميول التي تميزت بها الساحة الدولية عشية الأزمة وفي أثنائها، والمنافسة بين القوى العظمى ستستمر وتحتدم، وهكذا المصاعب التي تقف أمامها في مواجهة التحديات العالمية".
وأشار المركز، إلى أن "الولايات المتحدة ستركز في ما تبقى من السنة على حملة الانتخابات الرئاسية، وسيواصل الرئيس دونالد ترامب اتهام الصين بالمسؤولية عن الأزمة، وقد يتخذ قرارا بإعادة القوات الأمريكية من العراق، سوريا وأفغانستان، لتحسين فرصته للانتصار في الانتخابات".
أما الصين، فـ"ستقدم المعلومات والمساعدات في موضوع كورونا لأوروبا، أفريقيا والشرق الأوسط، وستحاول زيادة نفوذها في هذه المناطق عبر استثمارات استراتيجية، وروسيا ستستغل الفرصة في الشرق الأوسط وساحات أخرى، أما أوروبا، فستحاول التغلب على النتائج الخطيرة للأزمة".
السيناريو الثاني: "التحول".. نظام عالمي بقيادة الصين وتغيير في أنماط الحياة
حتى نهاية 2020 على الأقل، وعلى ما يبدو بعدها بكثير، وذلك عقب انفجارات لموجات أخرى من الوباء أو عدم نجاح معظم الدول في إزالة القيود التي فرضت على الحياة اليومية".
ستتغير أنماط الحياة لمعظم سكان العالم، بشكل يعزز التباعد الاجتماعي، والانتقال إلى العمل عبر الشبكة، والاعتماد على الإرساليات والامتناع عن استخدام المواصلات العامة وزيارة المنشآت التي تعج بالناس"، معتبرا أن "أنماط عمل الصين تجاه تفشي الفيروس أكثر ملاءمة للتصدي لحالة الطوارئ المتواصلة،
الصين تخوض منذ الآن حملة تأثير واسعة النطاق، كي تعرض نفسها كمتصدرة عالمية لمكافحة كورونا، وفي هذا السيناريو يمكنها أن تستغل الضعف الأمريكي لتحقيق موقع قيادة يؤدي، على المدى الزمني الأبعد لنظام غير ليبرالي يقوم على أساس الدول القومية السيادية القوية والمنفصلة، التي لكل واحدة منها هوية مميزة".
في هذ النظام، ستحترم كل دولة هوية وسيادة جيرانها، وبالتالي يمكن لها جميعها أن تعيش بسلام بل وتتاجر الواحدة مع الأخرى، ولكن هذا النظام يتنكر لفكرة حقوق الفرد والمواطن الكونية، التي تتجاوز الحدود والثقافات، ويفضل الدول القومية على المؤسسات الدولية، ومن المتوقع لنظام عالمي من هذا النوع أن يؤيده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
النموذج الصيني للحكم المطلق الرأسمالي، بمعنى نظام سلطوي واقتصاد مركزي، إلى جانب اقتصاد السوق واستخدام أجهزة الترقب والتحكم المتطورة المتوغلة بخصوصية الفرد، يمكنه أن يشكل مصدر إلهام، وستزداد جاذبيته في الدول الديمقراطية كلما استمرت حالة الطوارئ".
"أجهزة الترقب والتحكم (القائمة على معلومات كبرى وعقل صناعي) التي ستستخدم في بداية الأزمة، ستواصل العمل وستتبنى بعض الدول أيضا فكرة "جزر الإنترنت" القومية، المميزة عن الشبكة العالمية بإنتاج الشبكة الصينية، أما الصين فستستخدم آليات المساعدة والاستثمار في الدول المختلفة، للحصول على المعلومات التجارية، الأمنية والشخصية
أما في الشرق الأوسط، "فيحتمل أن يؤدي مثل هذا السيناريو لفوارق واضحة في شكل مواجهة الدول لتفشي الفيروس؛ فإيران، مصر، الأردن، العراق ودول الخليج (الفارسي)، ستستخدم أجهزة الأمن لديها وستنجح بمساعدة صينية كبيرة، في تصد أفضل للوباء، وهكذا سيكون الوضع في غزة والضفة الغربية".
السيناريو الثالث: "التفكك" وتضعضع النظام القائم وفوضى ومواجهات عنيفة
السيناريو بحسب التقدير الإسرائيلي، "لا يتحقق تحكم في تفشي كورونا حتى تطوير لقاح بعد عام ونصف إلى عامين، وفي هذه الحالة، كل الاقتصادات الكبرى في العالم ستكون بعيدة عن المستوى الذي سجل عشية الأزمة، ومشكوك أن تصل إليه قبل منتصف العقد".
كل اللاعبين الدوليين سيخرجون من الأزمة متضررين، وسيتطور النظام العالمي إلى الفوضى، وستفقد الولايات المتحدة مكانتها العالمية، وستطلق في داخلها أصوات تشكك بجدوى الإطار الفيدرالي والحاجة له".
فإن الصين وروسيا لن تتمكنا من الانتعاش من الأزمة؛ لأنه سيتبين أن حجم الوباء فيهما كان أكبر مما نشر، وفي هذا السيناريو، يحتمل حدوث أزمة غذاء عالمية، موجات عنف على خلفية قومية، ومواجهات عنيفة، حتى في وسط أوروبا، وستشل أجهزة التعاون الدولية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية)، وستحيد أو تحل".
يمكن لمثل هذا السيناريو، أن يؤدي في الشرق الأوسط لموجة جديدة من الهزة الإقليمية، وفي مركزها أزمة إنسانية واسعة، ولا سيما في المدن المكتظة ومخيمات اللاجئين، مع انهيار المنظومات السلطوية، ويمكن أن تستأنف الحرب في سوريا بأشكال مختلفة؛ فوضى في قطاع غزة مثل الصومال، السلطة الفلسطينية ستتفكك، داعش أو منظمة جهادية مشابهة قد تنشأ على خلفية الهزة وتسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا وسيناء بمصر وليبيا واليمن والسعودية".
السيناريو الرابع: "إعادة البناء" وجهد دولي بقيادة واشنطن للحفاظ على النظام الليبرالي
ستتواصل في العالم الإجراءات الوقائية ضد كورونا، حتى نهاية 2020 على الأقل، ومع ذلك، تبدأ في الانتشار في حزيران وفي تموز/يوليو 2020 تقارير، تقول إن الصين تخفي عمليا حجم المصابين، وعدد الموتى الهائل، وهذه المنشورات ستؤدي لأزمة في القيادة الصينية واستقالة الرئيس تشي جين بينغ ومقربيه، بالتوازي مع قرار دول عديدة بالتحرر من سلسلة التوريد المتعلقة بالصين كمركز للإنتاج العالمي".
ونبه المركز، إلى أن "الولايات المتحدة ستكون في مركز الثقل في هذا السيناريو، وستجرى الانتخابات الرئاسية في 2020، وسيحقق المرشح الديمقراطي انتصارا واضحا، وبعد شهر ستقر الـ"FDA" (إدارة الغذاء والدواء) لقاحا طوره معهد بحوث أمريكي، وعندها تنتعش أمريكا وتقود، ابتداء من كانون الثاني/يناير 2021 جهدا مشتركا للدول الديمقراطية الغربية الليبرالية لمساعدة الدول في العالم للتصدي لكورونا، من أجل تجاوز الهبوط الاقتصادي، والحفاظ على النظام الليبرالي وحل النزاعات الإقليمية المشتعلة".
وأشار إلى أن "هذا السيناريو، يبرز أهمية موقع القيادة الأمريكية في النظام العالمي، والتي كانت تخلت عنه عمليا في عهد ترامب، وبالتالي فإن انتخابات 2020 فرصة لنشوء قيادة أمريكية جديدة للفكرة الديمقراطية الليبرالية، ويمكن لهذه أن تعمل إلى جانب زعامات وزعماء آخرين برزوا على خلفية الأزمة الحالية في الدول الغربية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق