الجمعة، 22 مايو 2020

خرافة ندرة الموارد الاقتصادية

يشخص الاقتصاديون المشكلة الاقتصادية على أنها ندرة نسبية في الموارد (موارد محدودة في مواجهة حاجات متزايدة)، وأحيانا يطلقون عليها لفظ “شح الطبيعة”، ويصورون الإنسان على أنه في صراع معها؛ من أجل البقاء.

والحقائق تدحض هذه الدعوى؛ فالإنسان لا يزرع إلا أقل من نصف الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، وفي بعض البلاد المتخلفة لم يصل إلى الخمس، ورغم ذلك نجد – حتى في العالم المتقدم – ملايين الجائعين والعرايا والمشردين، بل تجتاح المجاعات ملايين البشر في العالم الفقير، بينما نجد الحروب العالمية التي أهلك آخرها ما يقرب من خمسين مليونًا من الشباب، ودمر المئات من المليارات من العمران، ونجد تلوث البيئة الذي يفسد الأرض التي أصلحها الله، ويهلك الحرث والنسل ويخرب العمران، ويحكم العالم جبابرة يمارسون الربا على المستوى الدولي ممثلاً في ديون العالم الثالث للعالم المتقدم، وفي الاحتكارات العالمية التي تبخس الضعفاء حقهم، وتوجه معدل التبادل الدولي لصالحهم، حتى وصل الأمر في أمريكا إلى حرق القمح! وفي أوروبا إلى حرق الزبد والجبن حتى لا ينخفض سعرهما؛ فهل هي حقًا مشكلة ندرة في الموارد أم في استغلال الموارد المتاحة أم في المصطلح نفسه؟ لقد نظر الطبيعيون -وهم آباء الرأسمالية- على أن “الإنتاج” هو خلق المادة ولا يزال هذا المصطلح المنحرف يستعمل في وصف العملية الإنتاجية المعاصرة. والحقيقة أن الإنسان حين يصنع شيئًا إنما يستخدم نعم الله في الكون، فالسيارة تصنع من خامات منها الحديد، والزارع يضع البذرة، ولا شأن له بالشمس التي تنمي النبات والمطر الذي يرويه والتربة التي تغذيه، ودور الإنسان في ذلك كله لا يتجاوز إضافة المنفعة، سواء كانت هذه المنفعة شكلية بتحويل الخامات من شكل إلى شكل أم مكانية بنقل المنتج من مكان يتوافر فيه إلى مكان يحتاجه أو منفعة زمانية بتخزينه من وقت يفيض فيه إلى وقت يقل فيه وجوده، والخدمة التي من شأنها تسهيل التبادل وتوثيق التحويلات -حين انتقال السلعة من فرد إلى فرد ومن بلد إلى بلد أو القيام بالوساطة أو التحويلات- تضيف للحيازة منفعة هي المنفعة في الملكية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق