وجاء قرار أتاتورك في الأوّل من تشرين الثاني/نوفمبر 1928 بإلغاء الأحرف العربية، لتحل محلها أحرف لاتينية، بمثابة الخطوة الأخيرة على طريق "الانفصال العقائدي والاجتماعي" التركي عن محيطه العربي، والذي كان مقطوعاً أساساً بسبب سلبيات الحكم العثماني الذي دام 400 عام.
شهدت تركيا أكثر من 20 تمرداً دينياً حتى وفاة أتاتورك نهاية العام 1938، مع استمرار العداء العربي الإسلامي له، بحجة أنه قضى على السلطنة والخلافة، وألغى الأحرف العربية.
وجاء الإعلان في آذار/مارس 1928 عن تشكيل تنظيم حركة الإخوان المسلمين في مصر، وهي الدولة التي توازن بثقلها الإقليمي تركيا، ليكون بداية الصراع العقائدي بين العلمانية والمحسوبين على الدين داخل تركيا وخارجها.
وقد استغلَّت الدول والقوى الاستعمارية هذا الصراع بشكل ذكي جداً، وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، وانقسام العالم إلى معسكر رأسمالي إمبريالي، وآخر ماركسي شيوعي لا يعترف بالدين، فأجّج الصراع بين أتباع الطرفين، أياً كانوا، وخصوصاً في الدول والمجتمعات الإسلامية، بعد أن أعلنت أنظمتها ولاءها لأسياد المعسكر الأوّل.
وكانت المملكة السعودية حتى منذ "استقلالها" في العام 1932، في مقدمة هذه الأنظمة التي اعتبرت العداء للجمهورية التركية الحديثة، كما هو الحال في عدائها للخلافة والسلطنة العثمانية اعتباراً من العام 1790، جزءاً من مشروعها الإسلامي الوهابي الذي صرفت من أجله مئات المليارات من الدولارات، فدمرت بها العالم العربي، وألحقت بإسلامه ما يكفيه من الأضرار.
أما الحديث عن إلغاء الأحرف العربيّة، فهو الأغرب، لأن اللغة التركية ليست عربية، ولا يمكن لأي عربي أن يقرأها أو يفهم منها أي شيء، لأنها خليط من التركية والعربية والفارسية، وكانت نسبة الأمية آنذاك حوالى 99%، أي لم يكن أحد يقرأ هذه الأحرف أو يفهمها، لأن الكتابة العثمانية بالأحرف العربية صعبة جداً، ولا يمكن أن يفهمها المرء إلا إذا كان على علم بالعربية والتركية والفارسية، وهو أمر مستحيل، لأنني من المطّلعين على هذه اللغات الثلاث، يضاف إليها العثمانية، التي كانت تستخدم الكلمات العربية في غير مكانها، فعلى سبيل المثال، عندما يقال انقلاب، فالمقصود به في اللغة العثمانية، ولاحقاً التركية، هو الثورة. وعندما يقال احتلال، يقصد به الانقلاب.
ويبقى الحديث عن "الصراع بين العلمانيين والإسلاميين من دون أي معنى" مع استمرار العداء والحرب بين الإسلاميين أنفسهم، من دول إلى جماعات، ثم أشخاص، وبغياب أتاتورك، بل حتى الماركسية، التي قالت إن "الدين أفيون الشعوب"، وإذ بأصحاب الدين يقتلون بعضهم بعضاً بالأفيون الرأسمالي الإمبريالي الأميركي المطعم صهيونياً، وتُغرس فيهم كل الخصائص السيئة، وعنوانها الرئيسي الفساد الذي حرمه الإسلام بأشكاله كافة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق