فى منتصف السبعينات شاعت داخل الأعمال الدرامية والسينمائية عبارة: «أنا وقتى بفلوس»
عصر الانفتاح الاقتصادى بعد عام 1974. ربما كان التعريض فى محله بالنسبة لبعض من هؤلاء ممن اصطُلح على تسميتهم بالقطط السمان، الذين اكتفوا بـ«الهبر الاستهلاكى» دون الإنتاجى، لكن يبقى أن التسفيه والسخرية من حقيقة إنسانية تقول إن «الوقت يساوى فلوس» لم يكن أمراً فى محله على الإطلاق.
كل أفراد الأسرة أصبحوا شركاء فى هذه الوفرة الساعاتية اليومية، نتيجة توقف الدراسة بالمدارس والجامعات، وتقليل كثافة العاملين بالمؤسسات المختلفة وإغلاق بعضها وتأجيز العاملين بها. على كل إنسان توافرت له هذه المساحة الزمنية خلال الأشهر المنصرمة أن يسأل نفسه ماذا فعل بها وكيف استفاد منها؟. الملاحظ أن أكثر الناس عاشوا حالة من الضجر والملل والقرف النفسى ونظروا إلى المكوث فى البيوت على أنه «حبسة» تقتضى الفكاك منها، وبدأت العلاقات تتوتر بين أفراد الأسرة نتيجة وجودهم مع بعضهم البعض لساعات أطول، وذلك لأول مرة منذ مدة طويلة، وربما لأول مرة فى حياتهم.
كم أسرة فكرت فى استغلال هذا الوقت واستثماره وتحويله إلى فلوس من خلال «مشروع صغير»، تتعاون فيه أيادى أفراد الأسرة فى تقديم منتج تحتاجه السوق، وبدلاً من قتل الوقت بالجلوس الاستهلاكى أمام الإنترنت، يتم استغلال القدرة التسويقية لمواقع التواصل والاستفادة منها فى الوصول بالمنتج إلى الزبون. الدنيا اليوم أصبحت مختلفة وعالم الدليفرى أصبح أكثر اتساعاً وسوف يحتل بمرور الوقت مساحات أكبر فى سوق توزيع السلع. ولعلك لاحظت أن «الدليفرى» هو نظام التوزيع الوحيد الذى واصل العمل فى ظل جائحة كورونا.
فى أواخر السبعينات، كانت الصين تواجه أزمة سكانية واقتصادية أعمق من الأزمات التى تواجهها مصر حالياً بكثير. ومع تبنى نظام الحكم هناك سياسة انفتاح على العالم حدثت تحولات بنيوية عديدة فى الاقتصاد الصينى، وأعطيت المساحة كاملة للمشروعات الصغيرة، وأصبحت كل أسرة فى الصين منتجة وقادرة على الربح والمكسب، وبمرور الوقت تحول المشروع الصغير إلى متوسط، وبدأت عجلة الاقتصاد فى الدوران بشكل أسرع، خصوصاً بعد أن أصبحت الحكومة تتدخل لدعم هذه المشروعات، وتحسين القدرة التنافسية للمنتج التى تقدمه، وتشجيع تصدير ما تنتجه إلى الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق