May 5, 2021
إيران.. هواجس التغيير
السلطة في إيران تتوزع بين ثلاث فئات رئيسية تشترك في المرجعية الخمينية. أي أنها تسيطر على البلاد تحت شعار العداء للغرب. وتأخذ بتوجيهات الولي الفقيه كمعايير للحكم والتقييم والعمل. التباين بين هذه الفئات هش جدا، وهو لم يبلغ ذلك الحد الذي تصوره بعض وسائل الإعلام، وكأنه تصدع حاد سيطيح بالنظام الحاكم خلال بضعة أشهر. ولكنه بات يرى بالعين المجردة، ويذكر بتلك السنوات التي سبقت “الثورة” التي جلبت الخميني إلى الحكم عام 1979.
وجه الشبه بين الحقبتين هو رياح التغيير التي بدأت تهب على البلاد نتيجة مراجعة الإيرانيين للأفكار التي جاءت بالخمينية إلى الحكم. لقد هرمت هذه الأفكار ولم تعد مقنعة أبدا. وهواجس الصدام معها تطرق بقوة عقول الأجيال الجديدة في البلاد
حجج العداء للغرب التي ساقها الفرسان الأوائل للمعبد الخميني تداعت. وهذه المحاربة الدونكشوتية لأميركا لم تعد على الناس إلا بالفقر والاضطهاد. والخمينية التي فضلها الإيرانيون على التغريب قبل أربعين عاما، باتت اليوم عبئا ثقيلا عليهم يجب الخلاص منه لأنه ببساطة غير قابل للتقويم.
الفئات الثلاث للخمينية تدرك ضرورة التغيير في البلاد، ولكنها كأي سلطة مستبدة لن تقبل به إلا من الداخل. وتفضل إحداثه بنفسها لتكون ثورة بيضاء يخدعون بها الناس ويمتصون نقمتهم المتزايدة على نظام الولي الفقيه. هل هذه الفئات قادرة فعلا على تغيير يعيد إيمان الناس بالخمينية التي جاءت عبر “الثورة الإسلامية” عام 1979؟ إلى متى يمكن أن يصمد نظام الولي الفقيه كأسلوب حكم وإدارة، بعد كل ما لحق بإيران بسببه ونتيجة لأفكاره المهترئة؟
المحافظون يفضلون الشرق على الغرب، والجوار الآسيوي على التقارب مع الأميركيين والأوروبيين. ولكنهم يؤمنون بأن استمرار ولاية الفقيه يعتمد على قوة الفكرة الدينية للخمينية
في علاقة إيران مع الخارج. يعتقد جهابذة هذا الاتجاه أن القنبلة ستتيح لطهران فرض شروطها في أي تفاوض مع الغرب أو الشرق. وسَتُقبَل هذه الشروط دون مقاومة من خصوم طهران.
رهان الحرس الثوري هو على الحرب التي لن تقع أبدا. فهم يعتقدون أن الأميركيين لا يريدون مواجهة مفتوحة مع إيران. وبالتالي مهما كانت الضغوط التي يمارسها الغرب والعالم على الخمينيين سياسيا واقتصاديا، يمكن احتواؤها والتعامل معها إلى حين امتلاك السلاح الذي سيضع الأمور في النصاب الصحيح من وجهة نظرهم.
يفضل الحرس الثوري التحالف مع الصين على أي دولة أخرى من الدول الكبرى حول العالم، فهي تشبه إيران التي يحبها الحرس في التعتيم والترهيب والاستغلال الذي تمارسه السلطة بحق شعبها. وتشبهها أيضا في سياسات التوسع والاعتداء على الجوار، ونشر الأزلام والأذرع في دول الجوار.
الفئة الثانية في القوى المتحكمة بإيران هم المحافظون الذين يمثلون الوجه الديني المتطرف للخمينيين. هؤلاء أيضا يفضلون الشرق على الغرب، والجوار الآسيوي على التقارب مع الأميركيين والأوروبيين. ولكنهم يؤمنون بأن استمرار ولاية الفقيه يعتمد على قوة الفكرة الدينية للخمينية، وليس على سلاح الحرس الثوري.
مازال المحافظون يتاجرون بأفكار “الثورة الإسلامية” ويجذبون الناس بوهم أحلامها التي لم تتحقق. فبعد أكثر من أربعين عاما من “الثورة” لم تتحول قيادة العالم الإسلامي إلى طهران، ولم يتوحد الشيعة حتى داخل إيران نفسها.
فالمحافظون يعتقدون أن القوة العسكرية مهمتها حماية ولاية الفقيه التي يمثلونها. ولكن الحرس الثوري يعتقد أنه هو من يمثل الخمينية الحقيقية، ورجال الدين يجب أن يسخروا إمكاناتهم لإقناع الإيرانيين بصموده وقوته أمام الغرب “الشيطان”.
الركن الأخير في ثالوث السلطة الإيرانية هم الإصلاحيون، الذين يعتقدون أنهم يمثلون الخمينية بالصورة الثورية التي نشأت عليها عندما انتفض الشعب على نظام الشاه في سبعينات القرن الماضي. يرى الإصلاحيون في أنفسهم النموذج الصحيح الذي يمكنه أن يحافظ على ولاية الفقيه من خلال نصف مصالحة مع الغرب.
بتعبير آخر إبرام هدنة طويلة الأمد مع الغرب تتيح للخمينيين فرصة ترتيب بيتهم الداخلي، والإمساك مجددا بكل مفاصل البلاد من دون عقوبات اقتصادية تثير نقمة الإيرانيين عليهم، وتحد من قدرتهم على دعم ميليشياتهم في الخارج.
نجح الإصلاحيون في هذه اللعبة عندما أبرموا اتفاقا نوويا مع الدول الست الكبرى عام 2015. ولكنهم لم يستمتعوا بهذا النصر كثيرا، وانهارت الهدنة التي كان يعول عليها الخمينيون لاسترداد سطوتهم المطلقة في البلاد.
تغيرت الإدارة الأميركية وجاء على رأسها من لا يحب أنصاف المصالحات. وبين ليلة وضحاها عاد الإصلاحيون إلى الفئة الأضعف والأقل نفوذا بين الخمينيين. جل ما بات يشغل بالهم اليوم هو البقاء على قيد الحياة في اللعبة السياسية، لعل العقد الجديد يحمل للبيت الأبيض مرة أخرى إدارة تقبل بنصف تسوية مع نظام الولي الفقيه.
لا تظهر المنافسة بين الفئات الثلاث للخمينية بشكل علني، أو مفضوح بتعبير أدق. ولكنها باتت أمرا واقعا يزداد حدة مع تردي الأوضاع في البلاد، وتمسك هذه الفئات بنظام ولاية الفقيه لإدارة الدولة.
ربما باتت بين هذه الفئات وهذا النظام وحدة مصير لا يتيح لأحدهما التخلي عن الآخر. ولكن أيا كان الدافع فإن الإيرانيين اليوم يسبحون في فلك مختلف تماما، ولن يلتقي أبدا مع هذا النظام ولا فئاته. فتجريب المجرب هو اجترار لخيبة وفشل لا ينتهيان في ظل الخمينيين.
+++++++++++++++
طهران - تعكس تصريحات محافظ البنك المركزي بأن إيران لا تستطيع الوصول إلى احتياطاتها المالية مدى تخبط البلد في بحر من الصعوبات الاقتصادية جراء سيل العقوبات الأميركية، التي كبحت تصرف البلد في موارده المالية.
ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع طهران في مايو 2018 حلت بإيران كوابيس على المستوى الاقتصادي تجلت في انحسار عوائد النفط بعد امتناع بلدان آسيوية عن استيراد النفط الإيراني تخوفا من الرد الأميركي.
وعصفت جائحة كورونا التي كانت أشد فتكا من العقوبات الأميركية بما بقي من مصادر التمويل حيث تسببت في غلق كافة منافذ التجارة وقوّضت مفاصل الاقتصاد وزادت من التحديات الاجتماعية مع تدهور القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن انخفاض الصادرات النفطية خلال الأشهر الماضية أحدث صدمة تضخمية وأدى إلى التركيز على الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط.
وكانت طهران طلبت من صندوق النقد في السادس من مارس الماضي قروضا بخمسة مليارات دولار للمساعدة في تمويل جهودها لمكافحة فايروس كورونا ودعم الاقتصاد المتضرر من جراء العقوبات الأميركية.
ولكن الإدارة الأميركية أكدت رفضها منح إيران هذا التمويل واتهمتها بأنها تسعى لتوفير تمويل “لأغراضها الفاسدة”.
وتتخوف إدارة ترامب من أن تستغل طهران أي دعم يقدم لها لمواجهة تداعيات كورونا بتوجيهه نحو برامجها النووية الأمر الذي ترفضه واشنطن بشدة.
وانخفضت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار بنحو 70 في المئة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق، ما أدى لارتفاع التضخم إلى 51 في المئة من نحو 8 في المئة قبل ذلك.
وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا في ديسمبر الماضي إن واشنطن لديها معلومات تشير إلى أن الموارد المالية لإيران في وضع أسوأ من التوقعات السابقة، وأن تلك المشاكل تقربها من أزمة مالية.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المسؤولين قولهم حينها إن “إيران تستخدم آخر ما لديها من احتياطات النقد الأجنبي، والتي تعد مؤشرا حاسما على قدرة البلاد في السيطرة على القوى الاقتصادية وعلى استيراد المعدات والإمدادات”.
لكن الوضع على الأرجح أكثر صعوبة، بحسب ما صرح به براين هوك المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية حول إيران.
وقال في وقت سابق هذا العام إن المعلومات السرية تشير إلى أن طهران يمكنها الوصول إلى 10 في المئة فقط من تلك الاحتياطات النقدية، نظرا لأن العقوبات المفروضة على القطاع المالي تمنع الحكومة من الوصول إليها.
وأوضح أنه إذا كانت إيران ستمنع المزيد من تسارع زيادة الأسعار، فسوف يتعين عليها أن تحرق المزيد من الاحتياطات.
*
Jun 3, 2020
جاءت مواقف المرشد الإيراني علي خامنئي في ذكرى رحيل سلفه آية الله الخميني متناسبة مع نظرة الأخير حيال السياسات الأميركية، في حين رأت أوساط إيرانية أن جيل الشباب ابتعد كثيرا عن الأهداف التي ثار آباؤهم من أجلها.
واعتبر خامنئي أن ما قامت به الشرطة الأميركية تجاه المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد وقتله ليس جديدا، وإنما يجسد طبيعة نظامها تجاه الشعوب الأخرى لا سيما في سوريا والعراق وأفغانستان وفيتنام.
ورأى المرشد الإيراني أن سياسات الإدارة الأميركية فضحت توجه قادتها، مؤكدا أن مقولة الشاب فلويد "دعني أتنفس" هي مطلب جميع الشعوب التي تواجه العداء والظلم الأميركي في أنحاء العالم.
شدد على أن مؤسس الثورة الإيرانية "نبّه الأمة إلى قدرتها على التغيير والتقدم والازدهار"، مؤكدا أنه خلق حالة من الوعي الحضاري لدى أمته حيال الماضي والحاضر والمستقبل.
*
إيران ليست دولة. إنها مشروع أيديولوجي. ولأنها كذلك، فإنها لا تحترم قواعد العلاقات مع أيّ دولة، ولا تلتزم معها بأيّ عقود أو عهود، إلا ما يخدم غرضها الأيديولوجي. وكل ما تقوله أو تفعله دون ذلك فهو نفاق أو تقيّة.
ومثلما نجحت سلطة الخميني عام 1979 في هدم الدولة في إيران لأجل إقامة نظام يستجيب للتطلعات الأيديولوجية لنظام طائفي تحرسه الميليشيات، فهي تعتبر أن من واجبها فعل الشيء نفسه في كل مكان آخر. بمعنى أن تهدم الدولة لكي تقيم على أنقاضها نظاما يتبع هوية جديدة. وهذا ما تفعله إيران على أرض الواقع في العراق ولبنان واليمن حيث تسيطر الميليشيات على مقدرات الدولة. أما في سوريا، فإنها تسعى إلى أن تُلحقها بالركب، لاسيما وأن نظامها، كنظام عصابة، مؤهل تلقائيا ليكون كذلك.
فهناك “مرشد أعلى” (الخليفة)، يقبض على كل مصادر النفوذ وأدوات الحكم، ويتم اختياره من قبل “مجلس خبراء القيادة” ليحكم مدى الحياة، ويسخّر موارد الدولة وأدواتها لخدمة تطلعاته الأيديولوجية.
المرشد الأعلى هو كل شيء وبيده القرار النهائي في جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية والإعلامية. ومن قبل أن تتشكل أيّ حكومة، بل ومن قبل أن يتم اختيار أي رئيس، فإن كل الترشيحات تمر عبر “مجلس صيانة الدستور”. وهذا المجلس يتألف من 12 عضوا، يعين “المرشد الأعلى” ستة منهم من رجال الدين، بينما يقوم رئيس السلطة القضائية (الذي يعينه المرشد الأعلى) بترشيح ستة آخرين ليتم التصديق عليهم من قبل “مجلس الشورى الإسلامي” (البرلمان). ووظيفة “مجلس صيانة الدستور” الرئيسية هي “المحافظة على النظام الإسلامي”. وهذا المجلس هو الذي يشرف على عمل الحكومة والبرلمان، ويتمتع من الناحية العملية بسلطة أعلى من سلطة الرئيس ومن كل سلطات الحكومة.
لكي تكتشف أن “الولي الفقيه” هو الحاكم المطلق صراحة، ينص الدستور في مادته السابعة والخمسين على أن “السلطات الحاكمة فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وتمارس صلاحياتها بإشراف وليّ الأمر المطلق وإمام الأمة”.
*
Jun 8, 2020
إيران تتآكل وتهزم من الداخل
انهيار النظام الإيراني يعني نهاية الإرهاب ونهاية الحروب والمنظمات والأحزاب الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط والعالم ولن يعود أمام الإيرانيين إلا السعي للتخلص من هذا الكابوس المزمن.
ليس صحيحاً أن قبضة إيران ارتخت بمجرد أن استهدف قصف صاروخي أميركي موكباً يضم الجنرال الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد وأنهى حياته، بدليل أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قال مهدداً، بعد هذا الحادث إن “الانتقام الشديد ينتظر المجرمين”، ولم ير العالم أي انتقام، إلى الآن، عدا رد الفعل الذي صدر عن الميليشيات الإيرانية ضد السفارة الأميركية وبعض المواقع التي تضم قوات أميركية، وهذا الرد لا يمكن عدّه انتقاماً شديداً كما وصفه خامنئي، فهو كان بمرتبة عضة نملة لفيل.
الصحيح، أن معاول هدم ولاية الموت الإيرانية بدأ، ذاتياً، من داخل النظام نفسه، فقد بات بيّنا أن طهران صرفت جهدها خارج البلاد لتوسيع نفوذها فيما كان التآكل من الداخل قد بدأ جدياً منذ عام 2009، عام تزوير الانتخابات الرئاسية في إيران.
ويرى المراقبون أن تدهور سعر صرف العملة الإيرانية والتضخم الاقتصادي قد بلغ حد الانفجار، ولم يعد بوسع الموظفين العيش بعد ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية، فيما يضاف إلى صفوف العاطلين عن العمل نحو 500 ألف عاطل سنويا.
لو أعدنا قراءة مضامين الحراك الشعبي، الذي شمل معظم المدن الإيرانية سنجد المطالب تتمثل في فقدان الحرية، وظاهرة الاعتقالات اليومية، جمهور تحت خط الفقر، وهي مؤشرات تشير إلى أن إيران ستهزم من الداخل.
من بوادر هذا الانهيار، خروج الشعب إلى الشارع في مناطق عديدة، وانهيار العملة الإيرانية، أمام الدولار الأميركي، الدولار الواحد يعادل 9 آلاف تومان إيراني في انهيار تاريخي لعملة الدولة الفارسية، التي تتجه إلى هلاكها بالقمع والتعذيب وسرقة حقوق الشعب من أجل تمويل ميليشياتها، وتصدير ثورتها المزعومة ومذهبها.
إيران لم تعوض شعبها عما فقده، وأهملت التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مركزة كل مصادرها على تسويق الأيديولوجيا خارج حدود إيران، وصرفت لتحقيق هذا الهدف مدخراتها على زيادة ترسانتها العسكرية وعلى الأحزاب الموالية لها، بينما يعيش أكثر من 10 في المئة من سكان العاصمة في بيوت من صفيح.
النظام الإيراني الهزيل العجوز، تحول إلى وباء جاثم على صدور الإيرانيين، منذ أكثر من 37 عامًا، ولم يعد أمام الشعب الإيراني إلا السعي للتخلص من هذا الكابوس المزمن والمزعج، بعد انهيار عملته، وتصاعد وتيرة الانتقادات العالمية ضده، ففيلق القدس للعمليات الخارجية لوحده أنهك جزءاً كبيراً من اقتصاد إيران، التي تنفق على أكثر من 150 مركزًا تعبويا خارج حدودها.
من يظن أن إيران تفعل ذلك كله من أجل وهم فهو مخطئ لأنها تسعى بذلك إلى تحقيق إستراتيجية مدروسة، فهي تريد أن يكون لها، كما يقول المثل العراقي (في كل خرابة قرابة)، لكي تستطيع تحريكهم في الوقت المناسب، وهذا هو مفهوم تصدير الثورة، الذي تتبناه، أما نشر التشيع الذي تدعيه، فهو الوسيلة لإعداد مبلغين نيابة عنها.
انهيار النظام الإيراني يعني نهاية الإرهاب ونهاية الحروب في المنطقة، فملالي طهران لن يسلم من شرورهم أحد، وينبغي على العرب والمسلمين جميعًا الوقوف ضد هذا البلد الطاغية، مع انهيار النظام الإيراني ستتلاشى المنظمات والأحزاب الإرهابية كلها في منطقة الشرق الأوسط والعالم (الحوثيون، داعش، القاعدة، حزب الله، وغيرها) وكل من دعمهم، كما يرى باحثون إستراتيجيون.
حقق النظام الإيراني بعد الجهود الكبيرة التي بذلها والأموال الطائلة التي أنفقها، أن يترك ثلاثة أهداف في المنطقة، حسب الكاتب، حسين داعي الإسلام، هي: صناعة الإرهاب، ودعمه وتوسيعه، فمثلا (داعش) هو صنيعة النظام الإيراني، و(حزب الله) يحصل على دعم آيات الله، وهو حزب طائفي متطرف ينفذ أوامر أسياده في قم وطهران، وأخيراً التدخل السافر في شؤون البلدان المجاورة.
هذا التدخل لم يعد خافيًا على أحد، سواء في سوريا أم اليمن أم البحرين أم العراق أم السعودية أم الكويت وجميع البلدان المجاورة، استغلالاً للتوجهات الطائفية المثيرة للاشمئزاز وإشعال فتيل الحرب الطائفية في المنطقة حيث يعدّ هذا أخطر ما يقوم به النظام الإيراني حاليًا.
ضعف المرشد علي خامنئي، وهشاشة الاقتصاد، والسخط الشعبي، وغيرها، وهو ما أوصل الثقة بين الحكومة والشعب إلى أدنى مستوياتها.
ومن هنا، لا علاقة لمقتل سليماني بضعف النظام الإيراني، فسليماني لم يكن سوى “نسخة مشوهة عن المندوب السامي في المرحلة الاستعمارية، والمندوب السامي، ليس سوى منفذ للسياسات والمصالح الاستعمارية، ولم يكن المندوب السامي مهما كانت قدراته، بطلاً أسطورياً، بل كان يستمد قوته من قوة الدولة الاستعمارية، التي انتدبته”.
كان سليماني في جميع تدخلاته وما يفرضه من توجهات وقرارات، كما تقول صحيفة مقربة من اتحاد تنسيقيات الثورة العراقية، ينفذ سياسات نظامه ويفرضها بقوة هذا النظام العدواني التوسعي وليس بقدراته الخاصة، التي يتوهمها البعض ويحاول أن يوهم بها الآخرين، وإذا قتل سليماني في عملية لم يكشف، حتى الآن، عن جميع الأطراف التي شاركت بها، وخططت لها ونفذتها، فقد اقترن توقيت تنفيذ العملية بالانهيار، الذي يمر به النظام الإيراني.
لذا، المندوب السامي الجديد، مهما كان اسمه أو مواصفاته أو قدراته، وقد جاء في مرحلة هذا الانهيار، لن يستطيع أن يلعب الدور الذي لعبه سلفه، لذلك بدأ عملاء الأمس في كل مكان يعيدون حساباتهم وهم يرون بأعينهم انهيار نظام أسيادهم القدامى، ومنهم من بدأ يبحث عن أسياد جدد.
*
المرشد الأعلى هو القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية ويسيطر على الأجهزة الأمنية، كما أنه يعين رئيس القضاء ونصف أعضاء مجلس صيانة الدستور الواسع النفوذ وأئمة صلاة الجمعة ورؤساء شبكات التلفزيون والإذاعة الحكومية. كما تسيطر المؤسسات الخيرية التابعة للمرشد الأعلى، والتي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإيراني.
للرئيس تأثير كبير على السياسة الداخلية والشؤون الخارجية، لكن المرشد الأعلى هو الذي له الكلمة الأخيرة في جميع شؤون الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق