الاثنين، 14 يونيو 2021

جمهورية السيسي ****

Mar 10, 2021 May 24, 2021

  افتتاح العاصمة وانتقال الحكومة إليها لا يعني ترك القاهرة والإسكندرية وغيرها من المدن،

 الجمهوريات الجديدة لا يتم التعبير عنها بمباني جديدة بل تبنى بالتنمية والعدل والمساواة والحريات، وأن أبرز معالم الجمهوريات الجديدة في الدول الحديثة ترتبط بإعلان دساتير جديدة، وبناء نظم اقتصادية واجتماعية تصب في مصلحة الشعوب.

السيسي تعهد بأن تصبح مصر "قد الدنيا" إلا أن الواقع جاء عكس ذلك بعد أن ارتفع الدين المصري إلى مستويات قياسية بسبب الاعتماد المبالغ فيه على الاقتراض، وتنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر لصالح السعودية، إضافة إلى تفريط مصر في بعض حقوقها الاقتصادية بمياه البحر المتوسط حيث توجد حقول واعدة من الغاز الطبيعي.

*

الهروب من الشعب..  العاصمة الإدارية خوف السيسي من ثورة جديدة

2019

تزامن الوقت الذي كُتبت فيه رواية "يوتوبيا" مع صعود الجناح اليميني النيوليبرالي في الحزب الوطني الحاكم بقيادة جمال مبارك

نجل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وكان مشروع هذا التحالف السياسي-الاقتصادي يتلخص في العمل على رفع يد أجهزة الدولة عن المجتمع والتخلص من همومه والمسؤولية عنه، في مقابل تركيز الدولة لجهودها على توفير بنية تحتية جاذبة للاستثمار والشركات العالمية الكبرى، والاكتفاء بخمسة ملايين مصري "نافع" تختارهم "نخبة الدولة الحاكمة" للاعتماد عليهم في مشاريعها، ولتصبح تلك الشريحة القاعدة السياسية والاجتماعية لتدعيم سُلطتها، وعلى هذا الأساس قامت الدولة المصرية بإنشاء القرية الذكية على أطراف مدينة القاهرة، كجُزء من خطة سياسية طموحة لنقل الأجهزة الإدارية للدولة خارج القاهرة، ونقل قاعدتها الاجتماعية المُنتقاة بعناية خارج العاصمة التاريخية المُزدحمة بالمصريين.

عاصمة لمصر ولكن.. خارج مصر!

مع استمرار الصدام بين الجماهير والدولة، كان كل اعتصام وتظاهرة ومسيرة واشتباك في مُحيط وسط القاهرة يُحدث شللا جزئيا أو كُليا لمؤسسات الدولة الرئيسية، والتي انعكست عبر تطور المظاهرات لحصار وزارة الداخلية ومقرات جهاز أمن الدولة من قِبل المتظاهرين الذين حاولوا الانتقام من المؤسستَيْن أكثر من مرة، ومن هنا، "صار كبار رجال الدولة والمُتحكمون في مصائرها يتساءلون كيف لهؤلاء الشباب -واصفين إياهم بـ "العيال" للاستهانة بهم- أن يعطلوا مصالح الدولة ووظائفها الحيوية بمجرد غلق مداخل ومخارج الشوارع الرئيسية" (3)، وهو السؤال الذي يبدو أن الدولة المصرية لم تنسه أبدا.

 كتابه "السياسة والسُرعة: من ثورة الشارع إلى الحق في الدولة"، يشرح الفيلسوف بول فيريللو العديد من المفاهيم المُتعلقة 

السُلطة السياسية الحديثة والعقد الاجتماعي والسيادة والهيمنة، حيث يوضح فيريللو أن حدود هيمنة وسيادة الدولة وحدود العقد الاجتماعي تبدأ من مركز سُلطة الدولة ممثلة في مؤسساتها الأيديولوجية والأمنية وتنتهي بشبكة خطوط مواصلاتها، فالدولة، جهاز يسعى لدمج حياة السُكان وفرض السيادة والهيمنة عليهم، وهو الأمر الذي يتجلى بوضوح في التخطيط العُمراني وشبكات المواصلات التي تربط كل أطراف الحيّز الجغرافي بمركز السلطة، ويُتيح للسلطة الوصول والهيمنة على كافة مناطق سيادتها، ووفق هذا التحليل للدور السياسي الذي يقوم به العمران وشبكات المواصلات، يؤكد فيريللو أن مفاهيم المُواطنة والعقد الاجتماعي والديمقراطية لا يمكن أن تنتج إلا عبر تفاعل وثورات من السكان بغرض عقلنة جهاز الدولة الذي وحّدهم داخل الفضاء المكاني الجديد وفرض هيمنته عليه.

فشلها في عزل المباني السيادية من خطر الجماهير دافعا للاتجاه نحو حل أكثر جذرية، متمثلا في تأسيس عاصمة إدارية جديدة، وهو ما يوضحه الباحث إسماعيل الإسكندراني

باعتبار أن العاصمة الإدارية الجديدة تأتي وفق خطة النظام المصري باعتباره متضمنة لعدد من العناصر الأساسية، حيث "هي عاصمة صحراوية مرتفعة عن سطح البحر، ذات هواء أنقى وأصحّ من العاصمة الحالية، واسعة الشوارع، يقتصر الانتقال فيها على الإطارات الهوائية حصرا، فلا سكك حديدية ولا مجال فيها للمشي على الأقدام. يريد السيسي مركز حكم يسهّل إغلاق الطرق المؤدية إليه وقت الحاجة، إما بقطع الطريق الأسفلتي أو بتعطيل أول سيارتين لتتراكم وراءهما حشود الزاحفين المحتملين. أما حراك الجماهير المرتجلين فهو مستبعد وغير عملي بعيدا بهذه المسافة عن الكثافة السكانية. فأيّ مسيرة تلك التي ستترك طرف المدينة الشرقي لتقطع عشرين كيلومترا في الصحراء حتى تصل إلى مركز الحكم الجديد".

يظهر هذا النمط العمراني الذي تقوم عليه العاصمة الإدارية نموذجا شاذا وفريدا في الآن ذاته، فالعواصم السياسية والاقتصادية وحتى المراكز الحضرية الصناعية والتجارية يتم الترويج لها بموقعها الجغرافي المُتميز وبسهولة الوصول إليها، أما العاصمة الإدارية الجديدة، مسكونة بهواجس أمنية لا يمكن لناظر إغفالها،

فالموقع الذي تم اختياره يقبع في عزلة تامة عن شبكة الطرق التاريخية التي تربط المحافظات المصرية ببعضها البعض، مما يجعلها في مأمن تام من أي احتكاك أو اتصال غير مرغوب فيه مع الجماهير، فالأسوار العالية المُزمَع بناؤها ستكون مرتكزات للتحصين ضد العدوان المسلح. والشوارع الفسيحة هي الساحة المثالية لآلة البطش وأجهزة منع الشغب وفض التجمهر، "فلن نسمع عن اعتصام أمام مقر رئاسة الوزراء، ولا احتجاج أمام بوابات الوزارات. فحين تنشأ عاصمة جديدة في أرض خلاء بدءا من 2015، فإن الخيال لا يحتاج كثيرا من الإبداع لاستشراف وسائل المراقبة التي ستغطي كل شبر فيها"

عاصمة الاستعمار النيوليبرالي

القاهرة 

أسوأ خمس مُدن في العالم للحياة من حيث حجم الكثافة السكانية والبنية التحتية وشبكة المواصلات والخدمات والصحة العامة ومعدلات العُنف والأمن، فهي تتحول مع الوقت إلى مدينة خارج السيطرة الأمنية والسياسية وحتى العمرانية.

بصورة عامة، تتمثل المُدن الحديثة في مساحة تتجلى فيها سيادة الدولة وما يتصل بمفاهيم العقد الاجتماعي والمواطنة، وعليه فإن تشظي المدن يعكس بالأساس وبصفة جوهرية تآكلا في صِيغ المواطنة والتعايش، فدرجة العُنف الرمزي والمادي الذي تشهدة القاهرة يوميا يجعل الحياة داخلها حالة من الصراع المستمر بين السكان وبعضهم، وبين السكان الدولة من ناحية أخرى، بينما كانت الثورة والاعتصامات والمسيرات التي شهدتها العاصمة المصرية، وضمت ملايين المواطنين المصريين والهتافات والأناشيد التي تم إنشادها، محاولة جادة في تشكيل صيغة عقد اجتماعي مصري جديد، يؤسس حالة من المواطنة والتشاركية الديمقراطية في المساحات والفضاء العام وأجهزة الدولة المُختلفة باعتبارها امتدادا للمواطنين

إلا أن هذه المحاولة سُحقت من أطراف أجهزة الدولة العسكرية والأمنية وآلتها الإعلامية التي أنتجت في المقابل حالة من الفاشية والعُنف لم تشهدها مصر طوال تاريخها الحديث تقريبا.

في هذا السياق تأتي العاصمة الإدارية كمحاولة من السيسي ونخبته الحاكمة في مصر للهروب إلى الأمام، والتخلص من عبء المجتمع والدولة معا، والهروب من استحقاقات الشرعية والمواطنة والعقد الاجتماعي والتنمية، ومع العجز البنيوي للنظام عن إنتاج أي خطاب يؤسس لشرعيته السياسية مما يجعل الفجوة بين الدولة والمجتمع تزداد يوما بعد يوم خاصة مع الإجراءات النيوليبرالية التي تتخذها السلطة، تأتي العاصمة الإدارية كحل قادم من قلب العصور الوسطى، حيث يتم إنشاء عاصمة جديدة بمجرد إنجاز الغزو العسكري لتكون العاصمة الجديدة مقر الحكم الجديد وقاعدة الغزاة الجُدد، وإليها تُحصّل أموال الجزية والخراج.

حيث يؤكد العديد من الباحثين أنه لا يُمكن بالفعل فهم وتحليل نظام السيسي بمنطق العلوم السياسية الحديثة من حيث فهم آليات توزيع الصلاحيات الدستورية بين السلطات، وتنظيم العلاقات بين أجنحة النفوذ، والأمر ذاته ينعكس بين السلطة والمعارضة، وآليات تداول السلطة، وغير ذلك من ديناميات سياسية حداثية. يبدو حكم السيسي بذلك منتميا في كثير من جوانبه لثقافة القرون الوسطى بامتياز، حيث الاستيلاء على السلطة بالقوة وترسيخ الوجود فيها بمذبحة سياسية ضد الغريم الرئيسي(8)، وبالكيفية نفسها تأتي عاصمة السيسي، ليست كعاصمة مركزية مفتوحة على محيطها الجغرافي والسياسي، بل كقلعة منيعة يسكنها الغزاة الجدد، كتعبير عمراني بليغ عن الانهيار التام للعلاقة والعقد الاجتماعي بين المواطنين من ناحية، وبين سُلطة وطبقة حاكمة تسعى للتحكم في المجتمع من بعيد دون حتى أن تشاركهم المكان والعالم الذي يَحيَوْن فيه.

 العاصمة الجديدة لن تخرج عن كونها مُحاكاة للمدن الخليجية الصحراوية النيوليبرالية، حيث ناطحات السحاب والشركات الكبرى والفنادق الفخمة و"الكومباوندات" المُترفة، مدينة تتجه بالأساس للنُّخب المالية والتجارية عبر العالم، معزولة عن محيطها، إلا أنه كعادة مصر في صُنع المُفارقة؛ فالعاصمة الجديدة سوف تُهيمن وتتحكم في حياة عشرات الملايين من المصريين حولها، حيث تسكنها نُخبة رجال الدولة والجيش، كطبقة نيوليبرالية غازية سيطرت على البلاد بالحرب، ثم أسست قلعتها على ربوة عالية.

*

جمهورية ثانية


تضم العاصمة الجديدة مدينة المال والأعمال، وهو مركز يخدم القاهرة الكبرى ومحافظات قناة السويس الثلاث (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس)، وسيكون من أكبر المراكز في الشرق الأوسط ما يخدم توجه الدولة الساعية إلى دعم مستقبل نفوذها في المنطقة، بما يشكل ركيزة لمشروعاتها الاقتصادية في البحر المتوسط وتأمين الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.

وتسعى الدولة المصرية إلى تقديم صورة مغايرة لها إلى الخارج تتواكب مع رغبتها في أن تكون قوة فاعلة ومؤثرة في المنطقة، ولعل ذلك ظهر في افتتاح مسجد “الفتاح العليم” الذي سيتحول إلى مركز كبير للثقافة الإسلامية و”كاتدرائية السيد المسيح” التي ستكون منارة بالمنطقة، في دلالة على ما يدور في أذهان الدولة بشأن دورها مستقبلاً.

وتريد أن تدعم هذه الخطوات عبر بناء سياسي وتنموي داخلي يخدم تحركاتها، بعد أن نجحت في تأمين الحدود الشرقية، والأمر ذاته على الحدود الغربية مع ليبيا، والانتقال من حالة الصدام مع تركيا إلى فرض حلول دبلوماسية تتبناها القاهرة، إلى جانب تغير نظام الحكم في السودان وانعكاساته الإيجابية على إمكانية حل أزمة سد النهضة.

تفسير المعارضة


التقطت المعارضة المصرية حديث الرئيس السيسي عن الجمهورية الثانية وفسّرته على أنه ترويج لمشروعات أقدمت عليها الحكومة من دون أن يقتنع بها المواطنون، ودعّمت فكرة أن إقامة الجمهوريات تقاس بمنظومة القيم السياسية والدستورية الجديدة وليس من خلال المنشآت الجديدة.

وعلق نائب الرئيس المصري السابق محمد البرادعي على تويتر، “في السياسة والقانون: تصنيف الجمهوريات يرتبط بتغيير شامل لشكل نظام الحكم والدستور، وهو عُرف فرنسي، حيث تعيش فرنسا الآن ما يسمّى الجمهورية الخامسة منذ عام 1958. ما زلنا في مصر نعيش بامتياز في ظل الجمهورية الأولى منذ عام 1954. تغيرت الدساتير ولكن ما زال نظام الحكم واحداً”.

 تسليط الضوء على انتقال المؤسسات إلى بقعة جغرافية ينبغي أن يركز على إصلاحها ورفع كفاءتها، بل وتغيير الأسس التي قامت عليها ودعمت البيروقراطية الحالية، بعد أن نجح النظام في الحفاظ على تلك المؤسسات وانتهاء التحديات الوجودية المهددة لها.

*

"الأخر" الاجتماعي مصر الوحشه

May 8, 2021

Jan 5, 2021

 الموقف البغيض والرافض لـ "الأخر" الاجتماعي لا يخص الدكتورة وحدها، ولكنه متفشٍ وشائع في أوساط النخبة المصرية. قبل أيام حكى لي أحد الأصدقاء من الصحافيين المصريين كلاماً مشابهاً سمعه أثناء حديثه مع إحدى السفيرات المصريات تحدثت بلغة لا تخلو من الاستنكار والاستهزاء بمظهر السيدة زوجة الرئيس مرسي أثناء وجوده في السلطة.

كلام الدكتورة والسفيرة ليس استثناء، وإنما يكاد يكون القاعدة التي يستند إليها أمثالهما في تقييم الناس حسب مظهرهم ولباسهم، ويحاكمون خلفياتهم الاجتماعية، بحيث يفرضون عليهم نوعاً من المحرمات السياسية، يبيحونها لأنفسهم، بينما يحرّمونهم على غيرهم، ومنها مثلاً الالتحاق بالعمل السياسي والدبلوماسي.

عرف صديقاً وزميلاً من أيام الجامعة كان قد انتحر قبل عقدين من الزمن، وذلك بعد أيام قليلة فقط من إقصاءه ظلماً من مسابقة الالتحاق بوزارة الخارجية المصرية رغم أنه تجاوز الامتحانين التحريري والشفهي، وذلك بذريعة أنه "غير لائق اجتماعياً"، وذلك حسبما جاء نصاً في قرار رفضه. لم يتحمل الشاب القرار، فألقى بجسده النحيل في نهر النيل كي يلقى مصرعه بعدها بساعات، وتظل حكايته دليلاً علي الظلم والقهر الذي تمارسه مصر الدكتورة والسفيرة تجاه شباب مصر من البسطاء والفقراء.

الدكتورة والسفيرة، وأشباههما، يعيشون في مصر تم تصميمها على مقاسهم، ولخدمة مصالحهم، وتلبي احتياجات أبناءهم وذويهم. وهي مصر التي لم تتغبر فيها أقدامهم بتراب الأرض وطينها، ولم يطحنهم فقرها، ولم تأكل أجسادهم أمراضها وأوبئتها المتوطنة. مصر التي وضعت مليارات الدولارات في عاصمة جديدة تحيطها أسوار عالية لا يمكن لأحد دخولها ما لم يكن من أصحاب الحظوة والمكانة الاجتماعية، ويشبه في مظهره ولهجته الدكتورة والسفيرة.

وهي مصر ذاتها التي استهزأت بالبسطاء والفقراء حين انتفضوا قبل شهور بالجلاليب والشباشب من أجل تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. وهي مصر ذاتها التي حين يُعتقل ثلاثة ممن يشبهون الدكتورة والسفيرة، ينتفض العالم دفاعاً عنهم حتى يتم إخراجهم، أما حين يُعتقل الآلاف من أشباه "مرسي" وحرمه، فلا تسمع لأحد همساً ولا ركزا!! وهي أيضا مصر التي يُعالج أغنياءها وأكابر قومها في أرقى المستشفيات بالعاصمة من فيروس كورونا المستجد، بينما تُنزع أنابيب التنفس الاصطناعي (الأوكسجين) عن أبناءها من الفقراء بالمحافظات كي يلقوا مصرعهم وذلك كما حدث في محافظتي الشرقية والغربية خلال الأيام الماضية.

 المدهش في الأمر فليس فقط الخطاب الطبقي العنصري للدكتورة والسفيرة تجاه الآخر الاجتماعي، وإنما أيضا في ازدواجيتهم السياسية وانحطاطهم الأخلاقي. فالدكتورة المذكورة أعلاه كانت تكتب مقالات شبه أسبوعية ناقدة ولاذعة بإحدى الصحف المصرية ضد الرئيس مرسي وجماعته حين كانوا في السلطة، وهو أمر مشروع ومفهوم ومنطقي، ولكنها، مثل الكثير غيرها، قد بلعت لسانها وصمتْت صمت الجبناء، بعد أن وصل الجنرال السيسي إلى السلطة

هي الآن مشغولة بالكتابة عن الروايات والمدن والأفراح!! أستاذة أخرى من نفس الفصيلة، كانت تدّرس العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتنتمي لعائلة سياسية معروفة في مصر من مدّعي الليبرالية، لعبت دوراً محورياً في التحريض لانقلاب السيسي، والترويج له لاحقاً بأميركا، وقد أقرّت بذلك علناً بعد شهور قليلة من الانقلاب في لقاء لها بالعاصمة الأمريكية واشنطن. وقد ضَبطُتها شخصياً متلبسة بسرقة إحدى مقالاتي، ونشرها باسمها بجريدة "الحياة" اللندنية عام ٢٠٠٧. والأنكى أنه حين تمت مواجهتها بجريمتها لم تنفها، بل اعترفت بها بوقاحة، وألقت باللائمة على شاب من أوساط فقيرة كان يكتب لها مقالاتها الأسبوعية مقابل أجر زهيد، وهو عذر أقبح من ذنب! فهي لم تسرق فقط المقالات والأفكار، وإنما أيضا العقول والمجهود. فهل بعد هذا انحطاط؟!

إنها مصر التي تبغض أغلبية شعبها، وتحتقره، وتدافع عمن يعتقله، ويُعذّبه، ويسرق قوته، ويُفقره، ويهُّجره. وهي مصر التي إذا سرق فيها الرئيس تركوه، وإذا اشتكى فيها الفقير والضعيف احتقروه، وخوّنوه، وأقاموا عليه الدنيا ولم يقعدوها!! باختصار، هي مصر التي يريد العسكر بقاءها، ليس حباً بها، وإنما كي تُدافع عن حكمهم وبقاءهم في السلطة، وذلك في مواجهة أبناء مصر الأخرى التي يبغضونها ويحتقرونها وهذا هو أصل الصراع ومربه!!

*

 المقال الفائز والمعنون بـ"عن مصر الأخرى التي يبغضونها" الضوء على الانقسام الطبقي والعنصرية الاجتماعية، اللذين يلقيان بظلالهما على السياسة في مصر. ويستند المقال إلى تصريحات علنية وكاشفة كانت قد صدرت في مناسبات مختلفة، عن 3 شخصيات نسائية نخبوية هن أستاذتان جامعيتان وسفيرة.

ينتمي الفائزون في فروع الجائزة الأخرى إلى طائفة من مؤسسات الإعلام الدولي بينها "رويترز" (Reuters) و"بلومبيرغ" (Bloomberg) و"سي إن إن" (CNN) و"بي بي سي" (BBC) العربية والعالمية وموقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) والقناة البريطانية الرابعة

*
نموذج السيسي العسكري للاقتصاد

"عاصمة جديدة في الصحراء المصرية: نموذج السيسي العسكري للاقتصاد".

 الرئيس المصري لا يتفادى عادة تقديم وعود جريئة، لكنه في مارس/آذار، قدم تنبؤا كان جريئا حتى بمعاييره.
حديث خلال حدث عسكري، قال السيسي إن افتتاح "عاصمة إدارية جديدة" تغطي رقعة من الصحراء مساوية لحجم سنغافورة، سيمثل "ولادة دولة جديدة". وسيتم اختبار كلماته هذه قريباً، بحسب الكاتب.

الهدف من ذلك هو تشغيل 55 ألف موظف في أكثر من 30 وزارة جديدة ضخمة بحلول نهاية العام. أما الهدف النهائي، فهو أن يعيش 6.5 مليون شخص في المدينة.

بحسب التقرير، يجسد المشروع رؤية السيسي للتنمية وكيف ينبغي أن يتم ذلك: "الجيش في المقدمة والوسط بلا خجل". ويصر السيسي على أن المشروع يمثل "إعلان جمهورية جديدة" حتى في الوقت الذي يعتبر "المشككون أنه مشروع غرور لا يمكن لدولة ذات أولويات أكثر إلحاحا أن تتحمل تكاليفه".

مشروع العاصمة الجديدة شرق القاهرة هو واحد من بين آلاف المشاريع التي يتولى الجيش المسؤولية عنها منذ عام 2013.

يشير التقرير إلى أنه نتيجة لذلك، كانت مشاريع البناء والعقارات، إلى جانب الطاقة، من العوامل الرئيسية في إنعاش الاقتصاد المحتضر. وقد مكنت مصر من التفاخر بأعلى معدلات النمو في الشرق الأوسط في الناتج المحلي الإجمالي - مسجلة أكثر من 5 في المئة سنويا في العامين السابقين لانتشار كوفيد-19. لكن مثلما تثير العاصمة الإدارية ردود فعل متباينة، يتساءل بعض المصريين أيضا عما إذا كانت النجاحات الاقتصادية التي يحييها أنصار الرئيس هي سراب أكثر من كونها حقيقة.

"يبدو الاقتصاد سليما من الخارج، ولكن إذا تعمقت بالأمر، تستنتج أن كل ذلك مبني على رمال متحركة".

توسيع دور الجيش في الدولة والاقتصاد يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص وإخافة المستثمرين الأجانب. ويقول أحد الاقتصاديين المصريين للصحيفة: "الخوف الحقيقي الذي يشعر به الناس هو أنك تدخل وتؤسس مشروعا والجيش يكرر هذا المشروع المجاور ويضعفك".

يقول بعض المصريين إنهم يتفهمون سبب تحول السيسي إلى الجيش بعد توليه السلطة، بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات في أعقاب انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي دام 30 عاما. وذلك لأنه ورث اقتصادا محطما بسبب الاضطرابات السياسية والصراعات الأهلية والهجمات الإرهابية التي أخافت المستثمرين المحليين والأجانب.

يشير التقرير إلى أن لجوء مصر إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار عام 2016، بعد تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية ونقص الدولار، وهبوط قيمة الجنيه المصري إلى النصف وارتفاع التضخم وأسعار الفائدة إثر ذلك، من العوائق الإضافية أمام الاستثمار الخاص.

لكن بعد ثماني سنوات من وجود السيسي في السلطة، هناك "مخاوف متزايدة من أن التوسع الاقتصادي القوي للجيش سيثبت أنه لا رجوع فيه". ويقول اقتصاديون للصحيفة إن هذا النشاط لا يولد وظائف منتجة كافية لمعالجة البطالة المتفشية بين الشباب والفقر في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة.

 انخفاض معدل التوظيف من 44.2 في المئة بين المصريين في سن العمل في عام 2010 إلى 35 في المئة في الربع الثاني من العام الماضي، حتى مع دخول ما يقدر بنحو 800 ألف خريج سنويا إلى سوق العمل، وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. وستتزايد الضغوط الديموغرافية والاجتماعية، بحسب التقرير، لأن معدل الخصوبة البالغ 3.5 طفل لكل امرأة مصرية، يعني أن عدد السكان سيتضخم بمقدار 20 مليون شخص خلال العقد المقبل.

يقول الأكاديمي التي قابلته الصحيفة: "لدينا نمو بنسبة 5 في المئة، لكن 2.5 في المئة يأتي من المعادن (النفط والغاز) التي تجلب المال ولكنها لا تخلق فرص عمل وهو الشيء الوحيد الذي سينقذنا". ويضيف: "2.5 في المئة الأخرى هي العقارات [والبناء]، وهي عمالة وهمية. بمجرد أن نتوقف عن البناء، لا توجد وظائف".

 السيسي دخل الرئاسة وهو لا يثق في القطاع الخاص ويشعر بالاشمئزاز من المحسوبية المنتشرة في عهد مبارك. ويقول محللون إنه يشعر بالقلق أيضا من أن يصبح رجال الأعمال أقوياء جدا ومؤثرين سياسيا، إذ ينظر إليهم على أنهم أحد المكونات التي أشعلت انتفاضة 2011.

ويمتد نفوذ الجيش عبر الاقتصاد، من الصلب والأسمنت إلى الزراعة ومصايد الأسماك والطاقة والرعاية الصحية والأغذية والمشروبات. حتى وسائل الإعلام لم تُستثنى، إذ استحوذت الكيانات المرتبطة بأجهزة أمن الدولة على الصحف والقنوات التلفزيونية ودور الإنتاج بحسب التقرير.

* Jun 7, 2021

لماذا تغيب الإصلاحات السياسية عن أفكار الجمهورية الجديدة في مصر

الجمود ينعكس على قدرة النخب في التجاوب بشكل فاعل مع خطط الدولة.

لا وجود لجمهورية جديدة طالما لم تتغير العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويكون ذلك من خلال وضع دستور جديد يعطي حريات أكبر لطبقات المجتمع المختلفة للمشاركة في السلطة، وهو أمر لم يحدث في الحالة المصرية التي عدلت فقط الدستور لكنها عززت من هيمنة السلطة التنفيذية على كافة السلطات.

 العامل الثاني المطلوب توافره لتحقيق المصطلح يتعلق بتغير سلوك السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يجري تطبيق أي مواد جديدة تأتي في الدستور وإنهاء الحالة الحالية التي بمقتضاها يتمتع البرلمان بصلاحيات أوسع من ذي قبل لكنه لم يستخدمها وما زال خاضعاً للسلطة التنفيذية.

 الإصلاحات السياسية يجب أن يواكبها تعزيز أدوار الدولة لتوفير الضمان الاجتماعي للطبقات الفقيرة والاستفادة من التجارب الرأسمالية التي لم تتخل عن القاعدة الشعبية لديها، وتكثيف الجهود لإنهاء الفوارق بين الطبقات وتحصين الطبقة المتوسطة والارتقاء بها بعد أن تلاشت جراء الإجراءات الاقتصادية الصعبة.

وتؤمن دوائر سياسية عديدة بأن الجمهورية الجديدة تحتاج إلى منهج اجتماعي اقتصادي بمظلات إنسانية تضمن العدالة بين المواطنين، وأن تبدأ من حيث انتهى الآخرون في تحقيق الحريات العامة والإعلامية، وتفعيل مبدأ المشاركة السياسية بشكل يضمن عدم النكوص عنه، كما الحال في التجارب السابقة التي لم تكتمل فيها مراحل الإصلاح السياسي وظلت مجرد محاولات تؤدي إلى تنفيس محدود دون أن تتحول إلى سلوك عام.

فريدة النقاش للتأكيد على أن خارطة الوصول إلى الجمهورية المنشودة لا بد أن تضمن انتشاراً وتطبيقَا لمفهوم الديمقراطية على مستوى مؤسسات الدولة والمواطنين بما يسمح للمصريين بالمشاركة في بناء الجمهورية.

 مفهوم الديمقراطية يشمل إلغاء كثير من المواد المقيدة للحريات في مصر ما يعطي الأمل للمواطنين للتطلع إلى مستقبل واعد، ومن المستحيل أن يتحقق ذلك في ظل وجود قيود على حرية التنظيم والتعبير والاعتقاد، لأنه في هذا المناخ تلعب المؤسسات الرجعية أدواراً سلبية، مع تزايد لجوء المواطنين إلى من يسمون أنفسهم رجال دين وهؤلاء ينشرون أفكارا معادية للتقدم.

رأت النقاش أن الذهاب باتجاه الجمهورية الجديدة لا يمكن أن يجري في ظل وجود نسبة فقر تقارب 30 في المئة من المواطنين، ولن يكون من العدل ولا احترام النفس أن تترك هذه القوى المهمشة والضعيفة دون الاستفادة من قدراتها الإنتاجية وتحسين مستوياتها للمشاركة بشكل فاعل في البناء الجديد للدولة.

من وجهة نظر قطاعات قريبة من الحكومة المصرية ومحسوبة على اليسار فإن تحديد عقد اجتماعي بين الحكومة والمواطنين يتطلب قدرا كبيرا من الحريات التي تتيح مناقشة فاعلة للعلاقة بين الطرفين، وهؤلاء يعولون على أن تقوم الحكومة باعتبارها تمتلك عناصر القوة في هذه العلاقة بالتوجه نحو إتاحة الديمقراطية التي تبدأ وتنتهي منها كل محاولة جادة للتطور.

أشار رئيس حزب الإصلاح والتنمية (معارض) محمد أنور السادات إلى أن الحاجة لعقد اجتماعي جديد تتطلب إعادة تقييم علاقة الحكومة بالمواطنين والعكس، وفتح مجال الحريات العامة، وفي هذا الملف ما زال أمام الحكومة مشوار طويل كي نصل إلى مرحلة أن يكون لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه عبر إتاحة العمل الحزبي بلا قيود.

الحكومة عليها أن تبدأ من الآن من الداخل والخارج، وهي انفراجة متوقعة منذ فترة تماشياً مع توافر عوامل استقرار الدولة، ولم يعد هناك مبرر من عدم تمكين المؤسسات التشريعية والقضائية والإعلامية للقيام بأدوارها التكاملية مع الحكومة بما يؤدي لإحداث التوازن المفقود بين السلطات المختلفة.

 خطر الإخوان لم يعد موجوداً أو على الأقل ليس ذا فاعلية في الوقت الحالي،

شعور المواطنين بأن لهم الحق في الإدلاء بآرائهم بحرية وإشراكهم في سلطة اتخاذ القرار تعد بمثابة التأسيس الجديد للعقد الاجتماعي، وأن ما يحدث في الوقت الحالي عبر إتاحة الفرصة لأحزاب المعارضة لأن تكون متواجدة في السلطة التشريعية لا يكفي لتحقيق النقلة، وما يمكن وصفه بـ”الأداء المشرف” لأحزاب المعارضة داخل البرلمان لا يحقق الهدف المطلوب، ومن المهم فتح جميع الأبواب أمام الأحزاب لتدلي بدلوها طالما أن ذلك في الإطار العام للدولة الوطنية.

التركيز على إعادة تعريف المواطنة وتثقيف المواطنين سياسياً بما يدعم تطور أدوات تفكيرهم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق