بات عمل علماء الاجتماع اليوم ينحصر داخل أسوار الجامعات أو داخل المؤسسات التي تتبع للسلطة السياسية أو المالية أو الإعلامية. وبالتالي انقطع بشكل لافت عن الحياة الإنسانية في تقلبها وواقعها، وتحول إلى ما يشبه الأرشفة أو تنضيد الأفكار السابقة أو العمل القاموسي، وغيرها مما يبعده عن وظيفته الحقيقية في دخوله معترك الواقع ومتابعته، وهو ما يتطلب ضرورة المناداة بضرورة ترسيخ علم الاجتماع النقدي.
علم الاجتماع النقدي (Critical Sociology) يحاول وبكل جرأة وشجاعة أن يتحمل الإجابة عن الأسئلة الكبيرة المسكوت عنها من قبل علماء اجتماع السلطة الذين يحاولون مرارا وتكرارا أن يطفئوا الشعلة النقدية لعلم الاجتماع المدافع عن حقوق السواد الأعظم من أفراد المجتمع ومصالحهم.
وسائل الاتصال الجماهيري المحصنة بالتكنولوجيا التي يمتلكها هذا المجتمع على سبيل المثال لا تجد أيّ عناء يذكر في تحويل المصالح الخاصة إلى مصالح تهمّ كل أفراد المجتمع من ذوي الحس السليم، حيث يبدو كل شيء عقلانيا ولا يشوبه أيّ تناقض أو خلل. بذلك قدم المجتمع الصناعي المتقدم لأفراده مبررات منطقية للقضاء على أشكال النقد، من خلال التقدم التقني الذي يرسخ دعائم كاملة من السيطرة والتنسيق (حسام الدين فياض: تطور الاتجاهات النقدية في علم الاجتماع المعاصر، دار كريتار، إسطنبول).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق