الخميس، 24 يونيو 2021

الشيخ محمد حسين يعقوب *******************************

Dec 15, 2020

 بافكر أفسخ الخطوبة دي، خايف جداً يكون عندها مناطق من السودة والأماكن الغامقة، وأنا حابب زوجتي بيضة زي الشيخ محمد حسين يعقوب، بس خايف مالاقيش زيها أعمل إيه؟!".

الشيخ لديه ازدواجية وتناقض في موقفه الفكري من المرأة، إذ يرى في حديثه أمام متابعيه أن نساء الدنيا "فالصو"، والجمال الحقيقي في الحور العين، وفي الوقت نفسه يتزوج الفتاة تلو الأخرى، فلا يمر أكثر من شهرين إلا ويتزوج الجديدة.

محمود الرضواني، إن "يعقوب"، يعيش حالة من الهوس بالزيجات المستمرة، خصوصًا من الفتيات البكر، لدرجة أن عدد زيجاته وصل إلى 22 قبل 7 سنوات، كما أنه رغم تجاوزه سن الستين إلا أنه تزوج مؤخراً بزوجة جديدة.

فتاة في العشرينات من عمرها "اعتاد الشيخ على اختيار الزوجة الرابعة بكراً بغرض المتعة، وفي الغالب لا يفكر فى الإنجاب منها، بينما تكون الزوجات الثلاث الأولى هن الأساسيات

 تزوجها الداعية منذ شهور قليلة.

- الفارق بين عمريهما نحو 40 سنة، إذ يبلغ عمر الشيخ 64 عاماً.

- طلّق الزوجة الرابعة التي كانت على ذمته لكي يتمكن من الزواج بها.

- تقيم معه فى فيلته بالسادس من أكتوبر "يختار الإقامة بها ليكون بالقرب من مدينة الإنتاج الإعلامي، حيث مقر القنوات الفضائية".

******

قناة صفا 

 تمويل القناة يقف وراءه جهات أخرى، وأوضح المصدر الذي لم يرغب في ذكر اسمه أن له تجربة شخصية مع هذه القنوات، خاصة قناة صفا، مشيرا إلى أنها مثل قنوات الشيعة تماما هناك من يستفيد من وجودها ويمدها بالمال، وتعد هذه القنوات الأكثر ربحا لأصحابها بين القنوات الدينية الأخرى، فالجهات الممولة تغدق على أصحابها الأموال، وإن ظهروا بمظهر الفقراء".

يعترف عثمان الخميس أن خالد العصيمي أحد رجال الأعمال الكويتيين البارزين، هو صاحب قناة صف

مأوى لجماعة الإخوان، خاصة التيار القطبي، وأنها تتستر خلف محاربة التشيع، لهدم الدول الإسلامية، ومنها تبني القناة للثورة السورية، وأنها كانت منطلقا لشيوخ الفتنة الذين استغلوا فكرة محاربة التشيع، للهجوم على النظام السوري،

 السوري عدنان العرور من أبرز شيوخ القناة، وهو أحد شيوخ القطبية، ويتبنى أفكار سيد قطب ويعدها النموذج الأمثل للدفاع عن السنة والرد على الطوائف المبتدعة والفرق الضالة- على حد قوله- ولا يخفي ذلك في كل حلقاته على قناة صفا، وقال عن مؤلفات سيد قطب:" يعرف بها الحق من الباطل، وأهل السنة من البدعة، وأهل الجماعة من أصحاب الشقاق، وبها النجاة والفلاح والاستقامة والسداد" ومنها كتاب "معالم على الطريق" و"في ظلال القرآن"، و"لماذا أعدموني"، و"خصائص التصوير الفني "، وكذلك كتب شقيقه محمد قطب، ومنها: "معركة التقليد"

المسلمون هؤلاء ما نكفرهم أعياناً، لكن هذه مجتمعاتهم ليست مجتمعات مسلمة بدليل رفضهم لحكم الشريعة، الإسلامية

إحدي حلقات برنامج "كسر الصنم" على القناة قال الزيد: " الذين يحاربون الإخوان هم فلول الديكتاتور النظام السابق، النظام الفاسد ، المافيا التي تحكم مصر، في مافيا، وهذا فيه تحالف بين مراكز قوى، مراكز القوى هذه في الجيش، وفي الشرطة، والداخلية والأمن، ورجال الأعمال الفاسدين اللي بنوا ثرواتهم في وقت مبارك، يؤيدهم هؤلاء نصارى مصر ويؤيدهم الصوفية الخرافيين".

وبعد فوز مرسي بالرئاسة قال إن من معارضة الإخوان تعد معارضة للإسلام:

محمد الزغبي

الإخواني الغامض محمد عبدالملك الزغبي، أحد أبرز شيوخ القناة، وهو واحد من أكثر الشيوخ تلونا، ومعروف عنه مرجعيته الإخوانية القطبية التي يعلن عنها أحيانا بكل وضوح،

*

محمد الدسوقى رشدى يكشف تناقضات الدعاة فى نهاية زمن الشيوخ

Sep 7, 2019

يرصد فيها تناقض فتاوى شيوخ عدد من الدعاة الإسلاميين مثل محمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، يوسف القرضاوى، ياسر برهامى، مسعد أنور، وتعاملهم مع المتغيرات التى مرت عليها الدولة المصرية بداية من ثورة 25 يناير وصولا لثورة 30 يوليو وعزل جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم.

ويدور الكتاب حول تناقضات هؤلاء الدعاة بشأن المظاهرات والانتخابات والمرأة والأحزاب قبل ثورة 25 يناير وبعدها، وتلاعب نفس الشيوخ بالشريعة والفقه وتغير آرائهم قبل ثورة 30 يونيو وبعدها مما كتب نهاية سيطرتهم على عقول المصريين.
 
ويكشف الكتاب، طمع الداعية السلفى محمد حسان فى دور الشيخ السياسى وتقديمه خطبا عن الطغيان والحكام العرب قبل أن تظهر صوره مع الرئيس الليبى القذافى عام 2008 وهو يمدحه ويتملقه ويصفه بالعادل نصير الإسلام، وكيف تناقضت  فتاوى حسان قبل 25 يناير وبعد تنحى مبارك حول الخروج على الحاكم والتظاهر وتودده للشباب المتظاهرين بعد الهجوم عليهم مما كان أول ورقة سقطت لتعرية الشيخ المتلون، وكيف لم تمنح ثورة 30 يونيو لـ حسان فرصة للتلون بعدما دعم إرهاب الإخوان وناصر اعتصامهم ثم حاول التودد للدولة بمبادرة الحوار مع الإرهابيين قبل أن يكشف الإرهابى عادل حبارة أمام النيابة أن الشيخ حسان هو الأب الشرعى للأفكار الإرهابية التكفيرية.

كما تعرض المؤلف، لقيام شباب التيار السلفى والإخوان، بتعرية دور الداعية محمد حسين يعقوب، الذين فضحوا تناقضاته وتلاعبه بالفتوى وتهربه من اتخاذ مواقف حاسمة فى الأوقات الصعبة، مستعينا بخطبه فى السلفيين قبل 25 يناير يحذرهم من السياسة وأفتى بحرمانية المظاهرات ثم هاجم مبارك بعد التنحى ثم تحول إلى سياسى يدعم حازم صلاح أبو إسماعيل ويؤيد مرسى ويحشد الناس فى طوابير الانتخابات.

*

أنا أخاطب العوام، ولا أعلم عن وجود فكر سلفى تكفيرى، وصدقا لا أعلم، فالسلفى سلفى والتكفيرى تكفيرى.

لا يوجد الآن خليفة لعدم إجماع المسلمين لخليفة فى العالم كله، ولكن رئيس الدولة ولى أمر.

 أنا أخاطب العوام وحسان يخاطب الملتزمين

*
 ساخرة ومستنكرة حينا وداعمة حينا 

 بالتنصل من نشاطه الدعوي، الذي بدأ مع نهاية السبعينيات، بدافع الخوف من أجهزة الدولة التي لم تعد ترحب بالتيارات الدينية. فيما دافع عنه بعض آخر متهمين بالمحكمة بمحاولة "التقليل من قدره".

"أنا لا أفتي. وعندما يوجه لي سؤال، أقول اسألوا العلماء". كما نفى أن يكون متخصصا في الفقه الإسلامي وقال إنه يحمل دبلوم دار المعلمين، وهي شهادة متوسطة تسمح لحاملها بالتدريس في المدارس الابتدائية فقط.

يخاطب "العوام" وليس طلبة العلم ولا الملتزمين.

 السلفيين أسهموا "في تشكيل تيار اجتماعي يتبنى المنطق الوهابي في صورته البدوية، سواء على مستوى الطقوس أو الملابس أو نمط الحياة الاجتماعية." وأضاف أن خطابهم الديني، الذي يتسم "بالترهيب والصراخ"، ابتعد عن الثقافة المصرية "التي تتميز بالتسامح"، كما أسهم في أن يصبح المجتمع "أكثر تشددا وتنكرا لقيم الحياة والتعايش والمواطنة، فضلا عن تكريس نظرة سلبية للأقباط وللمرأة." ويرى بان أن هذا التأثير مستمر ويعبر عن قطاعات واسعة من المصريين "ويعطل الإصلاح الديني."

مرجعية الدعوة السلفية هي القرآن والسنة بفهم الصحابة.
انكمش نشاط التيارات الإسلامية، ومن بينهم السلفيون، بشكل حاد بعد صعود الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحكم في عام 2014. فقد سجن الكثير من الإسلاميين ووجهت لهم اتهامات تتعلق بالانتماء لمنظمات إرهابية وتهديد الأمن العام. كما صنف القضاء جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية في عام 2015.

خوف من الدولة أم مراجعة للأفكار؟

لم يشر يعقوب لنفسه أمام المحكمة كسلفي، وأوضح "إذا قال عني شخص ما إنني سلفي، فليقل" . لكن عندما عاد القاضي وسأله عن قناعته الداخلية، رد قائلا "سلفي". وبدا من هذه الإجابات، بالنسبة لمنتقديه، أنه يحاول المراوغة، خوفا من أن يتعرض للأذى.

الدولة أعلنت بوضوح أنها لن تهادن أي تيار ديني في الفترة الحالية. وهذا الوضوح أدى لتراجع الكثير من التيارات الدينية. " هكذا يقول محمد دويك الباحث في الشؤون الإسلامية. ويضيف أن الكثير من دعاة السلفية "اتخذوا من الدعوة للدين واعتلاء المنابر وسيلة للشهرة، بينما هم في الواقع أصحاب عقول سطحية".

لكن مؤيدي يعقوب من السلفيين لا يعتبرون شهادته تملصا أو تراجعا عن أفكاره. "عندما يقول أنا لست عالما فهذا من باب التواضع" يقول ناصر رضوان، الذي يؤكد أن يعقوب استدعي للمحكم كشاهد وليس متهما في القضية، كما أنه ليس مسؤولا عمن يسيء فهم أو تفسير أفكاره. "فهو لم يدع يوما للعنف أو للخروج على الدولة، لا تلميحا ولا تصريحاً".

"خطاب العلمانيين إقصائي"

ويضيف بان أن "فضيلة المراجعة غائبة عن جمهور الإسلاميين سواء أكانوا إخوانا أم سلفيين أم جهاديين. فهم يرون أن تصورهم هو التصور الأصيل والحصري عن الدين، وما عداه باطل."

بالخطاب الليبرالي العلماني الذي يراه "إقصائيا وعنصريا بشكل يفوق كل ما قد يقال عن أي تيار إسلامي". ويضيف أن العلمانيين يريدون "التضييق عل كل أبناء التيار الإسلامي إعلاميا ومجتمعيا وحتى سياسيا".

سلفية تكفيرية"

عما يعرف بالسلفية التكفيرية رد باقتضاب "لا أعلم"، 

الدعوة أسست ما يعرف بموانع التكفير واعتمدت مبدأ "العذر بالجهل". ويضيف أن "السلفية التفكيرية ليست بعيدة فقط عن الدعوة السلفية بل بعيدة عن الإسلام كله".

 محمد دويك، الباحث في الشؤون الإسلامية، إن "الدعوة السلفية لديها خطاب معلن يقر بولي الأمر أو الحاكم. لكنها ترفض، من داخلها، هذا النظام لأنها تراه يحكم بغير ما أنزل الله. فهم كافرون بالدولة الحديثة." ويضيف أن شيوخ السلفية الدعوية دائما ما كانوا يعلنون مهادنتهم للنظام الحاكم باعتباره "حاكما متغلبا"، وقد أفادهم هذا كثيرا إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك، على حد قوله.

السلفيون والدولة

نشاط السلفيين في المساجد وفي وسائل الإعلام تم تحت أعين الدولة وبعلمها، وكان جل هذا النشاط إبان حكم مبارك. ويرى دويك أن السلطات حينها كانت "تلعب بالنار" موضحا أنها حاولت اللعب على الفوارق الفقهية بين السلفيين والإخوان.

السلفيون كانوا يهاجمون الإخوان والإخوان يهاجمون الدولة. فالسلطة اعتمدت مبدأ عدو عدوي صديقي. واستغلت السلفيين كسلاح شعبي لمواجهة تمدد الإخوان". ويرى أن هذا التقارب بين السلفيين والدولة، كان "مدمرا. أفسد العقول وخرب المجتمع."

يقول دويك إن ما عزز من نفوذ السلفيين هو هشاشة المنظومة التعليمية والثقافية والدينية في مصر.

أي يتفق معه لحد كبير أحمد بان الذي يرى أن إتاحة الفرصة لصعود خطاب ديني مستنير مرهون أيضا بوجود مناخ عام من الحريات. وأوضح أن الحرية تؤمن للداعية هامشا لانتقاد أي ممارسات خاطئة تقوم بها السلطة السياسية أو أفراد من المجتمع، مادام لا يخالف في ذلك القانون أو الدستور، مشيرا إلى أن هذا الهامش يعزز مصداقية الداعية ما يؤمن له تأثيرا على عموم الناس. "فلا يمكن للداعية أن يتحدث عن قضايا ويصمت عن قضايا أخرى، وإلا تصبح مصداقيته محل شك." لكنه استدرك قائلا إن "عبرة التاريخ تقول إن أي سلطة سياسية كانت تنزعج من حضور أي داعية له تأثير. فهي تراه تهديدا لسيطرتها على الشعوب."

دور الأزهر

حاولت مؤسسة الأزهر بذله لمواجهة المد السلفي. لكنهم أقروا أن هذا الجهد ما يزال غير كافٍ

الأزهر "ضحية لعدم تمكين علمائه، وترك المجال لمن يدعون باطلا أنهم سلفيون." ويوضح أن الأزهر لا يجد الدعم الكافي ولا المنابر الإعلامية الكافية التي تتيح المجال لرجاله كي يقوموا بدورهم.

يتساءل غاضبا "من المسؤول عن فتح قنوات يشرف عليها أناس لا يفقهون من أمور الدين إلا بضعة كتب قرأوها ؟! فهي قنوات يقوم عليها جهلة بالدين يدعون كذبا أنهم سلفيون. فعلماء الأزهر الشريف هم السلف وليس هؤلاء."

 الإفتاء هو من اختصاص دار الإفتاء فحسب "فما فسد العالم الإسلامي إلا منذ أصبح الدين مرعى للجميع. والكل يفتي".

* Jun 16, 2021

 موقفهم السياسي هو طاعة ولي الأمر، شرعية الحاكم المتغلب، "وإنْ أخذ ظهرك وأخذ مالك". لذلك سمح نظام حسني مبارك عقوداً بانتشار ذلك التيار بشكل كاسح. في الانتخابات البرلمانية عام 2005، كان "الإخوان المسلمون" يوزّعون بكثافة كُتيباً، يحمل اسم "لماذا الإسلام هو الحل؟"، يضم فصلاً مطولاً لنقاش مسألة تحريم الانتخابات التي كانت في مقدمة الطعنات التي يواجهونها لدى جمهورهم المحافظ.

ليست مصادفة تكرار بدء أعضاء التنظيمات الإرهابية الطريق من بوابة السلفية الوهابية، حيث عقائد "الولاء والبراء" و"نواقض الإسلام" وغيرها، ثم حين يتّسع تناقض الأفكار مع التطبيق، يتم الانتقال إلى السلفية الجهادية. من هنا جاءت شهادة حسين يعقوب أخيراً في قضية "داعش إمبابة"، حيث كان هذا طلب دفاع المتهمين الذين قالوا إنهم على أفكار يعقوب ومحمد حسّان.

كارثة شهادة محمد الغزالي في محاكمة قتلة فرج فودة. وكذلك شهدت محاكمة قتلة الرئيس أنور السادات النمط نفسه،
 أقصى زخم إعلامي، في زمنٍ يسبغ فيه الإعلام المصري ألقاباً، من قبيل "أسد القضاة" و"قاضي الإعدامات".
كان أبرز ما جاء في الشهادة ادعاء يعقوب الجهل ليتهرّب من إجابة أسئلةٍ بعينها، مثل إجابته بـ"لا أعلم"، حين سأله القاضي عن حكم الطائفة الممتنعة، أو عن حكم هدم المساجد والكنائس والأديرة. هذه مواضع تقاطع مع السلفية الجهادية، على الرغم من اختلاف تياره باعتبار تلك الأفعال منوطةً بالحاكم، لا آحاد المسلمين.

لا يكذب يعقوب حين يدّعي أنه ليس مفتياً، فعلى الرغم من أن حديثه حافل بالتحليل والتحريم، إلا أن خطابه الدائم أن هذه ليست فتاواه. وفي مقطع مصوّر، كان يقول إن الرجل هو سيد المرأة، وهي مخلوقةٌ لخدمته، ولو سمح لها بالإنفاق في المنزل فهو ينتقص من رجولته، ويكرّر بعد كل عبارة "هذا ليس كلامي بل كلام الله".

ما شهدته مواقع التواصل المصرية كان في الواقع لا يتعلق بأقوال يعقوب أو بشخصه، بل بتياره بالكامل. خسرت ثورة يناير مكاسبها السياسية، لكن آثار ثورتها الاجتماعية بقيت في تيار واسع راجع أفكاره السياسية والدينية والاجتماعية. ويظهر ذلك مراراً عند كل فرصة متاحة للنقاش العام الذي أصبح محلّه الواقع الافتراضي، ولعله يوماً ينتقل إلى الواقع الملموس.

* Jun 19, 2021

 يمارس “الدعوة” منذ عام 1978 نفى أي علاقة له بالسياسة، رغم أنه صاحب مصطلح “غزوة الصناديق”.

تحطم أساطير بشرية لو لم توجد لاخترعها المحبطون الباحثون عن أمل. لا يختلف يعقوب إلا في الدرجة عن الشيخين محمد متولي الشعراوي وعلي الجفري، والممثل محمد رمضان، والرئيس السابق للبرلمان علي عبدالعال، والقاضي السابق مرتضى منصور، والباحث السابق في التراث يوسف زيدان.

أساطير شعبوية أسهم في صناعتها الفراغ واليأس واحتيالات السلطة وسطوة الإعلام. ويمتدّ عمر الأسطورة حتى تصطدم بالحقيقة. وقد يتأخر هذا الارتطام انتظارا لثورة معرفية لا تبالي بقداسات، أو تكشفه مصادفة مثل شهادة يعقوب الذي أنكر 43 عاما من إيهام المساكين. وليس عدلا أن نركز فقط على رجال الدين.

الذين يحلو لهم لقب “الدعاة” فأنصارهم عراة الأعصاب، جاهزون للفداء، وتصبّ حماستهم في تعمير جيوب “الدعاة” بالمزيد من الثروات. شارك الذين أوردتُ أسماءهم في الفقرة الأولى في إشاعة القبح واستئناسه، والتطبيع معه، حتى أصبح الجمهور ينتظر ظهورهم في الفضائيات؛ ليتسلى أو يزداد إيمانا بما هو مؤمن به. والقبح الذي أقصده يتعلق بالسلوك المعلن لا بالشخص نفسه. ما أسوأ أن يعتاد الجمهور سباب قاض سابق لأمهات مخالفيه.

السباب الآمن أدمن يوسف زيدان توجيهه إلى رموز تاريخيين، ولا يجرؤ على الاقتراب من حكام يقابلهم، ويعلم أنهم أطغى من صلاح الدين الأيوبي الذي ليس معصوما، وسيرته تخضع للنقد الذي لا يندرج تحته قول زيدان، عام 2017 “صلاح الدين من أحقر الشخصيات في التاريخ”، فتلقف كلامَه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وأبدى سعادته بكلام ينزع الهيبة عن الأيوبي، “أكبر إرهابي في التاريخ الإسلامي وعن أسطورة المسجد الأقصى المصطنعة. التصريحات تدفع باعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل”. ولا تفرغ بقجة زيدان من تصريحات يضمن بها البقاء تحت الأضواء، وهو ظمأ قديم، لم تحققه له شتائمه للجزائريين، لمصلحة حسني مبارك، وأفلح التلفزيون في تحقيقه.

لا فرق كبيرا بين رجال الدين الهواة أمثال يعقوب الذي يمارس “الدعوة” منذ عام 1978، والجفري والشعراوي الذي ينقض أسطورتَه شبان لم يعاصروه، ويستخرجون من أحاديثه ما يوجب المساءلة الإنسانية، مثل التشجيع على الكراهية، وتحريم نقل الأعضاء، وترك المرضى فرائس للموت.

 يتصدرون المشهد وتغيّب اجتهادات الشيخ محمد عبده ومصطفى وعلي عبدالرازق، وعبدالمتعال الصعيدي وغيرهم. وتقوم ثورة شعبية، فيتخذها السلفيون والإخوان حصان طروادة، ويشكلون في نهاية عام 2011 “الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح”، وباكورة أنشطتها طعن في عقيدة غيرهم، والإفتاء بعدم تهنئتهم بالسنة الجديدة؛ فالمسلمون “لا يعتقدون في صلب السيد المسيح عليه السلام”. تلك الهيئة تزعمها خيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان وياسر برهامي. حسم هؤلاء الغلاظ مسألة المسيحيين، ثم جاء الدور على المختلف معهم في المذهب، وكان حكم الإخوان فرصتهم.

أساطير شعبوية أسهم في صناعتها الفراغ واليأس واحتيالات السلطة وسطوة الإعلام

بقول الرئيس الإخواني محمد مرسي له “الشيعة أخطر على الإسلام من اليهود”. وفي الـ15 من يونيو 2013،
 لا يمارس الفتوى، ولا يعرف الفكر الداعشي، وإن سيد قطب لم يتفقه، ولم يدرس العلوم الدينية على يد شيخ. وكأن السلفيين الهواة السارحين قد درسوا علوم الفقه في الأزهر. وبعد صولاته الاستعراضية التي تشتبك بأحداث سياسية ميدانية، نفى علاقته بالسياسة. يعقوب صاحب مصطلح “غزوة الصناديق”، في استفتاء على تعديلات دستورية رآها السلفيون والإخوان فرصة لتبريد ثورة الـ25 من يناير 2011 وتطويقها.

Jun 20, 2021
*

من الاعتزال إلى العزل.. محمد حسين يعقوب وأزمة السلفية المصرية


فبعد عقود طويلة اختار خلالها التيار السلفي الرئيسي العزوف اختياريا عن الانخراط في السياسة، سرعان ما اندفع هذا التيار إلى قلب الصراع السياسي المحتدم بعد الثورة دون مراجعات مسبقة، سواء على مستوى الفكر أو على مستوى الخطط والممارسة، وهو اندفاع يبدو أن الحركة السلفية تدفع ثمنه اليوم ليس فقط بخروجها فعليا من حلبة السياسة، ولكن أيضا العزلة، والانزواء إلى هامش المجتمع.

منذ ولادة النسخة السلفية الحديثة مطلع القرن العشرين، وفي سياق تلا سقوط الخلافة العثمانية ونشوء عدد من حركات الإحياء الإسلامي المختلفة؛ بات التيار السلفيّ بشكل عام مُنشغلا بصورة أساسية بالعمل الدعوي والتربوي الديني، ولم يكن للسياسة موضع مرموق في سُلَّم أولوياته، لا فكرا ولا فعلا.

 التأثير والتأثر بالدعوة الوهابية وامتداداتها في العالم العربي ضمن المشروع التوسعي السعودي من خلال التنافس على مرجعية الإسلام السني.

 فضاء التنافس السياسي وقتئذٍ كان ملتهبا ودخله الكثير من الاتجاهات الإسلامية والعلمانية. كان هناك فراغ 

نموذج الممارسة السياسية الحديثة (الانتخابات – البرلمانات – الدستور – الأحزاب السياسية) وفق المقولة الشهيرة للشيخ السلفي محمد ناصر الدين الألباني "من السياسة ترك السياسة"، وبقيت القطاعات الأوسع من السلفيين بشكل عام تتعاطى مع السياسة على مستويين:

الأول يضع إطارا مفاهيميا إسلاميا خاصا للمصطلح؛ وهو كل ما يتعلق بتدبير شؤون الناس السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وكثيرا ما تصدر الأدبيات السلفية أهداف السياسة في الإسلام بوظيفة "تحكيم الشريعة الإسلامية" والحفاظ على "الهوية الإسلامية" كونها أهدافا كبرى تسعى لها الحركات الإسلامية عامة، في ظل القوانين الوضعية، وفق ما يراه قطاع كبير من الاتجاهات الإسلامية.

الثاني هو المستوى الحديث للسياسة، وهو مستوى يُتنَاول باعتباره وافدا غربيا مستوردا وغريبا على البيئة الإسلامية ودخيلا عليها، وبالتالي يصبح ضمن الأفكار والممارسات التي يُتعَامل معها بتوجس وقلق من منطلق ديني كونها "آخر غربي".

ينطلق السلفيون إذن من "هوية إسلامية" ذات إطار مفاهيمي خاص، تضع معنى خاصا للسياسة في معجمها الديني، وتتعامل بمنطق فاصل إلى حدٍّ كبير مع المفاهيم الغربية الوافدة.

تُخبرنا التنظيرات السلفية بمضمون نظرتهم لفكرة وممارسة السياسة بنموذجها الغربي الحديث، حيث اتفقت أكثرها قبل ثورة يناير على عدم جواز المشاركة في الانتخابات بشتى صورها، لعدم جدواها، من وجهة نظرهم، في تحقيق تغيير سياسي واجتماعي نحو النموذج الإسلامي السلفي، وضرورة تقديم تنازلات "شرعية" عن ثوابت الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى اهتمامهم التاريخي بوظيفتهم الدعوية والتربوية بوصفها وظيفة أساسية لتحقيق التصور السياسي والاجتماعي للدولة المسلمة

فالفكر السلفي بشكل عام يولي اهتماما كبيرا لما يسميه "المنهج"، ويعني الطريقة المثلى التي يرونها لممارسة وتدبير شؤون الحياة والمجتمع، التي يجب أن تكون وفق الرؤية التي يرون أن "منهج النبي وأصحابه" وضعوها من خلال تفاعلهم مع النص القرآني والنبوي، وهو المنهج الذي يقتضي، وفق الرؤية السلفية، تجنُّب أي عمل أو فكرة خارج الإطار المفاهيمي المسموح به، خاصة فيما يتعلق بالمفاهيم والممارسات الغربية الحديثة.

هذا "المنهج" تَشكَّل بناء على نموذج تفسيري يتعامل مع تأويل النصوص الدينية باعتبارها تقتضي تحديد الطريقة الخاصة والتمايز الضروري بينهم وبين غيرهم ممن لم يلتزم هذا التأويل(1). ومع تطور هذا السياق التفسيري تاريخيا، نشأت حالة من التمييز المتزايد بناء على هذا "المنهج" مع الإحياء الوهابي لأدبيات "ابن القيم" و"ابن تيمية"، وتبنّي السياسة السعودية حتى عقد مضى نمطا توسُّعيا من خلال نشر الفكر السلفي إقليميا.

يظهر تأثير تصدير نمط التدين السعودي على بنية التصور السلفي تجاه الدولة والعمل السياسي عبر تسويق فكرة النموذج السعودي في الحكم كونه يجمع بين فصيل يدبر الأمر السياسي من دون ديمقراطية، وفصيل يدبر الشأن الديني بسلطات كبيرة تتضمن الحياة الاجتماعية للناس، حيث ساعد ذلك في تنميط مفهوم ما هو سياسي في الخيال السلفي، وجعل التناول التقليدي للسياسة في المفهوم السلفي محدودا بالتجربة السعودية دون غيرها من النماذج الأكثر تحديثا على مستوى نموذج الحكم.

"ياسر برهامي"، أحد أهم المنظرين للسلفية في مصر، تصريحين واضحين للموقف السلفي تجاه الديمقراطية حيث يقول: "والحقيقة فإن كلمات مثل العمل السياسي، والديمقراطية، والتعددية، كلمات براقة لا حقيقة لها، ولا نصيب لها من التطبيق حتى عند مَن يزعم اعتناقها والدفاع عنها"(2)، ويضيف برهامي أنهم "يرون أن تمارس السياسة بنوع مما أسماه "التحفظ" أو "الممانعة"، وذلك لتعرية الفساد وكشفه بدلا من تزيينه وإضفاء المشروعية عليه

النظر للديمقراطية ينتج عنه وصفها بالحُرمة، لأنها تجعل سيادة الشعب فوق سيادة الشريعة، وأن توسيع صلاحيات البرلمانات لسن تشريعات قد تخالف الشريعة الإسلامية، وهو أمر لا يمكن قبوله من المنظور العقائدي الإسلامي. مع ملاحظة أن بعض التيارات السلفية تقرر وجود خلاف معتبر في الموقف من الممارسة الديمقراطية، لكنها تقيدها بقيود معينة وليست على إطلاقها، وتعتمد في ذلك على فتاوى لرمزين سلفيين كبيرين هما الشيخ "عبد العزيز بن باز" و"محمد صالح العثيمين"، وهو الأمر الذي يُشير إلى مدى تأثير رمزية المرجعيات السلفية السعودية على السلفية المصرية.

السلفيون الحركيون في مصر

نظام الحكم يعتمد على القوانين الوضعية، وأن التحاكم لغير الشريعة الإسلامية يُعَدُّ حكمه العام كفرا، ويفصل بعضهم بشروط خاصة مدى إمكان تكفير الشخص ذاته أو إطلاق الحكم على فعل "الحكم بغير ما أنزل الله" بشكل عام دون تعيين.وهذه المسألة بالتحديد هي المركز الذي يبني عليه هؤلاء موقفهم من الاستبداد كونه صفة ثانوية لما يوصف لديهم بـ "الطاغوت"، وهو مصطلح ديني يُشير إلى المستبد الذي يحكم بغير الشريعة، وليس بالمعنى السياسي المعهود في العلوم الاجتماعية، وبالتالي فموقف أبرز رموز السلفية في مصر تجاه "الاستبداد" مرتكز إلى المعنى الشرعي لديهم لمفهوم "الطاغوت

 جذور الوعي السياسي السلفي وكيفية عمله وقراءته للواقع الذي يتفاعل معه، فقد تفاوت مستوى الاهتمام بالقضايا السياسية، نظريا، في الأدبيات السلفية المعاصرة، لكنها أيضا تبقى مستمدة بناها المرجعية والفكرية من التراث السني والمرجعيات السنية الكبرى كالإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن كثير، بالإضافة إلى عدد من المرجعيات المعاصرة كابن باز والألباني وابن عثيمين.

 مبدأ اعتبار المصالح والمفاسد الشرعية والمحافظة على ثوابت العقيدة الإسلامية، التي كانت ترى في أسس السياسة الحديثة الكثير من الأفكار والممارسات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، ولو على سبيل الضرورة، وبالتالي فالموقف من مشروعية الدولة الحديثة هو موقف رافض لبنية الدولة الحديثة بشكل كبير، وراغب في استعادة النموذج التاريخي المُتمثِّل في "الخلافة" وقيمها الإجرائية كالشورى وأهل الحل والعقد(5). لكن يمكن استثناء تيار ما يسمى "السلفية المدخلية" كونه يتعامل مع الواقع السياسي الراهن بمنطق مختلف، إذ إن ولادة هذا التيار فكريا كانت في السعودية، وارتكزت نشأته على التنظيرات المتراكمة منذ نشأة الدولة السعودية الثالثة المزاوجة بين حكم آل سعود وشرعية آل الشيخ محمد عبد الوهاب، التي أسّست لشرعية دينية لشكل هذا النظام، وانتقلت فيما بعد في التصدير السلفي السعودي إلى باقي السلفيات في المنطقة العربية.

تفاعل سريعا قطاع من السلفيين الحركيين والثوريين مع الثورة، كسلفية القاهرة(6) وبذور تيار حازم أبو إسماعيل الثوري والقطبيين، وكانوا موجودين في بواكير الانتفاضة المصرية، ونظّروا لها ولشرعيتها، ودفعوا حجج القائلين بغلبة مفاسدها أو إنها خروج على الحاكم، وبذلك يصبح باقي قطاعات السلفيين داخل ميدان التحرير ومن المشاركين في الثورة.

السلفية السائلة اسلام واحد واحزاب متعددة 

انتقلت السلفية المصرية إذن من زمن "الشيوخ" إلى زمن "الشيوخ السياسيين" تحت إكراهات الثورة في مصر، وفقدت أكثر التيارات السلفية، وباقي السلفيات بالتبعية، رصيدا كبيرا من رأس مالهم الرمزي المشيخي في نظر المجتمع الجديد بعد الثورة، كونهم انهمكوا في الفضاء السياسي.


  • أربعة أمور كانت هي الشاغل الرئيسي للتيارات السلفية بعد الثورة:

الأول: الحفاظ على الهوية الإسلامية لمصر كونها محددا مركزيا لصناعة القرار السياسي.

الثاني: الحفاظ على صيغة المادة الثانية في الدستور كونها هدفا رئيسيا لقبول الدستور، وكذلك رفض أي بنود أو وثائق فوق دستورية تهدد فاعلية هذه المادة فيما بعد.

الثالث: الوقوف أمام الأطماع العلمانية والقبطية وتحجيم دورهم في المرحلة الجديدة التي تمر بها مصر بعد الثورة.

الرابع: الوقوف أمام التمدد الإخواني سياسيا واجتماعيا، على اعتبار الإخوان مهددا وجوديا لمكتسبات السلفيين الدعوية والسياسية.

نطلق الموقف السلفي من الديمقراطية بعد الربيع العربي من محدد شرعي وهو "تقدير المصالح والمفاسد"، وهو معيار يعتمد على تقديرات الشيوخ لهذه المصالح والمفاسد وإمكان دفع التعارض بينهما، أو ترجيح غلبة أحدهما على الآخر

على المستوى المفاهيمي لم تُقدِّم السلفية تقدُّما معرفيا يُذكر، وغاية التقدمية التي أحدثتها السلفية هي القبول بآليات العملية الديمقراطية لا بفلسفتها، وإضافة البُعد الهوياتي لممارستهم كي لا يُتهموا بالتنازل عن ثابت "سيادة الشريعة الإسلامية".

بدا ذلك بوضوح خلال مشاركاتهم في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور عام ٢٠١٢، حيث أصرّ السلفيون على إضافة مادة مُفسِّرة للمادة الثانية التي تنص على مرجعية الشريعة الإسلامية، وتنص على: "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة"(11). كما طرأ تحوُّل للموقف السلفي من الأزهر، وأقر السلفيون المشاركون في صياغة الدستور بضرورة جعل الأزهر مرجعية إسلامية كبرى للمسلمين في مصر، ورغم الموقف العقائدي المتحفظ تجاه الأزهر، فإن السلفيين اعتبروا أن معركتهم مع العلمانيين في الفضاء السياسي المصري الجديد أكثر خطورة من خلافاتهم العقائدية مع الأزهر، وأُضيفت مادة تنص على: "يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية"(12).

مع أولى جلسات مجلس الشعب الجديد بعد الثورة، وحصول السلفيين على ما يقارب ٢٥٪ من إجمالي المقاعد، أضاف الأعضاء المحسوبون على التيارات السلفية المختلفة، وغالبهم من أعضاء حزب النور، خلال حلفهم اليمين عبارة "بما لا يخالف شرع الله" بوصفه تقليدا جديدا وضعوه لتجنُّب الحرج العقائدي الذي قد يقعون فيه في حال أقرت قوانين يرونها مخالفة للشريعة الإسلامية.

مصر كانت على أعتاب الانتقال لمرحلة التحول الديمقراطي في ذلك الوقت، فإن الممارسة السياسية بشكل عام كانت تتسم بالعشوائية والتنافسية غير السياسية، وانخرط السلفيون بمختلف تنوعاتهم في هذه العشوائية، وبقدر أكبر هو القصور المعرفي الواضح في العلوم الاجتماعية، وانعدام الخبرة السياسية تماما في مقابل جماعة الإخوان التي مارست نضالا سياسيا طويلا قبل الثورة.

نظرا لطبيعة الحركات السلفية غير التنظيمية؛ فقد استغرق السلفيون وقتا طويلا لاستيعاب التغيرات والتحولات التي اتخذوها أو اضطروا لها بعد الثورة، ولأن قوى الثورة المضادة لم تُمهل أي أحد وقتا أكبر لالتقاط الأنفاس، فقد وجد السلفيون أنفسهم أمام مأزق أخلاقي وسياسي مع عزل الرئيس مرسي، ثم وقف العمل بالدستور، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا في يونيو/حزيران ٢٠١٣، وبات السلفيون هنا أمام اختبار لمفاهيمهم العقائدية، إذ لم يُسعفهم مفهومهم لـ "الطاغوت" لمواجهة الموقف الجديد، كونه المفهوم المقابل لديهم للاستبداد، واضطروا لإيجاد معالجة جديدة لهذا المشهد، فهم مخيرون بين ضرورة إيجاد تبرير شرعي ديني لنظام يؤسس وجوده على مسار غير ديمقراطي وفق القواعد الديمقراطية الراسخة، وبين الوقوف مع فصيل إسلامي آخر بينهما اختلافات وتوترات.

الدولة السلفية جدلية الجيش والاخوان والدولة 

٢٠١٣ في التمايز الشديد والتعاطي مع مفهوم الدولة الوطنية بصورة أكثر تماهيا مع الحداثة، حيث انقسمت السلفية إلى ثلاثة معسكرات:

الأول: اتخذ موقفا تكتيكيا من تصعيد الإخوان والجيش أثناء وبعد أحداث رابعة العدوية وعزل الرئيس محمد مرسي، وهو تيار الدعوة السلفية وذراعه السياسي حزب النور 

اختار عدم الانجرار مع معركة الإخوان مع العسكر، واصطف بحذر مع القوى العلمانية والليبرالية التي عارضت حكم الإخوان، وتعامل مع منطق الدولة كونها كيانا ينبغي الحفاظ على استقراره وسيادته.

الثاني: اختار الاستمرار في المعركة مع جماعة الإخوان كونهم يُمثِّلون سيادة الدولة الجديدة في حكم مرسي، واندمجوا شعوريا في حالة "الدولة وسيادتها وشرعيتها" في الحالة الإخوانية، وحشدوا قواعدهم ورموزهم في اعتصامات رابعة العدوية والنهضة، كما اضطروا فيما بعد للخروج من مصر إلى المنفى التركي

يُمثِّل هذا التيار سلفية القاهرة والسلفية الثورية وبعض القطبيين.

الثالث: عاد للثكنات الدعوية التي سُمحت له، أو اختار الانكفاء التام لمَن لم يسمح له بذلك مع النظام الجديد، وأبرزهم رموز السلفية الجامية والعلمية الدعوية.

المفارقة الحقيقية هنا تكمن في تحوُّل السلفيين من مبيح أو مُقبل على الثورة والدولة الحديثة بمنطق المصلحة والمفسدة وضرورة الحفاظ على الهوية والشريعة إلى منطق الصراع الحاد على الدولة والدستور والثورة في وضعها الإخواني، أو في وضعها الجديد بعد ٣٠ يونيو/حزيران ٢٠١٣، ودخل للمعجم السلفي الكثير من المفردات الحداثية التي زاحمت المعجم الشرعي التقليدي، كالحفاظ على الدولة واستقرارها، والحفاظ على سيادة مصر، أو الشرعية بمعناها السياسي الحداثي في سياق الحديث عن شرعية مرسي، أو الانقلاب العسكري، وغيرها من المفردات والمفاهيم الأصيلة في المعجم الحداثي.

* Jun 20, 2021

شهادة محمد حسين يعقوب ومنهجية قراءة الوقائع المتشابكة

واقعة نموذجية؛ فمن جهة يختلط فيها الديني والسياسي والقضائي معًا، ومن جهة أخرى تلتبس فيها الانحيازات الشخصية (كما تبدو لدى محبي الشيخ أو مريديه) بالتحيزات الأيديولوجية (كما تبدو لدى خصوم الشيخ من إسلاميين وعلمانيين). ونظرًا لهذه التعقيدات يغدو السؤال حول منهج فهم وتحليل هذه الواقعة سؤالًا جديرًا بالنقاش.

 بعض الإعلام غير المصري توقف عند جزئية محددة في المشهد؛ كسؤال القاضي ليعقوب عن سبب صلاته المتكررة على النبي صلى الله عليه وسلم. والوقوف عند هذا السؤال تحديدًا يلبي -من الناحية الصحفية- المعايير (الغرابة والطرافة)، ويعكس -من الناحية السياسية- مستوى تعامل نظام السيسي مع أبجديات الإسلام.

النوع الأول: التفاصيل التي تتصل بحال يعقوب وهيئته: كحذائه الذي يعكس -حسب بعضهم- حالة الرفاهية التي يرفل بها مما يخل بصورة الزهد والتدين التي يدعو الناس إليها؛ خصوصًا أنه صنف نفسه بأنه متخصص في "العبّاد" (في مقابل العلماء)، وحالة الارتباك التي ظهر عليها، وهي تعكس -حسب بعضهم- حالة القهر والاستكانة

النوع الثاني: التفاصيل المتصلة بإجابات يعقوب التي أدلى بها أمام القاضي، كالحديث عن مؤهلاته العلمية التي لا تُظهر أي صلة بين عمله الدعوي وتأهيله النظامي (فهو خريج دبلوم معلمين)، 

 فليس غريبًا أن تُختزل شهادة يعقوب في كونه تكفيريًّا ضلل جيلًا كاملًا من الشباب، وأن يرد ذلك على لسان إبراهيم عيسى وأحمد موسى من إعلاميي السيسي، وعلى لسان معارضين للسيسي

 عملية الأدلجة من منظوره الخاص (سواءٌ في حالة الإعجاب أو الخصومة).

 قضية "أمن دولة"، وفي نظام السيسي الذي أصدر الحكم بالإعدام على 12 شخصًا قبل أيام من واقعة الشهادة، وكل جريمة هؤلاء المحكومين بالإعدام أنهم من المعارضين السياسيين، وممن انخرطوا في ثورة يناير وفي الاعتصامات المعارضة للانقلاب العسكري.

السؤال الخاص بحكم هدم المساجد والكنائس -مثلًا- لا يمكن فصله عن قرار نظام السيسي هدم المساجد التي قيل إنها تنطوي على مخالفات قانونية ولم تحصل على الترخيص المناسب (وكم في نظام السيسي نفسه من مخالفات!). وقد ظهر السيسي نفسه في بث تلفزيوني في أغسطس/آب 2019 متحدثًا عن ضرورة هدم مسجد في محور المحمودية في محافظة الإسكندرية، بحجة أنه يعوق حركة المرور في المحور، ويحول دون بناء كوبري (جسر) يراد له أن يخدم تلك المنطقة، وقال إن بقاء المسجد "غلط من منظور ديني"، ويخل بالمصلحة العامة، و"والله والله النبي محمد لا يرضى بكده".

السؤال الخاص بسبب صلاة يعقوب على النبي صلى الله عليه وسلم في كل أحاديثه، بدا غير مفهوم، ولكنه يحيل إلى مشكلة ظهرت في يونيو/حزيران 2014 حين أثار نظام السيسي مشكلة حول الملصقات التي حملت عبارة "هل صليت على النبي اليوم؟" التي انتشرت في شوارع القاهرة على السيارات والمحلات ومداخل العقارات. واتخذت وزارة الداخلية برئاسة اللواء محمد إبراهيم آنذاك إجراءات فورية لتعقب ناشري الملصق وإزالته تماما؛ بزعم أنه "يزكي الطائفية، ويكرس تصنيف المواطنين وفق عقائدهم". وقال وزير الداخلية لصحيفة المصري اليوم حينها "إن ملصقات الصلاة على النبي لا تتسق مع القيم والأخلاق، وتحمل تجاوزات".

نحن أمام مشهد يتحول فيه القضاء إلى صيغة محاكم التفتيش في الأفكار والمعتقدات، كما أن الرسالة التي أراد نظام السيسي إرسالها من الشهادة هي على النقيض من اعتبار يعقوب من حلفاء نظام السيسي؛ خصوصًا أن يعقوب كان في صف الاعتصامات المعارضة للانقلاب العسكري، وممن كان له موقف صريح ضد قتل المعتصمين والمذابح التي وقعت بعد الانقلاب

وقد نُقل عن يعقوب حينها أنه قال لأبناء التيار الإسلامي عامة إن عليهم "العودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، لأن الدعوة إلى الله أمر مكلف به كل مسلم، لكنه ضاع في غمار الجري وراء السياسة وأمور الحكم". ولكن نظام السيسي فهم حينها أن هذه الملصقات تعبر عن شكل من أشكال الاحتجاج السياسي من قبل أنصار الرئيس محمد مرسي بعد مرور عام على عزله. وإذا كان نظام السيسي يصنف أي تحرك معارض أو احتجاجي على أنه عمل إرهابي أو تطرف، فمن الطبيعي أن يؤكد السيسي نفسه في أكتوبر/تشرين الأول 2020 "أن مكانة سيد الخلق النبي العظيم في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم لا يمكن أن يمسها قول أو فعل، كما أؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة". في محاولة لنفي وجود أي مضمون ديني خلف ممارسات نظامه التي اشتملت على إزالة ملصقات الصلاة على النبي، وهدم المساجد، والمطالبة بتجديد الخطاب الديني بما يتلاءم مع توجهات النظام السياسي. الخشت نموذج 

فمثل هذه الأسئلة التي طرحها القاضي، هي أسئلة دينية ذات مضمون سياسي، ويعقوب يدرك ذلك تمامًا، ولذلك تهرب منها أو ورّى فيها؛ مخافة إغضاب نظام السيسي، ونجاةً بنفسه مما يُكاد له به.

طبيعة الأسئلة التي وجهها القاضي للشاهد يُضر بأساس العدالة ووظيفة القضاء، والسماح بهذا النوع من التفتيش يمكن أن يشمل أي شخص آخر وليس تيار الخصوم المفترضين أو حلفاء النظام المُدَّعَين.

ولا يمكن تجاهل أن السياسة الدينية لنظام السياسي تختلف عن السياسة الدينية لنظام مبارك، الذي تشكلت في عهده نجومية يعقوب ومحمد حسان والآخرين؛ فقد سعى نظام مبارك إلى الحفاظ على حالة من الحِراب الداخلي بين التيارات الدينية، بحيث يهدد بعضَها ببعض، وينشغل بعضُها ببعض، حتى يستتب له التحكم فيها وإبقاؤها تحت السيطرة.

أوضحت السياسة الدينية للسيسي في أكثر من مقال ومناسبة، وقد أوضح السيسي رؤيته الدينية في خطاب "تنصيب الرئاسة" الأولى حين أفرد فيه محورًا لما أسماه "تجديد الخطاب الديني"، وخاض أكثر من مرة سجالًا مع مؤسسة الأزهر بهذا الشأن، فنظام السيسي يرى أنه هو الذي يعرّف "صحيح الدين"، و"يصون منظومتنا القيمية والأخلاقية"، و"يحافظ على الصورة الحقيقية لديننا الإسلامي ويشكل عقول ووجدان المسلمين". وحين سأل صحفي ألماني السيسي عن موقفه من حقوق الإنسان في فبراير/شباط 2019، أجاب السيسي بصراحة وانفعال: أن الأولوية عندنا للحفاظ على البلاد والأمن، وطالب الأوروبيين بألا يفرضوا عليه إلغاء عقوبة الإعدام، قائلًا "لدينا إنسانيتنا وقيمنا، ولديكم إنسانيتكم وأخلاقياتكم". وفكرني بكلامه مع مكرون 

وفي ضوء هذه الرؤية العامة، أراد نظام السيسي وإعلامه وقضاؤه أن يصنع مشهدًا ينال به من السلفية في مصر (في شخص رمز من رموزها)، بعد أن قضى على الإخوان ومارس ضغوطًا كبيرة على الأزهر وشيخه لتغيير بعض القناعات الدينية، وصنع رموزه الدينية الخادمة له (أسامة الأزهري، وسعد الدين الهلالي، وخالد الجندي وآخرين)، فالسيسي ممن يرون وحدانية السلطة، سواءٌ كانت هذه السلطة سياسية أو دينية أو إعلامية أو غير ذلك

إذا عدنا إلى تفاصيل المشهد نجدها خادمة لهذه القراءة، بدءًا من السماح بالتصوير داخل المحكمة؛ رغم وجود قانون سابق بمنعه، وكلنا يذكر كيف كُتم صوت مرسي وحُبس في قفص زجاجي حتى يتم بث سردية واحدة فقط هي سردية النظام، مما يعني أن الكتم والإعلان شرط ضروري في تحديد المسموح به وغير المسموح به سياسيًّا، مرورًا بطبيعة الأسئلة التي تحيل -ضمنيًّا- إلى الموقف من أفعال السيسي ونظامه (كما سبق بخصوص ملصقات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهدم المساجد وغيرها)، وصولًا إلى النيل من رموز التيار السلفي عبر إجبارهم على شرعنة أفعال النظام ومجاراته في التبرؤ من فكر الإمام ابن تيمية الذي تم تصويره في إعلام السيسي على أنه مصدر العنف والتطرف، بالإضافة إلى فكر سيد قطب والإخوان وغيرهم.

وحينما نتحدث عن مشهد، فنحن نتحدث عن عناصر متكاملة: المكان، والزمان، وعالم الرموز، وأسئلة القاضي الممثّلة لخطاب السلطة وسرديتها، ووسائل بث الرسالة المتمثلة في تصوير الشهادة، ثم التغطية الإعلامية المكثفة لها في إعلام يُدار بتوجيه مباشر من أمن الدولة، ومحاولة إثبات ما فشل القاضي في انتزاعه من يعقوب (تهمة الإرهاب وتضليل الشباب)، وتداعيات المشهد كالتحرك ببلاغات ضد يعقوب لا صلة لها بالقضية المنظورة في المحكمة ولا بموضوع الشهادة، كتقديم بلاغ ضده لـ"مزاولته الخطابة والدعوة على المنابر وشاشات التلفزيون وغيرها من الوسائل"؛ رغم كونه حاصلاً على "دبلوم المعلمين"، وأنه قام بتقسيم المجتمع إلى فئات، أو كالزواج من 20 أو 30 فتاة عذراء!

من المهم عقد المقارنات أيضًا بين شهادة يعقوب -مثلًا- وشهادة الشيخين صلاح أبو إسماعيل ومحمد الغزالي في قضية مقتل فرج فودة مثلاً؛ خصوصًا أن القضيتين تتعلقان بعمل الجماعات الإسلامية المسلحة (الجماعة الإسلامية، وداعش)، وذلك لنقف على سمات زمنين سياسيين مختلفين، وعلى التداخلات بين الدياني والقضائي (الحكم بردة شخص والافتئات على السلطة في حالة فودة، والخروج على النظام السياسي وجهاده في حالة خلية إمبابة)، وصلة ذلك بالنظام السياسي الحاكم، وبحالة الفكر الديني ورجاله (صلابةً وضعفًا، عمقًا وسطحيةً).

الملفت أن الشهادة التي بُثت لم تنطو على أي سؤال مباشر بخصوص القضية المنظورة، التي أسندت فيها المحكمة إلى المتهمين تهمة "تولي قيادة جماعة إرهابية، الغرض منها الدعوة إلى الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر، وتعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والأمن القومي"، وهي تهم تصدق -أو كثير منها- في حق الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي نفسه، وقد اضطربت الصحافة المصرية بخصوص اعترافات المتهمين في خلية إمبابة، ففي بعضها يرد أنهم نفوا تهمة الانضمام إلى داعش (كما في تصريحات محامي المتهمين لموقع مصراوي)، وفي بعضها الآخر أنهم اعترفوا بالانضمام لداعش والترتيب للذهاب إلى ليبيا وسوريا (كما في بوابة الأهرام).

 أهمية منهجية قراءة الوقائع المتشابكة التي تحمل أكثر من وجه؛ بما يصون مبدأين: الأول معرفي يفي بتحليل المضمون، والثاني أخلاقي ينتصر للمبادئ ولو على أنفسنا، بحيث لا يجرمنا شنآن قوم على ألا نعدل؛ فالعدل أقرب للتقوى، والاستسلام للنوازع والميول الشخصية والأيديولوجية من شأنه أن يضر الجميع حينما يتعلق الأمر بمسائل الشأن العام ووظيفة القضاء وصيانة حرية التفكير مهما اختلفنا مع الأفكار، وأن الكلمة والقلم والحوار هي أسس تدبير أي خلاف فكري بعيدًا عن استبداد السلطة وأجهزتها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق