الجمعة، 3 يونيو 2022

تفاوت الدخول وسوء توزيع الثروة في مصر **********

2013 جريدة البورصة
Sep 6, 2019
Jun 7, 2021
Jun 30, 2021
Dec 21, 2021
«العدالة الاجتماعية».. كانت أحد مطالب ثورة 25 يناير.. فهل تحققت؟؟
لقد اهتم علم الاقتصاد طوال تاريخه بمحاولة تفسير مسألة توزيع الثروة أو الدخل بالشكل العادل بين مختلف فئات وطبقات المجتمع، وانشغل علماء الاقتصاد لفترة طويلة من الزمن بقضية توزيع حصيلة النشاط الاقتصادي ما بين الأجور والفائدة والأرباح وما ينتج عن ذلك من تباينات اجتماعية.
طوال التاريخ الاقتصادي تقريباً كان معظم الناس فقراء، في حين كان قليلون نسبياً منهم شديدي الثراء، ومن ثم كانت هناك حاجة ملحة إلي تفسير السبب في ذلك”.
ومن ثم كانت قضية تفاوت الدخول وسوء توزيع الثروة (أو الدخل القومي) مشكلة اقتصادية تاريخية، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في تزايد حدة هذا التفاوت بشكل واضح ومؤثر في المجتمع، واستمراره لفترة غير قليلة من الزمن، وتأثير هذا التفاوت في مدي نجاح أو فشل برامج وسياسات الدولة للتنمية الاقتصادية والرفاهة الاجتماعية ورفع مستوي معيشة المواطنين.
وجود تفاوت واضح في مستويات الدخول بين مختلف فئات المجتمع، كما يلاحظ أيضاً زيادة حدة ذلك التفاوت خلال السنوات القليلة الماضية. ولعلني اتعجب من هذا التناقض الغريب والواضح عندما أري الحملات الدعائية والتسويقية في وسائل الإعلام المختلفة عن التجمعات السكنية والمنتجعات السياحية الجديدة في مصر وبأسعار توصف أحياناً بالخيالية من فرط ارتفاعها، في ذات الوقت الذي يعيش ما يزيد علي نصف سكان مصر تحت خط الفقر.
صعوبة دراسة المشكلة..
ولا شك أن هناك صعوبة في دراسة وتحليل مشكلة تفاوت مستويات الدخول الشخصية في مصر بشكل علمي، فلا بد من توافر بيانات حديثة ودقيقة عن مستويات الدخل والثروة في مصر، خاصة أن قياس تلك المستويات يتطلب وضع حصر شامل لجميع أنواع الدخول التي يحصل عليها جميع فئات المجتمع وهو أمر صعب ومعقد للغاية.
حيث يجب حصر أجور ومرتبات العاملين بالدولة والقطاع العام والبنوك (الحكومية والخاصة)، وضباط القوات المسلحة والشرطة وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمعاهد والقضاة والدبلوماسيين.
فضلاً عن الدخول غير المعلومة التي يحصل عليها أصحاب المهن الحرة مثل المهندسين والأطباء والمحامين والصيادلة، ومصادر دخل أصحاب المشروعات الخاصة والمحال التجارية والمصانع والأراضي الزراعية. وأخيراً هناك عدد كبير جداً من أصحاب الدخول غير الرسمية مثل الخدم والسائقين والبائعين الجائلين وطبقة العمال والحرفيين ( سباكة – نجارة – نقاشة – حدادة وغيرهم).
كما أنه ستكون هناك مشكلة كبيرة فيما يتعلق بحصر مصادر الدخل من الاقتصاد الأسود (الأعمال المجرمة قانوناً) مثل الاتجار في المخدرات أو السلاح أو الدعارة والتي تمثل نسبة لا يستهان بها من إجمالي الدخل القومي للبلاد.
تاريخ المشكلة..
بدأت مشكلة تفاوت مستويات الدخل والثروة في مصر في الظهور بشكل واضح في مصر منذ فترة حكم محمد علي باشا الكبير في بداية القرن التاسع عشر ثم الفترات التالية، والتي كرّست لمفاهيم الإقطاع (السيادة) والعبودية في النظام الاقتصادي في مصر الذي كان قائماً بشكل رئيسي علي الزراعة في ذلك الوقت.
حيث كان الأسياد – الذين اكتسبوا أحقيتهم في الحصول علي الجانب الأكبر من الثروة عن طريق ملكية الأراضي وتوارثها – يحصلون علي النسبة الأكبر من الثروة الناتجة عن إيراد بيع المحاصيل الزراعية، في حين لا يحصل العاملون أو الأُجراء (الفلاحون) الذين قاموا بزراعة تلك الأراضي إلا علي الفتات وبما يكفيهم بالكاد لتوفير القوت الضروري لهم ولأسرهم، ودون مراعاة من جانب المُلّاك لاعتبارات المساواة والعدالة.
واستمر الحال كذلك حتي جاءت ثورة يوليو 1952 والتي أقرت عدداً من القرارات التي استهدفت إرساء أسس العدل والمساواة بين جميع طبقات الشعب، كان من أهمها قوانين الإصلاح الزراعي التي قضت علي ظاهرة الاقطاع في حينها وأنهت مرحلة احتكار الأراضي لملاكها عن طريق انتزاع ملكيتها من أصحابها وإعادة توزيعها علي الفلاحين.
إلا أن هذه التجربة لم يكتب لها النجاح ولم تستمر أكثر من عدة سنوات، حيث ظهرت في مصر خلال سبعينيات القرن الماضي طبقة جديدة من التجار ورجال الأعمال الذين أفرزتهم سنوات طوال من الفساد والمحسوبية وعدم المساءلة والرشاوي، لتغتصب الأراضي الزراعية من أيدي الفلاحين مرة أخري ويعود الإقطاع ولكن في ثوب جديد (خلال فترتي الثمانينيات والتسعينيات) ليشمل جميع أنواع الأراضي والممتلكات.
أهم الأسباب..
يمكن إيجاز أهم العوامل التي ساعدت علي تفاقم مشكلة تفاوت مستويات الدخل والثروة في مصر فيما يلي :
1- تأصيل مفاهيم “السيد” و“العبد” في المجتمع المصري منذ أكثر من قرنين من الزمان، وهو ما أدي إلي احتكار قلة للنسبة الأكبر من الدخل والثروة.
2- ظهور طبقة جديدة من رجال الأعمال خلال فترة السبعينات لم يكن لها أي مساهمة فعلية في عملية التنمية الاقتصادية في مصر، بل كرست جهودها في استغلال علاقاتهم ونفوذها في جني الثروات علي حساب النسبة الأكبر من أبناء الوطن، وهو ما خلق فجوة كبيرة ومتزايدة في مستويات الدخل في المجتمع المصري منذ تلك الفترة وحتي الآن.
3- شيوع ثقافة الاتكالية عند عدد كبير من طبقات الشعب المصري خلال العقود الثلاث الأخيرة، وهو ما كان انعكاساً لطغيان المادة بشكل واضح وزيادة مظاهر الترف والرفاهية، والميول الاستهلاكية غير المبررة، وسيطرة الثقافة الغربية وخاصة الأمريكية علي المجتمع المصري، وهو ما كان نتيجة مباشرة لتضخم ثروات بعض الدول العربية وخاصة الخليجية خلال فترة السبعينيات مع اكتشاف حقول البترول فيها.
4- نتج عن الوضع السابق حالة من ضياع الهدف القومي وتفكك روابط المجتمع وافتقاد القدوة، وهو ما كان تمهيداً لظهور عمالقة البيزنس وأصحاب الثراء السريع بالطرق غير المشروعة وسيطرتهم علي مصادر الدخل والثروة في مصر علي حساب تزايد أعداد الفقراء والمُعدمين.
5- تراجع الحريات السياسية في مصر وتراجع دور النقابات العمالية وهيئات المجتمع المدني في المطالبة بالحقوق المشروعة للعاملين منذ منتصف السبعينيات وحتي الآن.
6- عدم قيام الدولة بدورها في تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال التوزيع العادل للدخل والثروة القومية، وقيامها – بدلاً من ذلك – بفرض سياسات ساهمت بشكل مباشر في تكريس الظلم الاجتماعي وتزايد حدة الفقر، مثل فرض ضرائب بنسب متزايدة عاني منها بشكل كبير أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة، وعدم توفير نظام تعليم متطور يتواكب مع متطلبات سوق العمل، واتباع برنامج الخصخصة (في بداية التسعينيات) الذي لم يراع البعد الاجتماعي وتسبب في فقدان نسبة كبيرة من أبناء الشعب المصري لوظائفهم وأعمالهم ومصادر دخولهم نتيجة اتباع الشركات الأجنبية الخاصة التي دخلت السوق المصري لسياسات تخفيض العمالة.
إن مصر تعاني بالفعل من وجود تفاوت واضح في مستويات الدخول وسوء توزيع للثروة القومية، وقد زادت حدة تلك المشكلة في أعقاب ثورة 25 يناير وتأثيراتها السلبية علي النشاط الاقتصادي، وهو ما يستلزم من الحكومة اتخاذ إجراءات فاعلة من شأنها تقليل تلك الفجوة في الدخول، حتي تحصل النسبة الأكبر من أبناء الشعب المصري علي نصيبها العادل في ثروة المجتمع.
*

العدالة الاجتماعية ما بين التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادى

 مفاهيم مثل: التنمية الاقتصادية، النمو الاقتصادى، البنية التحتية، الدعم، التضخم... إلخ من المفاهيم الاقتصادية، ولكننا نادرًا ما نسمع عن مفهوم العدالة الاجتماعية

لماذا لم تؤد برامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر إلى تراجع معدلات الفقر؟

النمو الاقتصادى؛ يعنى - فى الغالب - حدوث زيادة فى متوسط الدخل الفردى الحقيقى مع مرور الزمن، الذى يعبر عن الدخل الكلى مقسومًا على عدد السكان، فزيادة الدخل الكلى لا تعنى بالضرورة زيادة فى النُّمو الاقتصادى؛ إذ إن علاقة التناسب القائمة بين الدخل الكلى والسكان يجب أن تؤخَذَ بعين الاعتبار، وذلك لتأثير نمو السكان على النُّمو الاقتصادى لدولة ما.

إذًا فمفهوم النُّمو الاقتصادى هو مفهوم كمّى بحت؛ يركز على التغيير فى الكم الذى يحصل عليه الفرد من السلع والخدمات فى المتوسط، دون أن يهتم بهيكل توزيع الدخل الحقيقى بين الأفراد، أو بنوعية السلع والخدمات المقدمة.

بينما تركز التنمية الاقتصادية على مخطط اقتصادى واجتماعى وثقافى
 ويقلل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين طبقات المجتمع، ويحافظ على استدامة الموارد الطبيعية كحق للأجيال القادمة.

وهكذا، يجمع مفهوم التنمية الاقتصادية بين الكمية والمعيارية؛ فبجانب إشباع الاحتياجات الضرورية والأساسية للفرد، يهتم بجودتها، وعدالة توزيعها، وتأثيرها الاجتماعى والثقافى والقيمى فى المدى المتوسط والبعيد على المجتمع، حيث ينعكس على زيادة احترام وتقدير الذات والتحرر من الظلم والقمع، وكذلك توسيع دائرة الاختيار الحر عن ذى قبل.

وكلما زادت نسبة التنمية الاقتصادية زادت نسبة مؤشر التنمية البشرية؛ لأنه مؤشر جيد دال على تحقيق معدلات التنمية الاقتصادية، فالأخيرة وسيلة جيدة لنقل الناس من مستوى معيشى متدنٍ إلى مستوى معيشى مناسب، وتحسين جودة حياتهم، وتحقيق قيمة العدالة الاجتماعية.



وهكذا، يتضح أن النمو الاقتصادى شرط هام، ولكنه غير كاف للتنمية الاقتصادية، فمعظم الدول النامية تحقق معدلات نمو اقتصادى، ولكن ليس معدلات تنمية، على العكس من الدول المتقدمة التى بالفعل حققت معدلات نمو وتنمية اقتصادية، ولذلك أصبحت متقدمة.



وتعد مصر مثالًا بارزًا على ذلك، فرغم أنها حققت معدل نمو اقتصادى بلغ ٦.٩% عام ٢٠٠٥/٢٠٠٦، ٧.١% عام ٢٠٠٦/٢٠٠٧ ثم تراجع إلى ١.٩% فى عام ٢٠١٠/٢٠١١، عانى هيكل الاقتصاد من خلل جوهرى؛ حيث اعتمد على مصادر الدخل الريعية من عائدات البترول والسياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين فى الخارج، ولم يعتمد على تنمية حقيقية فى القطاعات الإنتاجية، حتى عائدات النمو غابت عنها عدالة التوزيع، وذهبت جميعها لطبقة رجال الأعمال، وكبار البيروقراطيين فى الدولة، ولم يشعر المواطن المصرى بتحسن أوضاعه المعيشية بل ازدادت معدلات الفقر والبطالة وانتشرت العشوائية فى كل شىء، وأصبح السلم الاجتماعى فى خطر حقيقى، مع ازدياد الفجوة بين الطبقات، وتقلص وتهميش الطبقة الوسطى رمانة الميزان، واتسعت الهوة بين الريف والحضر، والوجه البحرى والقبلى، والمحافظات الحدودية وغيرها، وتراجع مستوى الخدمات الحكومية فى شتى المجالات لأدنى مستوى، وارتفعت معدلات البطالة، وغاب تكافؤ الفرص، وانتشر الفساد والمحسوبية، وانسدت قنوات المشاركة السياسية.


ومع قيام ثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣، اللتين علق عليهما المصريون آمالًا كبيرة ومشروعة لرفع مستوى معيشتهم، مستلهمين إنجازات ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، التى حقق الاقتصاد المصرى خلالها - فى سنوات قليلة- معدلات نمو عالية وتنمية اقتصادية حقيقية، كان فى القلب منها قيمة العدالة الاجتماعية؛ مما غير وجه الحياة على أرض مصر على نحو جذرى، وقدمت لشعبها العديد من الإنجازات الضخمة، كما أحدثت تحولا عميقا فى تاريخ مصر المعاصر مهّد الطريق لنهضة حقيقية، بل وامتد تأثيرها للشعوب الأخرى.

ورغم مرور أكثر من ست سنوات، وبرغم حجم الجهد المبذول على مستوى الإصلاح الاقتصادى، لم يشعر المصريون- الطبقة المتوسطة والفقيرة- بالتحسن المأمول، ولم تتحقق من خلالها قيمة العدالة الاجتماعية؛ حيث ارتفعت معدلات الفقر بنسبة ٤.٧%، لتصل إلى ٣٢.٥% من عدد السكان، بنهاية العام المالى ٢٠١٧/ ٢٠١٨، مقابل ٢٧.٨ % لعام ٢٠١٥/ ٢٠١٦، وتصدر صعيد مصر قائمة المحافظات الأكثر فقرًا فى الجمهورية، وفق ما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر مؤخرًا.

وفى رأيى أن السبب فى ذلك يعود إلى أن الرؤية الاقتصادية- وبفعل عوامل مقدرة تماما- كانت تحكمها عقلية الخروج من الأزمة الاقتصادية فى أسرع وقت؛ لذا اهتمت الدولة بالقطاعات التى تقود النمو، وهى قطاعات النفط والغاز والبنوك والاتصالات، بالإضافة إلى بعض القطاعات الأخرى مثل التشييد والبناء والسياحة، وهى قطاعات تولد وظائف، ولكنها أقل جودة وتتطلب مهارات أقل وتقدم أجورا منخفضة، وتقتصر على شرائح عمالية بعينها، ولا تؤثر كثيرا على تغيير هيكل الاقتصاد المصرى الذى يعانى خللا جوهريا على المستوى النوعى والكمى.

والمتابع لتصريحات وتحرك القيادة السياسية والحكومة مؤخرا يمكنه أن يرصد مؤشرات: دخول الدولة فى مجال الاستثمار الصناعى، والزراعى بقوة، وتعظيم موارد الدولة، وإنجاز هام لمشروع البنية التحتية الرقمية، والمواجهة الفعالة والجادة للفساد، والإرادة الحقيقية لتطوير الجهاز الإدارى للدولة، دعم قدرات الصف الثانى من القيادات فى مختلف القطاعات والمجالات.

ويتبقى الأهم، وهو أن يشعر المواطن المصرى، بعد عقود من الصبر والحرمان، وتردى مستوى المعيشة، بنتائج هذه التنمية، من خلال عدالة توزيع العوائد، ومواجهة كافة صور الفساد التى تمنع وصول هذه العوائد إلى مستحقيها، والارتقاء بمستوى الخدمات التى تقدمها الدولة للمواطن، وحماية هذا المواطن من آليات السوق المتوحشة، وهو ما يحدث فى أعتى رأسماليات العالم.
لابد أن تجذب الدولة المواطن إلى صفها، وأن يقتنع بأن ما يتم إنجازه سوف يعود بالنفع عليه، ويؤمن مستقبل أبنائه، فلا تنمية ولا نمو دون دعم شعبى.

*

التفاوت الاقتصادي.. صانع الاحتجاج

15 نوفمبر 2019

 هناك انقسامات حادة بين الأغنياء والفقراء تغذّي حالياً موجةً عالميةً من الاحتجاجات، لكن تلك الانقسامات ليست سوى أحد التظلمات التي تدفع الناس في أماكن مختلفة من العالم للخروج إلى الشوارع من أجل الاحتجاج، وفق خبير بارز في التفاوت الاقتصادي.

والواقع أن هوة الثروة الآخذة في الاتساع في أميركا اللاتينية، تساعد على فهم الاحتجاجات التي اندلعت في الشيلي الشهر الماضي، كما يقول برانكو ميلانوفيتش، عالم الاقتصاد في البنك الدولي سابقاً الذي اشتهر بـ«رسم الفيل» الذي سمي كذلك نسبة إلى شكل المنحنى، حول المستفيدين والمتضررين من العولمة. أما في الشرق الأوسط، المنطقة الأخرى التي تعاني اضطرابات واسعة، وبالكاد شهدت بعض بلدانها أي نمو اقتصادي، فيرى ميلانوفيتش صورة مختلفة تنصب فيها مشاعر الغضب على بعض الحكومات والأنظمة السياسية التي تحمي النخب الحزبية من أي نوع من التغيير.

وقد أرغمت الاحتجاجات في الجزائر رئيسها على التنحي، كما أرغمت رئيس الوزراء في لبنان على تقديم استقالته، وقبل ذلك أطاحت النظام في السودان، وتدفع حكومة العراق الحالية إلى حافة الانهيار. ويقول ميلانوفيتش، مؤلف كتاب «الرأسمالية وحدها»، الصادر مؤخراً، والأستاذ بجامعة سيتي في نيويورك: «لا أعتقد أننا نستطيع تقديم حكاية واحدة موحدة حول التفاوت لشرح كل الحالات. فهناك أيضاً إحساس بالإقصاء من عملية صنع السياسات، ونوع من الإنهاك تشعر به قطاعات غير قليلة من الشارع في هذه الدول». ثم يضيف: «إن الناس يشعرون بألا أحد يكترث لحالهم، فممثلوهم السياسيون، إما منشغلون بإغناء أنفسهم أو منغمسون في العولمة بشكل مبالغ فيه».

الاضطرابات في بعض بلدان أميركا اللاتينية، مثل الشيلي والإكوادور، استهدفت حكومات صديقة للأسواق بسبب إجراءات اتخذتها ترفع تكلفة المعيشة بالنسبة للأشخاص الذين هم الأقل قدرة على تحمل تكاليفها. فالأرجنتينيون طردوا للتو رئيساً كان يفرض عليهم التقشف، وصوّتوا لمصلحة شعبوي يساري وعد باقتصاد أكثر مساواة.

والواقع أن فجوات الثروة بين البلدان تُعتبر أكثر حدة في الشرق الأوسط الذي يضم بعضاً من أغنى اقتصادات العالم، إلى جانب اقتصادات فقيرة جداً.. ولهذا السبب، فإنه يتبوأ مراتب متقدمة في ترتيب التفاوت وانعدام المساواة في الدراسات التي تهتم بالمنطقة بشكل عام. لكن داخل كل بلد من بلدان الشرق الأوسط، يعد التفاوت أكثر انخفاضاً عموماً مما هو عليه الحال في أميركا اللاتينية، وذلك لأن بلدان المنطقة توزع كثيراً من عائداتها ومداخيلها على السكان.

وعلى سبيل المثال، فالجزائر من بين أكثر البلدان مساواة اجتماعية، وفق أحدث أرقام ينشرها البنك الدولي. ومع ذلك، فإن الجزائريين يحتجون منذ أشهر، بدايةً ضد رئيس حكم البلاد لسنوات طوال، وانتهى به الأمر متنحياً عن الحكم، وبعد ذلك احتجاجاً على النظام السياسي الذي تهيمن عليه مجموعات المؤسسة الرسمية الحالية.

الأميركيون اللاتينيون يستطيعون التصويت لتغيير السياسات، وقد قاموا بذلك في مرات عديدة مؤخراً، فيما تتأرجح السلطة بين اليسار واليمين. أما في الشرق الأوسط، فإن بعض الحكومات تثير استياءً عاماً جراء تقديمها الديمقراطية شكلاً من دون جوهر، في كثير من الحالات، كما يقول ميلانوفيتش.
وثمة نوع آخر من أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، ويمثله لبنان والعراق، وهو نوع انبثق عن الحرب، إذ تم حل النزاعات بين المجموعات الطائفية أو الدينية أو الاثنية عبر منحها نصيباً من الحكم، أو على الأقل تم منحه لنخب داخل كل مجموعة، لكن هذه النخب متهَمة الآن من قبل المحتجين بإغناء نفسها وأتباعها. فالأنظمة من هذا القبيل تشجع على الفساد، لأنها مبنية على ائتلافات دائمة تقريباً، ائتلافات لا يمكن خلخلتها من دون المجازفة بالسقوط في حرب أهلية، وفق ميلانوفيتش الذي ولد في يوغسلافيا السابقة، ويقول إنه سبق له أن رأى ديناميات مماثلة في دول البلقان الهشة، ويشرح آلية الفساد في هذه البلدان بقوله: «إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن توجد بها هي تقنين النهب على أساس إثني أو ديني».

بن هولند*
*كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

*


الشرق الأوسط.. الأقل مساواة بتوزيع الثروات


*

Apr 21, 2021


الفساد في مصر


أزمة ثقة

أدت سيطرة فئات بعينها على الأراضي المتميزة إلى عشوائية التخطيط، وجرى وضع المصالح الخاصة فوق مصالح الشعب، ما زاد من تركز السكان داخل القاهرة والمدن الكبرى، بدلا من محاولة إعادة توزيع السكان من أجل إعمار الصحراء.

أعلن مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري عن تحويل عدد من موظفي المحليات إلى النيابة العامة، بعد أن تكشفت حيلهم وأصبحوا “حيتان” المخالفات، في إشارة إلى تضخم ثرواتهم عبر السماح لكبار المخالفين ببناء أبراج سكنية بدون ترخيص مقابل الحصول على رشاوى

تكشف أرقام وزارة التنمية المحلية أن مصر كانت تعوم على بحور من الفساد، وأن قدرات العوائد المبدئية للتصالح في جرائم التعدي على أراضي الدولة تبلغ نحو مليار دولار، منها 187.2 ألف فدان بالصحراء ونحو 5.7 مليون متر مربع لأراض صالحة للبناء، وهذا المبلغ يعد الفارق بين القيمة الحقيقية حاليا والقيمة وقت التعدي على الأراضي.

 محاولة للتصدي للفساد من المنبع طبقت وزارة التنمية المحلية نظاما لرقمنة المعاملات في المحليات والتي يطلق عليها أيضا البلديات، وهى تعج بالفساد، ومن خلالها تم فصل طالب الخدمة عن مقدمها وتدريب العاملين عليها للحد من معدلات الفساد داخل الوحدات المحلية.

قالت المنظمة إن هذه الأموال المنهوبة استعملت من قبل المسؤولين السابقين وعائلاتهم للصرف على السيارات الفارهة والبيوت الخارجية لتعزيز سلطتهم

يعد الفساد من التحديات الرئيسية التي تعرقل جهود التنمية الاقتصادية المستدامة ويسهم في تقويض قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، فضلا عن كونه طاردا لمناخ الاستثمار.

تأتي مصر في المركز 117 في مؤشر الشفافية الدولية ضمن قائمة تضم 180 دولة، فيما تقدر المنظمة نسبة الشفافية فيها بنحو 32 في المئة.

الثرة العقارية 
رشاد عبده: الفساد عمق الظلم الاجتماعي مقابل رفاهية فئات قريبة من السلطة

تسهم تلك الخطوة في كشف ومحاربة مليارديرات الظل الذين يعملون في الخفاء لصالح رموز الفساد دون أية رقابة ويسهمون في تفشي الرشاوى في البلديات.

 “الفساد في العقود الماضية تسبب في ظلم اجتماعي لشرائح كبيرة من الشعب مقابل رفاهية للفئات القريبة من السلطة، وفيما تكشفت قمة جبل الفساد لكنه يظل موجودا ويحتاج إلى مواجهة وتتبع مستمر لكافة سلاسله المنتشرة من أجل رد الحقوق للشعب الذي نهبت ثرواته”.

ويصعب أن تحقق مصر تنمية تضمن عدالة اجتماعية واقتصادية لمواطنيها إلا من خلال مواجهة حقيقية تستهدف اجتثاث الفساد من جذوره، ما يضمن توزيع عادل للثروة والدخل، وتوفير خدمات للفئات المهمشة في الريف والمناطق النائية لتخفيف معاناتهم.

* Apr 21, 2021

اتساع الهوة بين فقراء مصر وأغنيائها


التفاوت الرهيب في الأجور، بين أهل القمة وأهل القاع.. كذلك احتفت الصحف على نحو خاص بمرور 7 أعوام على رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي البلاد

صكوكا وليست قروضا وليست سندات أو أذون خزان، وتقوم على حق الانتفاع أو القيمة الإيجارية لأموال الدولة المملوكة لها ملكية خاصة، وليس ملكية عامة، مشيرا إلى أن هذا الكلام في غاية الدقة، حتى لا يحدث غلط. 

*Dec 21, 2021

تعاني تشيلي، التي كانت ذات يوم أكثر الاقتصادات استقرارا في أمريكا اللاتينية، واحدة من أكبر فجوات الدخل في العالم، إذ يمتلك 1٪ من السكان 25٪ من ثروة البلاد، وفقًا للأمم المتحدة.

تعهد بوريك بمعالجة هذا التفاوت من خلال توسيع الحقوق الاجتماعية وإصلاح نظامي المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية في تشيلي، فضلاً عن تقليص ساعات العمل الأسبوعية من 45 إلى 40 ساعة، وتعزيز الاستثمار في المجالات غير المضرة بالبيئة.

نعلم أنه مازال هناك عدالة للأثرياء، وعدالة للفقراء، ولن نسمح بعد الآن بأن يستمر الفقراء في دفع ثمن عدم المساواة

 إحصاءات الاقتصاد الكلي المثيرة للإعجاب عن النمو والتضخم في تشيلي، رأى التشيليون اقتصادا يخدم الأثرياء وذوي العلاقات الجيدة ولكنه ترك الكثير من المواطنين وراءهم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق