الحزب الدستوري الحر، وما يسمّى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين،
الإسلام السياسي بأذرعه المتعددة يخترق الدول والمجتمعات، ويؤسس لمشروعه العقائدي من خلال تجنيد كل إمكانياته، في انتظار اللحظة التي يراها مناسبة للانقلاب على جميع الأطر التي سمحت له بالحركة والنشاط، حيث لا هو يؤمن بالدولة الوطنية ولا هو يعتقد في مبادئ الديمقراطية ولا هو يعترف بالدولة المدنية إلا وفق مرجعياته التاريخية.
يمارس الاتحاد حيلا ساذجة، ولكنها تبدو ناجعة بالنسبة إلى منتسبيه ممن تحرّكهم العاطفة الدينية وأوهام العودة إلى زمن الخلافة المزعومة، وتجد من ينفذها ويسهر عليها،
رئيسه المغربي أحمد الريسوني، خليفة يوسف القرضاوي في المنصب الإداري
مع قره
يقول الريسوني عن عبير موسي إنها امرأة تونسية أو من أصل تونسي، في محاولة للإيحاء بأنها قد تكون مواطنة أجنبية لكن جذورها فقط تونسية، وله في ذلك أهداف لا تخفى عمّن يتابع خطاب الإخوان التخويني والتشكيكي في الانتماء الحقيقي لمن يخالفهم مشروعهم أو لا يعترف بمحورهم المرتبط أساسا بقطر وتركيا وبالجماعة ككيان بديل عن مفهوم الدولة. ويضيف أن تلك المرأة “تسمّى عبير موسي، ويقال إن اسمها الحقيقي عُزير موشي” في إحالة واضحة إلى عادة إخوانية راسخة منذ خمسينات القرن الماضي على الأقل، وهي إلصاق الانتماء إلى الديانة اليهودية بكل سياسي يرفض مشروعهم أو يناقض خياراتهم، لإقناع السذّج بأنه يدور في فلك الصهيونية، وأنه إنما يحارب الجماعة لأنها تتزعم المواجهة ضد إسرائيل، في تكريس واضح لخطاب الكراهية والحقد الأعمى والتمييز الديني والعنصري، وقد فعلوا ذلك مع جمال عبدالناصر والزعيم الحبيب بورقيبة وحافظ الأسد وصدام حسين ومعمر القذافي وياسر عرفات والحسن الثاني والأسرة الحاكمة في السعودية وعبدالفتاح السيسي، وها هو الريسوني رأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومن يزعم أنه زعيم زعماء المرجعيات الروحية الإسلامية المسيّسة، يلحق بهم عبير موسي رغم أنها ليست رئيسة دولة.
ولكن نفس الأساليب تتكرر، ونفس الدعايات تُعتمد في محاولة لتبرير الصراع مع الخصوم، ونفس النهج الفاضح يستعمله الإخوان في التحريض ضد المختلف والآخر.
لا يقف الريسوني عند ذلك بل يحمّل موسي مسؤولية فشل البرلمان في تناول أي قضية وإصدار أي قوانين
حرب معلنة ضد الهويات الأصلية للشعوب، بترسيخ ثقافة الجماعة فوق ثقافة المجتمع، ولو بالاعتماد على الكذب والخداع والمؤامرات الخفية والاعتداء على القيم الإسلامية الحقيقية في أبعادها الحضارية العظيمة قبل أن يخضعها الإخوان للمشاريع السياسية المشبوهة التي تستهدف السيطرة على مقدرات الدول والعبث بمصالح الشعوب وتطويعها لدكتاتورية رجال الدين المهووسين بالسلطة والمال وأجنحة الحريم.
*
اتحاد القرضاوي تحميه النهضة
ليس المقصود بالعنوان هنا يوسف القرضاوي، المواطن القطري من أصول مصرية بشخصه وهو الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
لكن بسبب كون الرجل هو مؤسس ذلك الاتحاد وقضى زمنا طويلا في رئاسته وكان بمثابة مشروعه السياسي
القرضاوي وإن تردّد اسمه كثيرا فإنه بشخصه لم يعد يُخيف أحدا. فالرجل الذي حرّض على الفوضى في مصر وسوريا وليبيا وكان سببا في تجميع وتمويل الجماعات الدينية المسلحة لم يعد بشخصه قادرا على النزال. غير أن وجوده الرمزي لا يزال يشكل مصدر قلق. ليس بسبب أهمية أفكاره وقوة تأثيرها بل بسبب الأموال التي تملكها فروع اتحاده. وهي أموال لا تنفد. وفي بلد مثل تونس أصابه حكم حركة النهضة الإسلامية عبر عشر سنوات بالإفلاس، فإن جمعية تملك أموالا تجذب إليها فئات العاطلين عن العمل من الشباب بسرعة قياسية. وفي ظل حالة التشنّج التي انتهت إليها تونس، فإن تحول أولئك الشباب إلى إرهابيين سيكون يسيرا ما دام المال سائلا.
كان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منذ تأسيسه مجرد واجهة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
لا يخشى التونسيون الإرهاب وحده. هناك الحرب الأهلية التي يتسلى سياسيو الإسلام في تصفح أوراقها في كل بلد تطأه أقدامهم. ولأن تونس دولة مدنية، دافعت عن مدينتها عبر العشر سنوات الماضية بشراسة، فإنها مهددة بحراس الدين وهو مصطلح يمكن أن يخترعه اتحاد القرضاوي ويخترع سواه ليكون معبّرا عن جبهة الدولة الدينية.
يؤكد الحزب الدستوري الحر أن الحرب الأهلية ممكنة ما دامت هناك جمعيات تعمل علنا في ظل حماية دولة النهضة مثل اتحاد القرضاوي.
مجرد ذكر اسم القرضاوي لا بد أن يستثير مشاعر الغضب إزاء ما حدث في ليبيا وسوريا وما كان يمكن أن يقع في مصر.
لم يكن القرضاوي إنسانا عابرا، لذلك فإن ارتباط اسمه بالجمعية التي يتظاهر التونسيون من أجل إغلاقها، إنما يعيدنا إلى العبث الذي مارسه ذلك الشيخ في حق الشعوب باسم الإسلام.
القرضاوي هنا” تلك صيحة من أجل شبح. غير أن لعنة ذلك الشبح ستظل تطارد الجميع. فالخوف من الحرب الأهلية لا يعادله أي خوف.
*Mar 12, 2021
عبير موسي: الرئيس سعيد اليوم يتحكم في كل المجالات دون حسيب
عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس، هجوماً على الرئيس قيس سعيد، واصفة إياه بأنه “أصبح الحاكم بأمره”.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق