نقد واحد وُجِّه لفكرة حُكم الأغلبية، وهو نقد أتى من داخل السياق الغربي نفسه، إذ يُمكِن لحُكم الأغلبية أن يؤدي إلى قمع الأقليات، وتحفل الفلسفة الغربية منذ أفلاطون وأرسطو وحتى الفلاسفة الليبراليين لعصر النهضة والأنوار بانتقادات لمبدأ حُكم الأغلبية دفاعا عن الفرد باعتباره وحدة سياسية مستقلة عن الجماعة. ولذا تطورت الديمقراطيات الغربية في نسختها الأخيرة إلى مزيج بين الديمقراطية والليبرالية، وفرضت قيودا دستورية على حُكم الأغلبية تحمي الأقليات والأفراد وأصحاب التوجُّهات المخالفة وغير الشعبية.
رغم اعتراف النُّخَب الصينية بأن الديمقراطيات الليبرالية الغنية والراسخة تحمي حقوق المعارضين بشكل أفضل، فإن المشكلة الأولى من وجهة النظر الصينية هي أن أداء غالبية الناخبين ليس جيدا في اختيار قادة سياسيين لديهم القدرة على وضع سياسات حكيمة في مجالات اقتصادية وعلمية عديدة.
في العصر الرأسمالي الحالي لا يملك أغلب المواطنين الوقت الكافي للإحاطة بتفاصيل الواقع كافة.
يقضي مواطنوها مُعظم أوقاتهم في عمل شاق من أجل الحفاظ على مستوى معيشتهم.
المجتمع الصيني غير المُستوَعَب بالكامل داخل آليات وأخلاقيات السوق، وينعم مواطنوه بنظام رعاية وتضامن اجتماعي فعَّال وقوي؛ تقع فيه مسؤولية مشتركة على الحكومة والمواطنين لتأهيل الأغلبية كي يكونوا ناخبين ذوي جودة مرتفعة ومعرفة بالاقتصاد والعلوم، ومُدرَّبين على التفكير العقلاني العلمي.
لإجراء الانتخابي إجراء عادل في جوهره، لكنه لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج عادلة.
يتخلَّى السياسيون بعد انتخابهم عن وعودهم في العادة، مُدركين أن الناخبين انتخبوهم على أساس تحيُّزات غير علمية، ثم يتعامل السياسيون مع حقائق الواقع في الأخير بأساليب منهجية وعلمية بالاعتماد على الكفاءات البيروقراطية داخل الدولة. إذن، فالأغلبية بحدِّ ذاتها ليس لها أفضلية أخلاقية، بل الأهم وفق الرؤية الصينية جدارة النخبة السياسية الحاكمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق