May 14, 2022
المركزية و عدالة توزيع الثروة
الهروب من الفقر
لسوء توزيع الثروة والدخل فوائد في بعض الأحيان؛ إذ يدفعان من هو خارج هذه المجموعة الميسورة إلى العمل الجاد للانضمام إليها وبالتالي يسهم الجميع في نهضة المجتمعات. تكمن المشكلة أحياناً في أن بعضاً ممن نعموا بالدخل والثروة يحاول منع الآخرين من اللحاق بهم وهذا في غاية السوء والشر. فالهروب من الفقر لا يعني فقط تحسين الأوضاع المادية؛ بل يعني خاصة رفع المستويات الصحية في المجتمع والاثنان غير مترابطين دائماً.
أمارتيا سن الحائز أيضاً جائزة نوبل إن ضرب الفقر أو حصول التنمية هو من الحريات. فالمادة ليست كل شيء؛ بل هنالك أمور مثلها كالصحة التي ترفع نوعية الحياة ضمن المستوى المادي نفسه. فالإنسان الذي لا يتمتع بالصحة الجيدة أو يعاني أمراضاً جدية لا يمكن أن يشعر بكل تحديات الحياة اليومية.
أمور أخرى متنوعة تؤثر في نوعية الحياة منها التغير المناخي والفشل السياسي وانتشار الأوبئة والحروب. تؤثر في التطور المادي كما على مؤشرات الصحة والعمر المرتقب. لا شك أن العالم تقدم في الإنتاج المادي كما في الصحة وإن بشكل غير متوازٍ تبعاً للعصور والأوقات والأمكنة. لا تشير المؤشرات إلى علاقة مؤكدة بين البحبوحة المادية والصحة، لكن يمكن القول إن أصحاب الدخل المنخفض يدخنون عموماً أكثر ويموتون بعمر أقصر، لكنها طبعاً ليست القاعدة. نرى ميسورون يدمنون على الممنوعات المكلفة ويقصرون حياتهم بيدهم. فالهروب الأهم في تاريخ الإنسان هو الهروب سوية من الفقر والموت.
نمط الحياة الاستهلاكية سببت كورونا كما أحدثت التغير المناخي. هذا يعني أن مشاكل الصحة والبيئة هي نتيجة أعمالنا وحياتنا وطرق استهلاكنا وبالتالي الحلول الطويلة الأمد متوافرة. كما لم يواجه العالم التلوث المناخي أهمل مواجهة مظاهر كورونا، فكبرت الأمراض وانتشرت. من الممكن أن تغير كورونا طريقة العيش في الاستهلاك والإنتاج كما حصل بعد الإنفلونزا الإسبانية التي غيرت الأنظمة الصحية في الدول التي عانتها.
May 25, 2020
يعاني النظام الاقتصادي في الوقت الراهن من مشاكل عميقة ليس بسبب ضعف القدرة الإنتاجية أو ندرة في الموارد ولكن نتيجة للتوزيع غير العادل للثروات وتكدس الأموال في شريحة معينة من الناس. حيث إن الهدف الرئيسي للأنظمة الاقتصادية هو تحقيق رفاهية المجتمع من خلال توزيع الثروة بين أفراده. والتوزيع العادل لا يعني بالضرورة التساوي، لأن التوزيع المتساوي قد يؤدي إلى الظلم، وكان هذا أحد أسباب فشل النظام الاشتراكي بانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991م. والنظام الاقتصادي المعاصر يمكن اعتباره نظام هجين أو خليط من عدة نظريات وفلسفات تطورت عبر مر العصور من الميركانتيلية والرأسمالية والكنزية والاشتراكية وغيرها.
وبحسب النظريات الاقتصادية الكلاسيكية فإن المشكلة الأساسية تكمن في قلة ومحدودية الموارد من جهة وتعدد احتياجات الناس من جهة أخرى. ولكن الواقع أثبت أن هذا غير صحيح. فالموارد الموجودة في الأرض تكفي كل البشرية وإن المشكلة تكمن في توزيع هذه الموارد وليس في ندرتها. أضف إلى ذلك، أن التطور العلمي الحاصل بعد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر الميلادي والذي أدى إلى تطورهائل وحثيث في وسائل الإنتاج جعل القدرات الإنتاجية للشركات والمصانع أكبر بكثير من الإحتياجات الأساسية للإنسان من الغذاء والدواء.
والمال في علم الاقتصاد عبارة عن وسيلة لتحريك العجلة الاقتصادية من إنتاج واستهلاك، ولكن النظام الاقتصادي المعاصر -في تصوري- يعيقها من خلال أمرين اثنين، أولهما من خلال نظام الفوائد البنكية، والذي يجعل أصحاب الأموال يتجهوا نحو توليد المال بالمال في البنوك والبورصات بدلاً من الاستثمار والمشاركة في عملية الإنتاج وخلق الوظائف، وبالتالي نمو مالي افتراضي وهمي لا يقابله إنتاج حقيقي، مما يؤدي إلى تضخم وارتفاع حاد ومستمر في الأسعار. والأمر الآخر هو من خلال نظام الضرائب غير العادلة، والذي يتكون من ضرائب مباشرة مثل ضريبة الدخل التي تُخصم مباشرةً من رواتب المواطنين، أو ضرائب غير مباشرة كضريبة القيمة المضافة والتي تقوم الشركات بإضافتها إلى قيمة المنتجات وبالتالي يتحملها المستهلك النهائي أي أن الذي يدفعها هو المواطن أيضاً!
وفي أحدث احصائيات للبنك الدولي و منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة (FAO) هناك 10 بالمئة من سكان العالم تحت خط الفقر ويعانون من انعدام الأمن الغذائي أي تقريبا 770 مليون شخص. وبحسب تقرير الثروة العالمية الذي يصدر من المؤسسة المالية السويسرية (Credit Sisse) فإن إجمالي الثروة في العالم عام 2019م بلغت 360 ترليون دولار. وفي أحكام الدين الإسلامي لا توجد ضرائب، وإنما تؤخذ من الأموال المكدسة الفائضة بمقدار 2.5 بالمئة فقط في السنة لصالح الفقراء تسمى الزكاة وذلك عند بلوغها مقدار معين زائد عن الحاجة.
خلاصة ما سبق، فإن مشكلة الفقر المتزايد في ظل النظام الاقتصادي المعاصر تكمن في التوزيع غير العادل للثروة وفرض ضرائب تساهم في إفقار ذوي الدخل المحدود.
ضرورة مُلحة لتكتل إقليمي أو دولي حقيقي وفعال للدول الفقيرة على الأقل لمواجهة المشكلات الاقتصادية ومنها الفقر، ويوقف هيمنة الدول الغنية ويوصل صوتها إلى المجتمع الدولي بشكل لائق. وهذا قد يتحقق من خلال إرادة شعبية، وقرار سياسي مستمد من تلك الإرادة بتطبيق المعالجات الاقتصادية الملائمة المستوحاة من القيم الإسلامية التي تتسم بالمرونة والواقعية وتراعي المصلحة العامة.
*Jul 25, 2021
توزيع الأموال من دون عمل!
توزيع الأموال على المواطنين وهم في بيوتهم، أي يتم توزيع الثروة بشكل مباشر على المواطنين بدل استخدام سياسة التوظيف الحكومي كوسيلة لتوزيع الثروة، وبالتالي سنخلق شبكة أمان اجتماعي، وسنتخلص من مشكلة البطالة المقنعة التي كانت ومازالت أحد أهم أسباب تدني مخرجات التعليم وسعي المواطنين للحصول على شهادات علمية شكلياً من دون تحصيل علمي كالشهادات المضروبة والمزورة.
أثارت توصية البنك الدولي 2014 استياء الكثيرين، وخاصة المتدينين، بسبب انتقادهم لمبدأ الأجر من دون عمل. مع العلم أن مقترح البنك الدولي وغيره لم يسمِّ الأموال التي ستوزع شهرياً على المواطنين بالراتب، بل يمكن تسميتها بالإعانة أو المساعدة الاجتماعية الشهرية. واليوم وبعد مرور أكثر من سنة ونصف السنة على اكتشاف أول حالة مصابة بكورونا (كوفيد-19) في الكويت، تم وقف العمل بنظام البصمة لإثبات الحضور والانصراف وتخفيض نسبة عدد العاملين في أغلب الجهات الحكومية المدنية إلى %50 ثم إلى %30، وهو الأمر الذي يحقق توزيع راتب وليس مجرّد مساعدة أو إعانة للعديد من الموظفين الحكوميين وهم في بيوتهم لشهور طويلة (بعض الجهات الحكومية قللت أيام العمل للموظفين بهدف المحافظة على نسب أعداد العاملين).
الحاجة الملحة إلى السحب المنظم من احتياطي الأجيال لتلبية التزامات الدولة المتزايدة. وهو حل مرهونة صلاحيته بعدم نمو الإنفاق الحكومي وعدم انخفاض إيرادات النفط بشكل كبير جداً. بينما الحل الحقيقي لمشكلة التزام الدولة بالتوظيف الحكومي هو استبدال الالتزام بالتوظيف بالتزام الدولة بدفع مبالغ شهرية كمساعدة اجتماعية، تضمن معيشة مناسبة للمواطن لو عمل براتب محدود في القطاع الخاص، أو حتى لو لم يعمل وكان بانتظار الحصول على عمل، مما سيترتب عليه تقليل الإنفاق على بند الرواتب والأجور وارتفاع مستوى التحصيل العلمي رغبة في الحصول على وظيفة حقيقية، وليست وهمية كما هي الحال مع انتشار ظاهرة البطالة المقنعة.
ضياع الثروة
الالتزام بتوزيع الرواتب من دون إنتاجية ضيّع الثروة البشرية كما سيضيع الثروة المالية. ففي التحليل المالي يمكن حساب أي التزام مستمر على أنه فوائد دين، وبالتالي يمكننا حساب نسبة %70 من الرواتب الحكومية وما في حكمها، البالغة 12 مليار دينار تقريباً، وفق آخر حساب ختامي لسنة 2019 ــ 2020، على أنها فوائد دين. أي أن لدينا سنوياً 8.4 مليارات دينار فوائد ندفعها من دون جدوى. ولو افترضنا أن فوائد الدين هي %4 سنوياً لكان أصل الدين هو 210 مليارات دينار، أي ما يقارب حجم أصول احتياطي الأجيال بالكامل. على الرغم من عدم احتساب عامل آخر مهم جداً، وهو نمو المرتبات وما في حكمها سنوياً بمعدلات تفوق الـ%4، وهو الأمر الذي يوضح لنا وبكل بساطة عدم إمكانية الاستمرار في توزيع الرواتب الحكومية من دون عائد أو جدوى.
زيادة الثروة البشرية والمالية
بينما تضر سياسة استخدام الوظيفة الحكومية كوسيلة لتوزيع الثروة بالثروة المالية للبلد وبالثروة البشرية عن طريق تراجع مخرجات التعليم. يؤكد البنك الدولي أن سياسة توزيع الثروة بشكل مباشر عن طريق مساعدة شهرية للمواطنين في سن العمل لن تكون ضارة بمخرجات التعليم، كما أنها ستكون ذات جدوى اقتصادية أفضل وأعباء مالية أقل، وبالتالي ستساهم في زيادة الثروة البشرية والمالية للدولة.
هيئته الحكومية تعمل بمستوى كفاءة أعلى بكثير خلال جائحة كورونا بسبب تقليص العمالة غير الضرورية، وتقليل الأعباء الإدارية لموظفين ليس لديهم أي إنتاجية في العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق