الثلاثاء، 21 يونيو 2022

الغضب

 بدون الغضب تبقى بعض الشرائح الاجتماعية خاضعةً وبلا دَور

 الغضبُ مادّة من موادّ "العقد الاجتماعيّ"، إليه يَلجأ الأفراد لضمان التوازن، ضمن منطق التدافع الذي صوّرَه جان جاك روسو (1712 ــ 1778) وتوماس هوبس (1588 ــ 1679)، ومنه تطرّقَت إلى وصف الغضب لدى الطبقات الكادحة التي تناضل لتغيير واقعها من نير الاستغلال إلى التحرّر. وبأسلوب يقرب إلى أسلوب بول ريكور (1913 ــ 2005) وميشيل سير (1930 ــ 2019) معًا، تطرّقت الكاتبة إلى مفهوم العفو الذي يُعدُّ النقيض الفعليّ للغَضب، وقارنت بينهما مبيّنةً أنّ الصَّفحَ يمكن أن يُنير جوانِب معقّدة من الغضب.

 الغَضبَ قوّة ضروريّة تمكّنُ من الدّفاع عن الذات في مواجهة الاعتداءات الحميميّة والسياسيّة، وما ينجرّ عنها من انتهاكاتٍ. فَالغضب الذي يصعّده وينبِّله الفنّانون، وتلجأ إليه الأقلّيّات المُضطَهَدة هو ما يتيح استرجاعَ الحقوق وتطوير المجالات الحيويّة، وبدونه تظلّ بعض الجماعات خافتة الصوتِ، خاضعةً، لا مكان لها في عالم الصّراعات والتناحر. 

هذه العاطفة المنبوذة المُحرَّمة قوةً تَحريرٍ وانعتاقٍ، تواجه الظلمَ والاستعباد. بل لعلّ ما قيل في إدانة الغضب مجرّدُ غطاءٍ إيديولوجيّ ــ بالمعنى الماركسيّ ــ فَرَضَه السادة من إقطاعييّ الأمس وساسَة اليوم لإسكات الطبقات الكادِحة ومنعها من التعبير عن حقوقها المهضومة. وبذلك يخرج الغضب من التقييم السلبي والنظرة المعياريّة الازرائية، ويُقَدّمُ كقوّة تحرّر، باتت ضروريّةً في عصرنا.

وبناءً عليه، لا يمكن حَذف الغَضب من قاموس العواطف، ولا من آليات التفاعل الاجتماعيّ، لأنه يؤدّي فيه وظيفة أساسيّة: تحقيق التوازن النفسيّ والجمعيّ بين الفاعلين 

 الغَضبَ عاطفة وقتية لا تلبثُ أن تَهدأ، هدفها رَفع المظلمة وردُّ الحقوق، ولا تقترنُ بإرادة هدم الآخر والقضاء عليه. وهكذا، يبدو هذا الخطابُ جذريًّا للغاية، تكاد تبرّئُ فيه الغضب ممّا لحقه من الشّوائب، وتعيد تأهيله ضمن العواطف المحمودة والأخلاق المقبولة،



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق