«إن التدفق حالة عقلية مركزة للغاية للأنشطة التي يمارسها كل منا مثل: العمل، القراءة، وغيرها، التي تحقق السعادة لصاحبها»، مؤكداً أن المال يحقق سعادة مؤقتة، أما الحالة الذهنية الناتجة عن استمتاعنا بما نقوم به في حياتنا اليومية فهي وحدها مصدر الرضا والسعادة الأكبر في الحياة.
كتابه الأكثر شهرة «انطلق.. كيف نتدفق مع الحياة.. وننساب معها كالمياه»، قائلاً: «يستطيع الإنسان الاستمتاع بكل حركات، وسكنات، ولفتات جسده، لكننا كثيراً ما ننسى ملكات وقدرات أجسادنا فلا نستخدمها إلا في أضيق الحدود، جاعلين منها ثروة معطلة على تحقيق الانسيابية والتدفق والمتعة العقلية. فحين نترك حواسنا دون تطوير وتحريك فإنها تعطينا معلومات مشوشة. حينها تتجه العين غير الحساسة نحو المناظر المنفرة، وتنصت الأذن غير الموسيقية إلى الأصوات المزعجة، ويميل الفم غير الذواق نحو تناول الأطعمة غير الصحية وهكذا، عندما نترك وظائف الجسم دون استخدام، فإنها تضمر وتصبح حياتنا مملة وغير ممتعة».
؛ إذ يتمتع بعض البشر بقدرة على تفسير «النوتة» الموسيقية بشكل يجعلهم لا يحتاجون إلى سماع المقطوعة حين تعزف، لأنهم يفضلون قراءة السيمفونية على الاستماع إليها، فهناك ثمة نغمات تتراقص داخل عقولهم، وتشكل صوراً في مخيلاتهم تغنيهم عن الاستماع وهو ما يعده علم النفس «متعة عقلية من الدرجة الأولى».
المتعة العقلية، قائلاً: «يتحول كل نشاط جسدي رغم بساطته إلى أداء ممتع حين نوجهه نحو تحقيق اللذة العقلية، ومن
اكتساب الصحة وامتلاك المال والتمتع بالسلطة فإنه لا يطلب تلك الأشياء لذاتها؛ بل لأنه يرى فيها وسائل تحقق له السعادة».
«أثبتت دراسات علم النفس الإيجابي أن السعادة ليست حدثاً ننتظر وقوعه، أو هي نتيجة للحظ، أو لإحساس يتملكنا بمحض الصدفة، وليست سلعة تشترى بالمال، ولا تعتمد على عوامل خارجية، بل تنبع من نظرتنا لهذه العوامل وتفسيرنا لها وطرق التعامل معها. وعليه فإن السعادة هي إحساس ذاتي، وحالة فردية يستطيع الإنسان الاستعداد لها، وغرسها في أعماقه والاحتفاظ بها إذا ما أراد، ومن ثم فإن السعداء هم الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على التحكم في خبراتهم الشخصية بشكل يجعلهم يحددون مصائرهم ويديرون شؤونهم، موجهين مسار حياتهم نحو تحقيق السعادة».
الانسيابية واللذة العقلية يفاجئ الكتاب القارئ بأنه ليس هناك أي تعريف محدد لما هي المتعة العقلية، لكنه يقول: «نستطيع أن نطلق ذلك الوصف على شعور الفنان حين يتأمل اللوحة الملونة التي رسمها بفرشاته، بعدما انسجمت ألوانه وتناسق بعضها مع بعض لتبدع شكلاً لم يكن موجوداً سوى في خياله. كما يمكن وصف «المتعة العقلية» بأنها ما يشعر به الأب حين يبتسم له طفله للمرة الأولى، لكن اللذة العقلية ليست دائماً وليدة الروح والريحان، بل قد تنساب من عذابات وآلام قاسية، لكن ينجح أصحابها في تحويلها إلى تجارب فريدة».
يفكر البشر في جعل حياتهم أفضل، ينصبّ غالباً تفكيرهم على أن السعادة تعني الرفاهية والطعام الجيد وكل ما يمكن أن يشترى بالمال. بينما ينزع آخرون إلى التفكير في أن السعادة تعني السفر للأماكن البعيدة والغريبة، ولقاء أشخاص رائعين، وشراء سلع باهظة الثمن، لكن المتعة التي تمثل جزءاً مهماً من رغد العيش، لا تجلب السعادة وحدها، فالطعام والكماليات والراحة ليست سوى «دواء مخدر»، يعيد الجسم إلى حالة الارتياح التي يحتاجها بعد تعرضه لبعض الارتباك النفسي، لكنها لا تسهم في النمو النفسي.
استمتاع بالحياة أهمها:
الاضطلاع بمهام نستطيع إتمامها على أكمل وجه.
* التركيز فيما نفعل.
* يتحقق التركيز حين تكون المهمة هادفة.
* يثمر التركيز حين تلحق بالمهمة تغذية راجعة إيجابية.
* أداء المهام بانسجام ودون شعور بالضجر، مع نسيان الإحباطات والمشكلات اليومية.
* الخبرة الإيجابية الممتعة التي تجعل الإنسان يشعر بالسيطرة على مجريات أمور حياته.
* زوال الشعور بالانطواء والتمركز حول الذات.
ويقول الكتاب: «إن تلك العوامل كافية لتحقيق شعور غامر بالاستمتاع بالحياة، شعور أكبر من أي مكافأة، إنه الشعور الذي لا يقدر بثمن، والانطلاق من الذات والانسياب في عالم تغمره الطاقة الإيجابية».
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق