لا تترك الحكومة المصرية مناسبة إلا وتؤكد فيها النجاح الساحق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي وتحسن مؤشرات الاقتصاد منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، وتستشهد بتقارير وإشادات صادرة عن مؤسسات مالية عالمية وإقليمية، خاصة تلك التي منحت مصر قروضاً ضخمة، بمن فيها صندوق النقد والبنك الدوليان، أكبر مقرضَين لمصر، وكذلك مؤسسة التمويل الدولية ووكالات التصنيف الائتماني وآخرها "فيتش"، وقبلها "بلومبيرغ" الأميركية و"دويتشه بنك" الألماني وغيرهما.
لا ينكر أحد تماسك الاقتصاد في عام 2020 مقابل تعثر دول عربية أخرى، ومنها لبنان الذي أوقف سداد ديونه الخارجية، فيما تتعثر دول أخرى في صرف رواتب موظفيها، ومنها العراق.
لا أحد ينكر تجنب الاقتصاد الدخول في مرحلة كساد حادة أصابت دولاً كبرى مع تفشي الوباء وإغلاق اقتصاداتها.
هذا التماسك جاء من عاملين؛ الأول هو من الاقتراض الخارجي الذي توسعت فيه الحكومة بدرجة ملحوظة عقب انتشار كورونا، وما عكسه الوباء من ارتدادات خطرة على احتياطي النقد الأجنبي وميزان المدفوعات وقطاعات مُدرّة للنقد الأجنبي. فقد استدانت الحكومة نحو 17 مليار دولار خلال أشهر قليلة.
أما العامل الثاني فهو أن التحسن جاء على حساب جيب المواطن "المخروم" أصلاً، واستمرار الحكومة في تطبيق برنامج تقشفي حاد مع عودة الاقتراض من صندوق النقد، وما تبعها من فرض مزيد من الضرائب والرسوم وتقليص الدعم والإعانات، وزيادة تكاليف النقل العام والمرافق والخدمات ومنها الكهرباء والمياه، وبالتالي كان لتماسك المؤشرات فاتورة اجتماعية ضخمة أسفرت عن وقوع ثلث المصريين تحت خط الفقر، وزيادة معدل البطالة إلى نحو 10%، وزيادة معدلات الفقر المدقع.
ببساطة، نعم تماسكت الأرقام لكن على حساب المواطن الذي يواجه أعباء معيشية شديدة القسوة، ويشاهد يومياً هدر المال العام بحجة المشروعات الضخمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق