السبت، 19 ديسمبر 2020

الفقر

 قدر محتوم لفئة من الناس، بل هو نتيجة طبيعية لخطأ هيكلي في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية

مفهومها الشامل المرتكزة على عدالة توزيع الدخل ومنع استغلال الأقوياء للضعفاء. فالاعتماد على النمو الاقتصادي فقط

 انحسار الطبقة الوسطى واضمحلالها ، إضافة إلى تفشي غلاء في الأسعار وارتفاع في نسب التضخم، وتقلص القوة الشرائية لدى المجتمع ولاسيما أصحاب الدخول المحدودة، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد حالات الفقر، وتدني مستوى المعيشة، وبالتالي ظهور التوترات الاجتماعية والاقتصادية، وبروز مظاهر العنف والعنف المضاد .وصولًا إلى ارتفاع مستويات الجريمة

عالم الاجتماع «جيمس كولمان» اسم « رأس المال الاجتماعي « أي مكونات رأس المال البشري التي تسمح لأعضاء مجتمع ما بالتعامل على أساس الثقة المتبادلة والتعاون على تكوين جماعات وجمعيات جديدة

يقول «فرانسيس فوكوياما» (ويربط كل هذه المجتمعات خيط رئيس هو ميلها إلى الانحراف، فهياكلها القوية تميل إلى أن تصبح منظمات إجرامية. ويبدو الأمر وكأن هناك نزوعًا فطريًا وبشرياً عاماً نحو التواصل الاجتماعي الذي يتخذ شكل العصابات الإجرامية إن منع من التعبير عن نفسه من خلال الهياكل الاجتماعية مثل الأسرة أو المؤسسات الطوعية. ومن هنا ظهرت عصابات المافيا ـ كشكل أساسي للتنظيم الاجتماعي ـ التي ينقصها رأس المال الاجتماعي كتلك التي ظهرت في جنوب إيطاليا، وفي الأحياء القديمة في المدن الأمريكية، وفي روسيا وفي العديد من المدن الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية

الدول النامية - التي أخذت بمناهج النظام «النيوليبرالي» وانبهرت بوهجه الظاهري – تكون صياغة الأنظمة والإجراءات الاقتصادية – في غالب الأحوال - في صالح طبقة التجار والأغنياء لسبب بسيط وهو أن الذين صاغوها هم من طبقة «التكنوقراط» قليلو الحظ من علم الاجتماع الاقتصادي

خصخصة مؤسسات القطاع العام بناءً على وصفات «البنك الدولي» دون النظر وبتعمق شديد للآثار الاجتماعية والاقتصادية على كافة الطبقات الاجتماعية خاصة الطبقات المتوسطة وما دونها، التي تؤدي إلى سيطرة كبار التجار على مفاصل اقتصاد الدولة، مما يمكنهم – على المدى البعيد – من التدخل في الشؤون السياسية الداخلية والخارجية وفقًا لمصالحهم المباشرة, إلى جانب اتخاذ إجراءات تعسفية كفصل العديد من العمال والموظفين – من أبناء الدولة – وتهديد مستقبلهم مقابل الاستعانة بعمالة أجنبية بأجور أرخص – ظاهريًا - من تكلفة العامل المواطن، ولو كان ذلك على حساب الاقتصاد الكلي للدولة . من هنا أرى الضمانة الوحيدة لتحقيق ثمار «الخصخصة» إلى أقصى حد، وتلافي النتائج الوخيمة لها، يكمن باحتفاظ «الدولة» بنسبة 100% من ملكية المشروع بعد التخصيص، وذلك إذا كان المشروع ذا مساس مباشر برفاه المواطنين ورغد عيشهم كالصحة والغذاء والتعليم. و احتفاظها – الدولة – بنسبة لا تقل عن 51% من ملكية المشروع في القطاعات الأخرى.

ضد «الخصخصة» بوجه عام، بل إنني أعتبرها مطلب ملح لرفع الكفاءة الإدارية والفنية في التشغيل وتحسين مستوى الإنتاج، ولتخفيف الأعباء الإدارية والمالية على الحكومات، التي يجب أن تتفرغ للأعمال والمهام الأساسية الكفيلة بضمان أمن واستقرار ورفاه الشعوب. ومالم يتزامن مع برامج الخصخصة برامج موازية لتطوير وتعزيز مؤسسات المجتمع المدني، فإن قافلة التنمية ستتعثر، بل قد يتمخض عنها نتائج قاسية، وأتوقع أن تجربة الدول الاسكندنافية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية جديرة بالدراسة للاستفادة من إيجابياتها الماثلة للعيان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق