في أواسط القرن الثامن عشر بدأت بوادر الثورة الصناعية في أوروبا والتي مهدت لبداية عصر الآلة وإحلالها محل القوة الجسمانية للبشر، وكان لتلك الثورة الصناعية في آلالات الإنتاج أثر كبير في تطور البشرية إلى الآن، فقد ازدهرت الصناعة والزراعة وانتشر العمران وتحسنت إلى حد كبير اقتصاديات الدول الأوروبية.
ولكن كان لتلك الثورة الصناعية عوارض كارثية حيث انقسم المجتمع الأوروبي إلى مجتمع رأسمالي يتكون من أصحاب المصانع والمؤسسات التجارية والصناعية ورؤوس الأموال من حملة السندات الكبار، في مقابل طبقة العمال والفلاحين النازحين من الريف الفقير أملاً في الحصول على فرصة عمل في مصانع المدن، وهذا أوجد فوارق اجتماعية نتج عنها دعوات تدعو إلى تقليص تلك الفوارق والعمل على تحسين بيئة العمل والأجر المناسب للعمال، وهو ما مهد إلى ظهور الأفكار الاشتراكية والشيوعية والتي وجدت تجاوباً واسعاً لها من طبقة العمال والفلاحين الأمر الذي مهد إلى قيام الثورة الشيوعية في روسيا 1917.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وجدت أوروبا الرأسمالية أن العدو الرئيسي لها هو روسيا (الاتحاد السوفيتي سابقاً) ليس لقوته العسكرية ولكن لأن شيوع الأفكار الإشتراكية في بلدانها خطر عظيم يقوض النظام الرأسمالي ويقضي عليه ولهذا أخذت أوروبا بعدة تدابير عرفت لاحقاً “بدولة الرفاه” وهي أن تجعل المواطن الأوروبي لا يحتاج إلى شيء يجعله يفكر في اعتناق الأفكار الاشتراكية، وعليه فقد ظهرت تشريعات الضمان الاجتماعي وتأمينات العمال من الأمراض والحوادث، ومنح العمال والنساء حق التصويت الانتخابي وإعانات البطالة وإلى كثير من التشريعات التي تنازلت عنها الرأسمالية الأوروبية مكرهة وخوفاً من تغلغل الأفكار الاشتراكية.
ولكن كان للرأسمالية الأوروبية وجه استعماري استنزف موارد دول المستعمرات ونشرت فيها مبادئها التي جعلت من مواطني الدول المستعمرة عبيداً لدى وكلائها من العملاء المحليين ولهذا ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى بدأت موجة التحرر الوطني،، التي لم تكن استقلالا سياسياً فقط بل تحرراً من قيود الرأسماليه الجائرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق