الأربعاء، 14 أبريل 2021

غزل في الله أم في العشيق


Apr 15, 2019

لو جردنا الشعر الصوفي من سياقه الديني، سنجده يتلاقى مع تيمة الحب العذري، كما "قيس وليلى" و"جميل وبثينة"، و"كثير وعزة"، هذا الحب المبنى على الحرمان، الذي يَحُولُ المجتمع بين طرفيه، ويبذل المحبون التضحيات ويخوضون التحديات من أجله، ويصبح خلاله لقاء الحبيبين بالروح أقوى وأوثق من الاتصال المادي

الإفصاح بالحب بين العشاق من رجال ونساء قد يمثل خطورة عليهم، بسبب الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تقيد بعض صور الحب، فيضطرون لكتمانه، وكذلك يكتم الشبلي حبه لله، لأنه يعلم أن الطريقة التي يحبه بها والتي تحوي عقيدة لو ظهرت ستمثل خطورة على حياته، كما حدث لرفيقه الحسين بن منصور الحلاج (تـ 309هـ - 922م)، الذي أعدم نتيجة أشعاره التي أباح فيها بعقيدته التي اصطدمت بمذهب أهل السنة، وتحديدا فيما يتعلق بالحلول والاتحاد.

ويرجح أستاذ الفلسفة عبدالرحمن بدوي في كتابه "شطحات الصوفية"، أن الشبلي هو أول من نبه الصوفية لكتمان أسرارهم مع الله، بعدما رأى مصير الحلاج، حيث يقول: "أنا والحلاج في شيء واحد، فخلصني جنونه وأهلكه عقله".

نفس المعنى نلحظه عند السهروردي المقتول (تـ1191م)، الذي اتهم بالزندقة أيضا بسبب تصوفه وأشعاره، وقتل نتيجة حبه، حيث يقول:
وَا رَحمةً للعاشِقينَ تَكلّفوا ... ستر المحبّةِ والهَوى فَضّاح
بِالسرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم ... وَكَذا دماءُ العاشِقينَ تُباحُ
ولكنه يطلب العذر لهم، لأن عشقهم أقوى من أن يكتم:
لا ذنب للعُشّاق إِن غَلَبَ الهَوى ... كِتمانَهُم فَنَما الغَرامُ فَباحوا
سمحوا بِأَنفُسِهم وَما بَخِلوا بِها ... لَمّا دَروا أَنّ السَّماح رَباح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق