الاثنين، 19 أبريل 2021

أنصار العلمانية في الهند هم أنفسهم أعداؤها إذا كانوا أغلبية.

 يروج الإسلاميون في ما بينهم في الدول التي يمثلون فيها أغلبية أن العلمانية معادية للدين وأن الدين والدولة لا ينفصلان، وأن الإسلام منهج حياة اجتماعي واقتصادي وأخلاقي فهو كل لا يتجزأ، من أجل فرض عقيدتهم وثقافتهم الدينية على جميع الأقليات الأخرى بل يطالبونها بالاندماج، أما في البلدان التي يمثلون فيها أقلية فتراهم يستنجدون بالعلمانية لكي تحميهم. وهذا يعني بكل بساطة أن الإسلاميين يريدون العلمانية عندما يحتاجون إليها لحماية أنفسهم ويرفضونها عندما تكون مطلبا لحماية غيرهم.

ورغم أن عدد المسلمين في الهند يفوق 180 مليون نسمة، إلا أنهم يظلون في حكم الأقلية وسط مليار من الهنود. ولطالما كان تمثيلهم السياسي كمجموعة سيئًا للغاية. واعتبارًا من هذا العام يشغل المسلمون 27 مقعدًا فقط من أصل 543 مقعدًا في البرلمان، وهو ثاني أقل عدد من المقاعد منذ السبعينات.

 لخص هذا التناقض عالم الاجتماع العراقي د. علي الوردي (1913 – 1995) عندما قال “لو خيّروا بين دولتين علمانية ودينية، لصوتوا للدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية”، فهم يريدون ثمار العلمانية من مساواة وفرص وعدم تمييز في البلاد التي يعيشون فيها وفي نفس الوقت يريدون فرض معتقداتهم الدينية على الآخرين في بلادهم!

يرى مراقبون أن ما يحدث في الهند يرجع إلى إرادة مودي في إعادة تشكيل الهند العلمانية وتحويلها إلى دولة أصولية هندوسية، إلا أن هذه الإرادة ليست كافية لإحداث ذلك التحويل، إذ أنه من اللازم وجود تيار أصولي يقاوم تياراً علمانياً يكون عاجزاً عن المقاومة. 

كشمير 

تتعدد تعريفات العلمانية لكن أكثرها اتساقًا واتفاقًا في أغلب بلدان العالم تعريفها على أنها فصل للدين عن الشؤون المدنية، وهذا يعني بالتبعية عدم تدخل الجماعات الدينية في شؤون الدولة، وبالمقابل لا تتدخل الدولة في الشؤون الدينية.

أجبرت عودة حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة الإسلاميين الهنود على التفكير بجدية حول مستقبلهم في الهند والخيارات السياسية المتاحة أمامهم، فبعد أن كانوا خزانا انتخابيا للأحزاب العلمانية في الهند بدأ التفكير بجدية في ضرورة تشكيل كيان سياسي مستقل وموحد يمثلهم في البرلمان الهندي بدل تواجدهم في البرلمان تحت رايات أحزاب أخرى.

ففي تركيا مثلا قاد حزب العدالة والتنمية الإسلامي منذ وصوله إلى السلطة في 2002 جهود تقويض مبادئ العلمانية الأتاتوركية ولنا في ذلك أمثلة متعددة؛ من تغيير مناهج التعليم وإضفاء صبغة دينية إلزامية عليها، إلى تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد رغم وجود 84 ألفا و684 مسجداً في عموم البلاد بحسب الإحصائيات الرسمية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق